بنوك البذور تساعد المزارعين على مواجهة تغيرات المناخ

  • 10/21/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تواجه البشرية مخاطر التغيرات المناخية وآثارها على مستقبل حياتهم، لذلك تحاول بنوك البذور مثل بنك “فيوتشر سيدز” في كولومبيا الحفاظ على سلالات البذور من خلال البحوث المتواصلة لمساعدة المزارعين على التكيّف مع تغير المناخ وحماية أنظمة الغذاء العالمية المقاومة للصدمات. كالي (كولومبيا) – أشار المهندس الزراعي الكولومبي خافيير جيريدا بفخر إلى نبات الفول القوي والشتلات الخضراء التي أمضى السنوات السبع الماضية في إنقاذها من النسيان الزراعي. وقال مبتسما، وهو يقف بجانب صف من الثلاجات عالية التقنية في بنك بذور مشهور عالميا يستخدم علم الوراثة لمساعدة المزارعين على التكيف مع تغير المناخ وأنظمة الغذاء العالمية المقاومة للصدمات، “هذا ابني وإخوته. هذا هو النوع الوحيد من هذه الفاصوليا التي توجد خارج موطنها الأصلي في كوستاريكا، حيث اختفت منذ سنوات. نحن المصدر الوحيد للأنواع المنقرضة مثل هذه”. ونجح تخزين البذرة التي زرع منها جيريدا نباتاته في أكبر مكتبة وراثية في العالم للفاصوليا والكسافا (شجيرة خشبية موطنها أميركا الجنوبية) والأعلاف الاستوائية، والتي جُمعت وحُفظت منذ السبعينات، وفقا للمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية. البنك وزع أكثر من 500 ألف عينة بذرة على 142 دولة في جميع أنحاء العالم منذ عام 1973 وتدير المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية والمركز الدولي للزراعة الاستوائية بنك جينات فيوتشر سيدز بالقرب من مدينة كالي جنوب غرب كولومبيا. ويقول الخبراء، إن زيادة الطلب على الغذاء بسبب تزايد عدد السكان وانخفاض إنتاج المحاصيل بسبب تدهور التربة والطقس الأكثر سخونة والأكثر حدّة يعني أنه يجب على الباحثين تربية أنواع محاصيل أكثر مرونة. ويضمّ البنك مجموعة من 67 ألف عينة مخزنة في صفوف من الرفوف الفولاذية المبطنة بأنابيب اختبار زجاجية في ثلاجة ضخمة مبردة عند درجة حرارة لا تتجاوز 20 درجة مئوية بعد تجفيفها في عبوات محكمة الإغلاق. وقال جو توهم، عالم الوراثة الذي يرأس أبحاث البنك حول محاصيل التغذية والصحة، “إنه تأمين للمستقبل”. واعتاد العالم على أكثر من 6 آلاف نبتة مختلفة ولكنه خسر 75 في المئة من تنوع المحاصيل في القرن الماضي. ويقول خبراء الأمم المتحدة، إننا نحصل الآن على حوالي 40 في المئة من السعرات الحرارية من ثلاثة محاصيل رئيسية هي الذرة والقمح والأرز. وهذا يعني أن الإمدادات الغذائية معرضة للخطر إذا تسبب تغير المناخ أو الحرب في إتلاف المحاصيل. وسلّط الصراع في أوكرانيا الضوء على هشاشة سلاسل الإمداد الغذائي التي يمكن أن تؤدي عند الانقطاع إلى ارتفاع الأسعار وانتشار الجوع. مع المزارع لدرء الكوارث مع المزارع لدرء الكوارث لكن بنك البذور يحمل أسرارا وراثية يمكن أن تساعد المزارعين على التكيّف مع ارتفاع درجات الحرارة والظروف الأكثر جفافا أو رطوبة من خلال زراعة محاصيل مغذية وأكثر مقاومة وذات إنتاجية أعلى كوسيلة لمعالجة الجوع وسوء التغذية. ولا يجد واحد من كل تسعة أشخاص ما يكفي من الغذاء اليوم، بينما من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 9.8 مليار بحلول 2050. ويقول الخبراء، إنه مع تزايد فقدان التنوع البيولوجي على مستوى العالم بسبب التنمية الحضرية والنمو السكاني وإزالة الغابات، فإن الحفاظ على أنواع النباتات لمنعها من الانقراض يصبح أمرا حيويا. كما تسبب ارتفاع درجات الحرارة في ظهور آفات وأمراض جديدة وغير متوقعة تدمّر