نيويورك/الجزائر - تتوقع مصادر دبلوماسية أن يُصدر مجلس الأمن الدولي في نهاية الشهر الحالي قرارا مربكا للجزائر يدعوها صراحة إلى العودة إلى مسار التفاوض حول حل النزاع في الصحراء المغربية باعتبارها طرفا في الصراع المفتعل، فيما تتحرك الأمم المتحدة التي عينت وسيطا جديدا هو ستيفان دي مستورا، لاستئناف مسار ما يعرف بالطاولات المستديرة على أمل تذليل العقبات التي حالت حتى الآن دون تسوية سياسية للنزاع. وكان الوسيط الأممي السابق هورست كوهلر قد راهن على آلية 'الطاولات المستديرة' لكسر جمود النزاع المستمر منذ عقود. ويعتبر مجلس الأمن الدولي أنه لا بديل عن هذه الآلية والتي جمعت في ديسمبر/كانون الأول 2018 ومارس/آذار 2019 في جنيف كلا من المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو بوصفها الأطراف المعنية بالنزاع. لكن الجزائر التي وجدت نفسها معزولة بعد توالي الاعترافات الدولية والإفريقية والعربية بمغربية الصحراء وبأن لا تسوية سياسية للأزمة إلا عبر مقترح الحكم الذاتي الذي تطرحه المملكة، تحاول تعطيل تلك الآلية وترفض العودة للانخراط فيها وسط ارباك وطيلة شهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي الذي يشرف على نهايته، خصص مجلس الأمن الدولي نقاشا مستفيضا حول سبل دفع مسار التفاوض وكسر الجمود السياسي من خلال إعادة الأطراف المعنية بالنزاع أو المشاركة فيه إلى طاولة المفاوضات. ومن المقرر أن يعقد المجلس الذي تتولى جمهورية الغابون رئاسته الدورية لهذا الشهر، جلسة في 27 أكتوبر/تشرين الأول للتصويت على مسودة قرار تدعو الجزائر بصفتها طرفا في النزاع إلى العودة لمسار التفاوض. وليس واضحا ما إذا كان قرار مجلس الأمن الدولي المرتقب سيدفع الطرف الجزائري للتخلي عن موقفه وينهي سياسة العناد والتصعيد التي تعتمدها السلطة في الجزائر والتي ينظر لها كواجهة سياسية لحكم الجنرالات. لكن القرار أيا كان موقف الجارة الشرقية للمغرب منه سيضع الجزائر في حرج ويثبت مرة أخرى أنها طرف مؤجج للنزاع ولا يساعد على الدفع نحو التسوية السياسية السلمية والواقعية. كما أنه سيأتي (قرار مجلس الأمن الدولي) فيما يكتسب مقترح المغرب للحكم الذاتي في الصحراء تحت سيادته والذي طرحه منذ العام 2007 زخما أكبر خلال الفترة الأخيرة مع اتساع قائمة الدول العربية والغربية الداعمة له باعتباره الحل الواقعي والأساس المعقول والمقبول للتسوية. وتدعم الجزائر جبهة البوليساريو الانفصالية ماليا وعسكريا وتوفر لها غطاء سياسيا على المستويين الدولي والاقليمي وتدفع لترسيخ فكرة انفصال الكيان غير الشرعي المسمى الجمهورية الصحراوية تحت عنوان تقرير المصير وهو أمر تراه العديد من الدول مجانبا للواقعية ولا يوفر حلا لتسوية سلمية للنزاع. وتستعد الجزائر لاستضافة القمة العربية في مطلع نوفمبر/تشرين الأول بينما يرخي الخلاف المغربي الجزائري عموما بظلال ثقيلة على هذه القمة مع إصرار الجارة الشرقية على توتير الأجواء، فيما لم يتضح بعد ما إذا كان ملف النزاع في الصحراء المغربية سيكون على جدول القمة. ويرى محللون أن الدولة المضيفة للقمة العربية لم توفر مناخا يساعد على تخفيف التوترات ومنها التوتر مع المغرب وأنه من غير الوارد أصلا أن تتخلى عن موقفها العدائي. ويقول عبدالفتاح الفاتحي مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية في تصريح لموقع هسبريس الإخباري المغربي إنه "لا وجود لأي معالم مناخ سياسي تفاوضي يمكن أن نؤسس عليه مؤشرات تفي برجحان قيام أي مصالحة أو حوار سياسي من أي نوع كان، لاسيما أن الجهة المنظمة للقمة تعد طرفا رئيسا في الخلافات العربية البينية والخلافات المغاربية، فضلا عن تدخلها في الشؤون الداخلية لدول الجوار، كما هو الحال في الشأن الليبي". وتابع بحسب المصدر ذاته أن "الجزائر سبق لها أن أعلنت صراحة أنها ترفض أي مصالحة أو وساطة"، مضيفا أنها "تكون بذلك قد حددت شروط التمثيل الدبلوماسي الذي سيحضر به المغرب" في القمة. واعتبر أن الجزائر أصبحت معنية فقط "بجدول أعمال تحاول فرضه على الجامعة العربية دون توافق جماعي، ما قد يخلق مشكلات تنظيمية وسياسية لأحد ملوك وقادة الدول العربية الذين سيحضرونها". واستبعد أن يكون من أولويات الجزائر "الحرص على تقوية العمل العربي المشترك أو توحيد كلمة الصف العربي"، مذكرا بموقفها الرافض لأي "وساطة إقليمية أو عربية إسلامية من أجل الحوار في أفق تجاوز الأزمة الدبلوماسية". ومن المفارقات أن الجزائر التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في 24 أغسطس/اب من العام الماضي مع المغرب ثم قامت لاحقا بإغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، وجهت دعوة للرباط للمشاركة في القمة العربية بينما أبقت على كل عوامل التوتر ولم تبادر بتنقية الأجواء مدفوعة بموقفها من ملف النزاع في الصحراء المغربية.
مشاركة :