أفادت مصادر عدة بأن مرافق صحية في مدينة الدمازين، عاصمة إقليم النيل الأزرق جنوب غربي السودان، استقبلت أمس عشرات القتلى والجرحى، في تجدد الاقتتال القبلي في محافظة ود الماحي منذ أيام، بينما نقلت وسائل إعلام محلية، عن مصادر طبية، تجاوز أعداد الضحايا 100 قتيل وإصابات يجري حصرها، ولم يصدر أي تعليق من قبل حكومة الإقليم. وقالت مصادر محلية لــ«الشرق الأوسط» إن المدن السكنية حول محافظة ود الماحي تتعرض منذ أول من أمس (الأربعاء)، لهجوم متواصل بالأسلحة النارية واستهداف مجموعة سكانية بعينها، أسفر عن مقتل كثير من أفرادها بطريقة بشعة، وأدى إلى نزوح الآلاف إلى منطقة قنيص في محلية الرصيرص. ووفقاً لشهود عيان تحدثوا للصحيفة، فإن أعداداً كبيرة من القتلى والمصابين، من الرجال والنساء والأطفال، وصلت صباح أمس إلى المستشفى الملكي ومرفق صحي ود الشافعي بعاصمة الإقليم. وشهدت الدمازين أمس، تظاهرات وإغلاقاً للطرق بالمتاريس؛ احتجاجاً على تجدد النزاع القبلي الذي شهده الإقليم قبل 3 أشهر، وخلف مئات القتلى والجرحى. ونقلت صحيفة «السوداني» عن محافظ محلية ود الماحي، العمدة عبد العزيز الأمين، أن الإحصائيات الأولية للقتلى بلغت نحو 150 من الفئات العمرية المختلفة، وأن ما حدث أشبه بالإبادة الجماعية. وأضاف أن أحد المكونين القبليين هجم مساء أول من أمس على أحياء بالمدنية، وشرع بأعمال القتل بالأعيرة النارية والأسلحة البيضاء. وقالت المصادر ذاتها إن السلطات نشرت قوات كبيرة من الجيش حول محافظة ود الماحي؛ لوقف الاقتتال واستعادة الأمن، وتعمل السلطات على عزل تلك المناطق تحسباً لوقوع هجمات على المواطنين. وفي موازاة ذلك، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ بشأن تجدد النزاع في إقليم النيل الأزرق أخيراً، وتصاعد العنف في لقاوة بولاية غرب كردفان. وقالت، في بيان، «السلام المستدام لن يكون ممكناً دون حكومة ذات مصداقية تضطلع بكامل مسؤولياتها، وتضع احتياجات المجتمعات المحلية كأولوية، بما في ذلك الأمن، وتعالج الأسباب الجذرية للنزاع». وأفاد شهود عيان بأن الأوضاع في ود الماحي والمناطق السكنية المحيطة بها لا تزال محتقنة، وتتزايد حدة التوترات والانفلات الأمني في ظل غياب واضح للحكومة المحلية؛ ما ينذر بوقوع كارثة إنسانية. وكانت الأمم المتحدة حذرت، مع تجدد الاقتتال، من احتمال وقوع هجمات انتقامية في أي وقت. وفي أغسطس (آب) الماضي وقع زعماء القبائل على اتفاق وقف الأعمال العدائية في جميع أنحاء الإقليم. وأسفر تجدد النزاع القبلي، الأسبوع الماضي بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، عن مقتل 13 شخصاً وإصابة ونزوح نحو 1200 شخص، لجأوا إلى مخيم لاجئين وعدد من المدارس. وشهدت مناطق واسعة من الإقليم في يوليو (تموز) الماضي اشتباكات دامية بين مجموعتين سكانيتين، قُتل خلالها أكثر من 300 وأُصيب المئات، كما أدت الأحداث إلى موجة نزوح واسعة. وكانت السلطات المحلية أعلنت فرض حظر التجوال في المحافظة، ومنعت التجمهر وحمل السلاح والهراوات. وتقع محافظة ود الماحي نحو 30 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة الرصيرص، ثاني أكبر مدن الإقليم، والتي تأثرت بشدة في الأحداث السابقة. وفي وقت سابق، أفاد مكتب الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة بأن العاملين في المجال الإنساني لا يستطيعون الوصول إلى مناطق النزاع القبلي، كما وردت تقارير من فرق ميدانية في منظمة الهجرة الدولية بطرد مجموعات كبيرة من قبيلة «الهوسا» من المحافظة. من جهة ثانية، أشارت مفوضية العون الإنساني (حكومية) إلى أن استمرار تصاعد العنف بين قبيلتي المسيرية والنوبة في محلية لقاوة بولاية غرب كردفان، أدى إلى مقتل 19 شخصاً وإصابة 43، وأكثر من 36 ألف نازح لجوء إلى قاعدة للجيش السوداني. وكان الجيش السوداني اتهم «الحركة الشعبية»، فصيل عبد العزيز، الأربعاء الماضي، بقصف أحياء في مدينة لقاوة بغرب كردفان.
مشاركة :