حكم الشرع ولو كره ملالي طهران

  • 1/12/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم تزل وقائع القصة التي سأرويها حاضرة في أذهان الكثير منا، فقبل نحو 10 سنوات أو تزيد، وعندما كان الملك سلمان أميرا للرياض، حدث أن أحد أحفاد الملك عبدالعزيز قام بقتل أحد المواطنين -مواطن عادي ليس ابن أمير ولا وزير- ووفق الأنظمة أحيلت القضية إلى القضاء، فجاء الحكم بالقصاص من الأمير القاتل، وكعادة المجتمع السعودي هرع الجميع لإنقاذ رقبة المحكوم بالقصاص، فذهبوا للوساطة إلى والد المجني عليه، لكنه رفض الدية، وتمسك بتطبيق الشرع، فطرقوا باب الملك سلمان في الإمارة، فما كان منه إلا أن قال قولته الشهيرة التي تناقلها الجميع آنذاك "ليس أمامي إلا تنفيذ حكم الشرع، وليس أمامكم إلا والد المجني عليه، فإذا رفض سوف أنفذ حكم الله"، وبالفعل اقتيد الجاني إلى ساحة القصاص، فلما سل القصّاص سيفه، رفع والد القتيل يده قائلا: "عفوت لوجه الله". ثم يأتي اليوم حفنة من فلول الدولة الفارسية يطالبون بتعطيل أحكام الشريعة بحجج واهية، فما إن نفذ حكم القصاص في المدعو نمر النمر -بالإضافة إلى 46 متهما آخر- حتى خرج علينا نباح إيران وأذنابها من كل حدب وصوب، يتطاولون ويتجرؤون على سيادة بلادنا الوطنية، بادعاء أنه سجين رأي! وبغض النظر عن كون هذا تطاولا مرفوضا من دولة بائسة جبلت على الفتن والوقيعة، فما وطأت قدمها بلداً إلا تركته خرائب تنعق فيها بوم الشؤم الإيراني الأسود، إلا أنه لم يحدث أن نفذ حكم القتل في بلدنا بتهمة الرأي، بل ينفذ القصاص في هؤلاء قطعاً لدابر فتنتهم وتحريضهم على القتل والإفساد في الأرض. إن هذه الدولة البائسة المدعوة إيران لا تستحي؛ فلقد نفذ القصاص في 47 مداناً بالإرهاب في تهم استغرقت سنين من القضاء السعودي في جلسات حكم طويلة، شهد الجميع وقائعها وعاشوا معها جلسة جلسة، وكل ذلك حرصاً من رجال قضائنا على أن يحصل كل متهم منهم على محاكمة عادلة، وحتى تكون هيئة المحكمة مطمئنة إلى الحكم، وحتى لا ينبح علينا هذا أو ذاك في حال إدانتهم ويقول لنا "إن المحاكمات فيها من العوار كذا أو كذا"، وقد استغرقت هذه المحاكمات سنوات طوالا، فهل كان ينتظر لحلقاتها ألا تنتهي؟! عفواً يا سادة، هذا قضاء المملكة، وليس مسلسلاً متعدد الأجزاء، تنسى أوله حين تصل إلى آخره، هذه دماء، دماء طاهرة زكية أريقت من دون حق، أرواح طاهرة لرجال أمن من فلذات أكبادنا، رملت نساؤهم، ويتم أبناؤهم، وفطرت قلوب آبائهم وأمهاتهم عليهم.. شبان أبرياء كل يوم يسقط منهم رجل كان يقف على ثغر من ثغور الوطن. هل كان ينبغي أن تقف بلادنا مكتوفة الأيدي وكل يوم يسقط لنا ابن من أبنائنا، كل جنايته في نظر هؤلاء القتلة أنه رجل أمن؟! كان على سيف العدل أن يأخذ مجراه، وأن يضرب عنق كل قتال أثيم قتل نفساً بغير حق، أو محرض نافخ في نار الفتنة. والعجيب، والمثير للسخرية والرثاء لحال ملالي إيران البؤساء، أن يبدؤوا فاصل النباح الجماعي هذا على بلادنا وولاة أمرنا في الفضائيات ووكالات الأنباء والصحف، من أجل إرهابيين نالا جزاءهما العادل من بين 47 إرهابياً، ويحاول ملالي إيران تصوير الأمر وكأنه اضطهاد للشيعة، إنا لله وإنا إليه راجعون، أليس الـ45 الباقون سنة؟! تراجعت أسهم إيران من المصداقية لدى شعوب العالم لأنها تصر بغباء نادر على استغلال هذا الشأن الداخلي لبلادنا، ونعيق تحاول التشويش به على أصوات الآخرين وتصوير الأمر وكأن هناك موقفاً من نمر النمر أو غيره لأنه شيعي، فهل يعلم أحد من إخوتنا الشيعة أن هناك من يستهدفهم لأنهم شيعة؟! هل هذا النظام الإيراني الرجعي أدرى بالشيعة من أنفسهم؟ هل لديه ما يقدمه لهم سوى الوقيعة والتحريض وادعاء حمايتهم، من ماذا؟ لا نعلم، ومساندتهم، ضد من؟ لا نعلم، فجميعهم إخوتنا وأصدقاؤنا وتربطنا بكثير منهم روابط عميقة ووثيقة، فقط النظام الإيراني الطائفي الفارسي المريض بأوهامه العرقية يسعى لصناعة هذه البلبلة، مستفيداً من عناصر في الداخل ينجح في استقطابها واستخدامها لتثويرهم وتحريضهم على التظاهر ضد الدولة وقتل رجال الأمن. لكن هذه السيناريوهات تصلح في دولة ضعيفة هزيلة، لا دولة يحكمها سلمان بن عبدالعزيز، سيف العدل البتار الذي لا تأخذه في الحق لومة لائم، ويقضي بالعدل حتى لو على نفسه، أو أحد من أهله، هكذا عرفناه عمراً طويلاً –حفظه الله-. ومن المثير للشفقة والسخرية أن يقيم ملالي إيران الدنيا ولا يقعدونها من أجل إعدام إرهابيين ثبتت عليهما تهمتهما، في الوقت الذي يعدم الناس في إيران على الرافعات من أجل مطالبات حقوقية أو قصيدة قد تفوه بها أحدهم! فإن كان هناك بلد يعدم فيه الناس على آرائهم، فهي هذه الدولة المارقة التي قامت على سفك الدماء والإرهاب، إرهاب مواطنيها، ثم إرهاب دول المنطقة، من أجل حلم دولة فارس المريضة التي يسعى مصاصو الدماء من ملاليها الجدد لإعادة سيرة مذابح الماضي. إن جميع أبناء هذا الوطن يعلمون جيداً، أنه لا أحد في هذه البلاد المباركة تزهق روحه إلا معتدياً، أما الدولة فالجميع بالنسبة لها مواطنون، يعلم هذا الشيعي من أبناء هذا الشعب قبل السني، يعلم أنه لم ينفذ حكم القصاص في أحد لأنه شيعي، فقط يختص من المعتدين والخارجين على القانون والمحرضين على القتال ونافخي نيران الفتنة، والفتنة أشد من القتل، وهذا أمر يعلم تفاصيله وفروعه المتبحرون من أهل العلم. لكن بعضهم يأبى إلا أن تكون فتنة تأتي على الأخضر واليابس، وتهدد أمن الناس وأمانهم في أوطانهم التي تعايشوا فيها إخوة، لا فرق فيهم بين سني ولا شيعي، ما شأننا نحن حين يتسنن هذا أو يتشيع ذاك، فما دام على الملة فهذا شأنه، فإن خرج عنها فلأهل العلم في شأنه تفصيل، لكن في جميع الحالات لا تهمة على الهوية في بلادنا، ولا تجريم على الإطلاق لمذهب أو حتى دين، فإذا كنا نقبل بغير المسلمين في بلادنا ويعيشون بيننا في أمن ومحبة لا نفرق بيننا وبينهم، فهل نعادي المسلم الشيعي لأنه شيعي؟! لقد أوقدت إيران نار الحرب، وعليها أن تطفئها، فنحن لسنا دعاة حرب، ولم نسع لها يوماً، لكننا في الوقت نفسه لا نتقيها إن فرضت علينا، لقد أرغى ملالي إيران وأزبدوا حتى هيجوا الشارع الإيراني على سفاراتنا وقنصلياتنا، وعلى الجميع الآن أن يدفعوا ثمن هذا التجاوز، ويعلموا أن المساس بمنشآتنا الدبلوماسية مكلف، وأنه قد يتسبب في حصارهم من جديد، سياسيا وعسكريا، ففي كل ميدان مواجهات لنا معها تتلقى هي وأذنابها هزيمة مذلة.

مشاركة :