ترك الدمار الذي أحدثته جائحة الطاعون قبل نحو 700 عام، علامة جينية مذهلة على البشرية لدرجة أن انتشار هذا المرض ما زال يؤثر في صحتنا حتى الآن، وفقاً لما ذكرته دراسة جديدة. وبحسب شبكة «بي بي سي» البريطانية، يعد الطاعون، الذي يعرف أيضاً باسم «الموت الأسود»، من أكثر اللحظات دموية وكآبة في تاريخ البشرية. وقد قضى على نصف سكان أوروبا في غضون سبع سنوات في القرن الرابع عشر. وقد وجدت الدراسة الجديدة، التي قامت بتحليل الحمض النووي المأخوذ من أسنان 206 من الهياكل العظمية القديمة الموجودة في لندن والدنمارك، طفرات في جين يسمى «ERAP2»، ساعدت الناس على النجاة من الطاعون؛ حيث أنتجت هذه الطفرات بروتينات قامت بتفتيت الميكروبات الغازية وعرض الشظايا على الجهاز المناعي، ما جعله أكثر فاعلية في التعرف على المرض وتحييده. لكن تلك الطفرات نفسها مرتبطة بأمراض المناعة الذاتية التي تصيب الناس اليوم، وفقاً للدراسة. ومن أشهر هذه الأمراض المناعية، داء كرون، وهو نوع من أمراض الأمعاء الالتهابية التي تسبب التهاباً مزمناً في الأمعاء؛ خصوصاً في الأمعاء الدقيقة، والتهاب المفاصل الروماتويدي، وهو مرض يدفع الجهاز المناعي لمهاجمة المفاصل، مسبباً التهابات وتدميراً لها، كما أنه قد يدمر أيضاً أعضاء أخرى في الجسم مثل الرئتين والجلد. وقال مؤلف الدراسة، البروفسور لويس باريرو، من جامعة شيكاغو: «يأتي نحو 1-4٪ من الحمض النووي البشري الحديث من أسلافنا. وهذا الميراث الناتج عن مرض الطاعون ربما تسبب في زيادة فرص بعض الأشخاص اليوم في الإصابة بأمراض مناعية، بل وربما أثر في قدرة مناعتنا على الاستجابة للأمراض، بما في ذلك كورونا». وأضاف باريرو: «استنتاجنا هو أن تلك الطفرات التي طوّرها أسلافنا في الماضي لا تزال تؤثر في قابليتنا للإصابة بالأمراض اليوم، بطريقة مفاجئة ومذهلة للغاية». وتم نشر الدراسة الجديدة في مجلة «نيتشر» العلمية.
مشاركة :