المحاصيل. وقال جو توهم، “إن أكبر تهديد يواجه الأمن الغذائي هو تغير المناخ. إنه تهديد وجودي. يمكن أن يسمح لنا بنك البذور بمعالجة المشاكل والمخاوف قصيرة وطويلة الأجل مثل تغير المناخ وسوء التغذية والتهديدات المستقبلية”. وفي مختبرات بنك البذور، يدقق الباحثون في المجاهر لإعداد كل بذرة للتخزين أو البحث، واختيار المثلى والتخلص من التالفة. وقال الباحث في المركز الدولي للزراعة الاستوائية لويس وليام سانتوس، “نبحث في تجمع الجينات عن سمات خاصة، أي بذور يمكنها العيش في درجات حرارة عالية أو مع نقص المياه أو الكثير من الماء. نختار الأفضل من الأفضل”. فاصوليات متنوعة فاصوليات متنوعة ويقدم البنك عيّنات بذور مجانية للباحثين والمزارعين، وغالبا ما تتطلع التعاونيات الزراعية إلى زراعة البذور التي استخدمها أسلافهم أو أصناف أكثر مقاومة. ويصل حوالي 100 طلب بريد إلكتروني من الباحثين والمزارعين كل عام لعينات الفاصوليا الموجودة في المجموعة. وقال سانتوس، “يعرف بعض المزارعين البذور التي يريدونها، تلك التي استخدمها أجدادهم من قبلهم. أو يمكننا اقتراح البذور التي يجب استخدامها وفقا لظروفهم المحلية”. وأضاف، أن البنك وزع أكثر من 500 ألف عينة بذرة على 142 دولة في جميع أنحاء العالم منذ عام 1973. وطوّر العلماء الذين يستخدمون البذور من بنك الجينات على مدى عقود أنواعا أكثر مقاومة وتغذية، وهو أمر حيوي، لأن فقدان الأرض للتنوع الجيني يعني أن المحاصيل أقل مقاومة للأمراض والأنواع الغازية والآفات وفقدان الموائل وتغير المناخ، حسب الباحثة في المركز الدولي للزراعة الاستوائية نورما مانريكي. وقالت إن “البنك هو وسيلة لحماية التنوع البيولوجي والحفاظ على التنوع البيولوجي للمحاصيل التي فقدت بالفعل في موطنها الأصلي. هذه البذور هي الحل. هذا كنز لا يمكنك جمعه مرة أخرى، إنه فريد من نوعه”. وشهدت إحدى قصص النجاح استخدام البذور التي جُمعت منذ عقود من الإكوادور وغابات الأمازون المطيرة في كولومبيا لإنتاج مجموعة متنوعة من الكسافا المقاومة للخط البني، وهو مرض منتشر في أجزاء من أفريقيا ويقلل من المحاصيل الأساسية. وتحدّث جو توهم عن تحديد أنواع أخرى من الفول تحتوي على مستويات أعلى من الزنك والحديد، مما يساعد في معالجة سوء التغذية والجوع. بذور مهددة بالانقراض بذور مهددة بالانقراض ويتضمن استخراج المعلومات الموجودة في البذور دراسة الحمض النووي وتسلسل الجينات، وهي عملية فك الشفرة الجينية للنباتات وترجمتها. وفي مبنى بنك جينات فيوتشر سيدز الجديد الذي سيبدأ العمل بكامل طاقته في ديسمبر القادم، يستفيد العلماء من علم الجينوم ودمجه مع تكنولوجيا البيانات الضخمة لتطوير محاصيل أكثر مرونة. كما يساعد استخدام الذكاء الاصطناعي العلماء في تسريع تحليل المحاصيل، مما يجعل إنتاج أنواع جديدة من النباتات قادرة على التكيف مع الظروف القاسية بشكل أسرع. وقال جو توهم “إنها مكتبة تحتاج إلى ترجمة، وتستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي لتخزين البيانات”. وقالت عالمة الأحياء مونيكا كارفاخال، التي تدير بنك فيوتشر سيدز الرقمي، إن الأمر “يشبه امتلاك جواز سفر رقمي.. بنك للمعرفة للوصول إلى التنوع البيولوجي من خلال استخدام البيانات. يجب اكتشاف السر الذي يختبئ في البذور. أنت تبحث عن الأسرار حسب احتياجاتك”. وقال جو توهم إن بنك الجينات يهدف أيضا إلى تدريب جيل جديد من العلماء من خلال إقامة شراكات بحثية جديدة مع الجامعات المحلية والدولية. واعتبر أن “التحدي يكمن في الحفاظ على المجموعة. ويتطلب التزاما من جيل إلى جيل. ويجب الحفاظ عليه إلى الأبد”.

مشاركة :