أتى مشروع الابتعاث الخارجي إلى الجامعات العالمية المرموقة كأحد أبرز معالم وخطط التنمية في بلادنا، اليوم أسهمت وتُسهم مخرجات هذا المشروع الوطني العظيم في حمل المشروع التنموي 2030 الذي يخطط له ويقوده بروح وحماس الشباب سمو ولي العهد وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين. قبل 45 عاماً تم ابتعاثي إلى الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال دراستي العليا. في البدء شكل ركوبي لأول مرة الجامبو عابرة المحيطات انعطافة تاريخية حادّة في حياتي الشخصية. بعد مضي عامي الدراسي الأول في أمريكا بدأت رحلة عودتي للوطن في الإجازة الصيفية. وعند وصولي إلى مطار نيويورك اكتشفت أن رحلتي للرياض قد أقلعت قبل ساعة من وصولي، أسقط حينها في يدي، وعندما لاحظ موظفو الخطوط الجوية ارتباكي حجزوا لي رحلة إلى الرياض في اليوم التالي، كما حجزوا لي فندقاً، ورتبوا مواصلاتي من وإلى الفندق. تنفست الصعداء، ومضت الأمور كما يرام حتى وصلت إلى مطار الرياض القديم، وكان وقت وصولي الرياض الثانية ليلاً، فقررت أن أبات في فندق ثم أذهب إلى الأهل في صباح اليوم التالي، بحثت عن فندق للمبيت، أوصلني التاكسي إلى البطحاء الساعة الثالثة ليلاً، وسرت على الأقدام بحثاً عن فندق، وكانت صفارات العسس تخيفني من وقت إلى آخر. المهم وصلت إلى منزل أسرتي الساعة السابعة صباحاً. ومن أطرف ما يمكن ذكره هنا أن والدي دعا كل الجماعة إلى طعام الغداء، ولم يبقَ أحد من (الجماعة) إلا وأولم بكبشين بمناسبة عودتي، لم أشعر حينها أنني أثقلت على الجماعة مادياً، ولكنه العرف الاجتماعي الذي لا مناص من الخضوع له. اليوم عاد ابني من أمريكا بعد أن أنهى دراسته العالية ولم يعلم أحد بعودته سوى والديه وإخوانه وأخواته.
مشاركة :