نبدأ جولة في الصحف البريطانية من الإندبندنت وتقرير لمراسلها بورزو داراغي، بعنوان: «كيف ندافع عن هذا؟.. المحافظون المتدينون يتحدثون ضد النظام الإيراني». ويشير الكاتب الى أن شريحة كبيرة من المحافظين الدينيين والمتشددين في إيران يقفون إلى جانب النظام، لكن وفاة أميني وتعامل الحكومة مع تداعيات ذلك أديا «إلى انشقاق كبير داخل المعسكر المحافظ». ويضيف أن البعض من كبار المسؤولين انتقد علناً تطبيق قانون الحجاب الإلزامي الذي دفع إلى اعتقال أميني وغضب الإيرانيات. أما خارج النخبة السياسية فيقول إنه كان هناك المزيد من المعارضة والاشمئزاز. ونقل داراغي قصة وحيد خوراميان، مهندس إيراني وشخصية بارزة على وسائل التواصل الاجتماعي، الذي أمضى السنوات الخمس والعشرين الأخيرة من حياته مخلصاً للإسلام وقيم جمهورية إيران الإسلامية. وخوراميان هو عضو في «حياة»، وهي إحدى شبكات اللجان الدينية في الأحياء التي تنظم مراسم حداد منتظمة لإحياء ذكرى الإمام الحسين. لكن على مدى الأسابيع الخمسة الماضية، كان يعاني بحسب الصحيفة، من أزمة ضمير وهو يراقب إيران وهي تنزلق الى الأحداث التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني، بعد اعتقالها من قبل شرطة الآداب وموجات الاحتجاج اللاحقة. ونقلت الإندبندنت عن خوراميان، خلال مناقشة عامة على تويتر، قوله بينما شاهده الآلاف: «القمع هو القمع، سواء قامت به أمريكا، أو إسرائيل، أو الجمهورية الإسلامية». وأضاف: «ما تعلمته في حياة امتدت على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية هو أن أقف ضد الظلم وليس مع الظالم». ويقول خوراميان، الذي قال إنه تحدث مع العشرات من أعضاء «حياة» منذ الانتفاضة: «يقول الرجال المحافظون إن هؤلاء الناس، بأفعالهم، قد أهانونا نحن أيضاً. كيف ندافع عن هذا؟»، بحسب الإندبندنت. وقال أمير، وهو طالب العلوم السياسية الذي ينحدر من عائلة محافظة، في مقابلة مع الصحيفة عبر الهاتف: «الجميع يقول إنه لا يمكنك أن تكون مع هذه الحملة. حتى المتدينون لديهم هذا الرأي. لديهم انتقاد للحكومة والطريقة التي تسير بها الأمور». ويعتقد الكاتب من جهته أن قياس مواقف المحافظين الإيرانيين وأنصار النظام السابقين يعد أمراً بالغ الأهمية لتحديد النتيجة المحتملة لموجة الاحتجاجات، إذ تؤدي معظم الانتفاضات الشعبية إلى «تغيير سياسي جوهري في الدول الاستبدادية فقط بعد أن تنقلب فصائل النخبة وقواعد أنصارها القدامى ضد النظام». ويضيف أن عدة مؤشرات تشير إلى أن قاعدة الدعم الشعبية للنظام الإيراني تتراجع منذ سنوات، إذ تضاءل إقبال الناخبين في الجولتين الأخيرتين من الانتخابات الوطنية بشكل كبير. عدة جولات من الاحتجاجات منذ عام 2017 قادها فقراء البلدات الصغيرة المتدينون والطبقات العاملة، الذين اعتبروا منذ فترة طويلة ركائز النظام. ويقول علي رضا مصطفي، وهو مضيف غرفة الدردشة الشعبية التي تجمع بين الإيرانيين من مختلف الانتماءات السياسية، بما في ذلك المحافظون المتدينون والإصلاحيون داخل البلاد، وخصوم النظام المقيمون في الخارج للإندبندنت: «عندما ترى امرأة ترتدي الشادور الكامل وامرأة بلا حجاب تتظاهران معاً في الشارع، ينتهي دور الأخلاق [الشرطة]». ويقول سيد حسن أغميري، وهو رجل دين إيراني أزاله النظام من منصبه قبل عدة سنوات، في منتدى على الإنترنت: «الناس تحت ضغط اقتصادي، وهم تحت ضغط نفسي أيضا. ويستمرون في الضغط عليهم أكثر»، بحسب ما نقلت الإندبندنت عنه. ويشير الكاتب إلى أن النظام الإيراني يواصل إصراره على وصف الاحتجاجات بأنها مؤامرة أجنبية تم طهيها، أو على الأقل، تحريضها من قبل القنوات الفضائية الدولية التي يمولها أعداء طهران والحكومات الأجنبية.. إلا أن بعض المحافظين الإيرانيين انضموا إلى السخرية من مثل هذه الادعاءات. ويشك كثيرون، بحسب الكاتب، في أن استراتيجية النظام تتمثل في خلق فوضى في الشوارع ورفع مستوى العنف إلى درجة تخويف معظم المتظاهرين، ومن ثم إعادة شرطة الأخلاق و«إعادة بناء صرح الخوف والعنف الذي يمنع الإيرانيين الذين يحتقرون النظام من الانخراط في العصيان المدني». ويشير الى أن أولئك الذين يعرفون عقلية المتشددين متشائمون بشكل عام بشأن ما إذا كانت الاحتجاجات ستؤدي إلى تغيير سياسي، وفي النقاشات والمنتديات العامة حذروا من الاستهانة بقوة النظام وقسوته.
مشاركة :