قد يستغرب البعض من العنوان متسائلا وهل للروح ذكاء؟ يعلم الجميع أن هناك أنواعا كثيرة من الذكاء، لكن البعض لا يعرف الذكاء الروحي spiritual intelligence الذي يرى العلماء أنه أساس أنواع الذكاء الأخرى وأهمها، وذلك لقدرته على تغيير حياة الإنسان وبالتالي تغيير كل شيء حوله، وهو القدرة على ترجمة القيم والمبادئ بسلوك إنساني متوازن، محققا السيطرة على النفس والشعور بالسلام الداخلي وتكوين الذات. يعرف الذكاء الروحي بأنه القدرة على التصرف بحكمة وعاطفة أثناء التأكيد على السلام الداخلي والخارجي، أي الاتزان بغض النظر عن الظروف، وبالتالي فإن له القدرة على تغيير مسار حياة الإنسان لتعلقه بكيفية اكتساب الصفات وتنميتها محققا للشخص فهم نفسه وتطويرها، فالأشخاص الذين يمتلكون الذكاء الروحي يتميزون بأنهم يحملون قيما أخلاقية واجتماعية كثيرة، ويظهر هذا جليا في أماكن العمل، فتجد الموظفين الذين يمتلكون هذا النوع من الذكاء هم أكثر الموظفين قدرة على التعامل مع ضغوط العمل، متميزين بالنزاهة وحب الآخرين والتعاطف مع زملائهم وحريصين على مساعدتهم، ويعدون أكثر الموظفين قدرة على الإنجاز وتحقيق الأهداف. يمكن فهم الذكاء الروحي بشكل أفضل من خلال معرفة المكونات التي يقوم عليها، ويأتي الوعي بالذات في مقدمتها وإدراك أن العالم المادي جزء من حقيقة أكبر تربطنا بها علاقات. ثم فهم حقيقة الروح وأنها من أمر الله سبحانه وتعالى، "يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا". ومن مكوناته قدرة الإنسان على أن يتسامى على المفاهيم المادية المجردة، وأن يعيش حياته تبعا لعقيدة سليمة نقية ومثل عليا، وأن يكون متواضعا مدركا لحجمه الحقيقي في هذا الكون المليء بالكائنات الأخرى، وأن يتقبل الآخر، وإن كان مختلفا عنه، وأن يكون الشعور بالسعادة نابعا من الذات أي من الداخل. هناك عديد من الطرق لتنمية الذكاء الروحي منها إدراك الصورة كاملة وعمق التفكير في إعجاز صنع الإنسان، ثم وضع معايير وأخلاقيات تحكم السلوك على مستوى الأسرة والمجتمع، وأن يجعل الإنسان لحياته وأهدافه تصورا واضحا يطبقه على نفسه وعلى الآخرين، وأن يعود نفسه على امتلاك روح الدعابة مدخلا السرور على نفسه ومن حوله. دراسة علمية أجريت في جامعة الجوف في المملكة أثبتت أن هناك علاقة ارتباطية موجبة بين الذكاء الروحي ومعدل الطالبات التراكمي.