توقع محللون نفطيون، استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعدما أنهت الأسبوع الماضي على مكاسب بنحو 2 في المائة، رغم القرار الأمريكي بسحب مزيد من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي. وأوضح المحللون، أن أسعار النفط تميل إلى الارتفاع بسبب مخاوف شح المعروض بعد خفض إنتاج "أوبك +" بنحو مليوني برميل يوميا في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، إضافة إلى اقتراب موعد الحظر الأوروبي على استيراد النفط الروسي بدءا من كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وعلى المنتجات النفطية بدءا من شباط (فبراير) من العام المقبل. وأشار المحللون إلى أن أهم ما يكبح المكاسب بشكل رئيس هو مخاوف الركود والتباطؤ الاقتصادي بعد الاستمرار في سياسات مالية متشددة وقيام "الفيدرالي الأمريكي" مع بنوك مركزية أخرى برفع متكرر لأسعار الفائدة، إضافة إلى الشكوك في سرعة تعافي الطلب الصيني بسبب التمسك بسياسات "صفر كوفيد" في مكافحة الجائحة. ولفت المحللون إلى أن ملفات ساخنة عدة تزيد حالة عدم اليقين في أسواق النفط وتجعل معنويات أسواق المنتجات النفطية في آسيا متقلبة، ومنها أزمة الطاقة في آسيا والمحيط الهادئ وتجدد إصابات فيروس كورونا وأزمة أسعار الطاقة في أوروبا والحرب في أوكرانيا، إلى جانب ترقب تأثير وآلية تنفيذ تخفيضات "أوبك +" بدءا من الشهر المقبل. ويقول لـ"الاقتصادية" روس كيندي العضو المنتدب لشركة " كيو اتش ايه " لخدمات الطاقة: إن التقلبات السعرية ستستمر كسمة رئيسة في السوق بسبب غياب اليقين واستمرار تأثير العوامل المتضادة، خاصة خفض الإنتاج مقابل توقعات التباطؤ والركود الاقتصادي العالمي، لافتا إلى أن قرار وزراء الطاقة في تحالف "أوبك +" بتخفيض إنتاج النفط مليوني برميل يوميا في نوفمبر المقبل أدى إلى نمو توقعات ارتفاع الأسعار، ما من شأنه أن يمكن المستكشفين الأمريكيين من توسيع أنشطة الحفر. وذكر أن دعم الأسعار في هذه المرحلة قد يكون أمرا ضروريا لزيادة ثقة المستثمرين في الصناعة، ولتعزيز الاستثمارات خاصة في مشاريع المنبع، التي تقلصت كثيرا في فترة اندلاع جائحة كورونا، وعلى مدار أكثر من عامين، حيث إن السوق تواجه حاليا تحديات كثيرة ومتجددة، ولعل أبرزها في المرحلة الراهنة مخاطر الركود التي ألقت بثقلها على الصناعة. من جانبه، يقول دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية: إن السوق تتأثر باستمرار من تقلبات توقعات الطلب العالمي خاصة مع التفاؤل أحيانا، والتشاؤم في أحيان أخرى بأن الصين قد تخفف قيود الحجر الصحي، ما أدى أيضا إلى تقلب معنويات المخاطرة في الأسواق. ولفت إلى وقوع السوق بين مخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي مقابل قيود الإمدادات من تحالف "أوبك +"، بينما أفرجت الولايات المتحدة عن النفط من احتياطيات الطوارئ لتهدئة الأسعار مع التعهد بأنها ستعيد ملء هذا العرض إذا كانت الأسعار عند أو أقل من 67 دولارا إلى 72 دولارا. من ناحيته، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة: إن خفض إنتاج "أوبك +" بمقدار مليوني برميل في اليوم من مستويات الإنتاج المطلوبة في أغسطس 2022 بدءا من نوفمبر المقبل كان بهدف تعزيز التوجيه طويل الأجل لسوق النفط بما يتماشى مع النهج الناجح لتحالف "أوبك +"، المتمثل في ضرورة أن يكون التحالف استباقيا ووقائيا. وأشار إلى أن رسالة "أوبك +" كانت واضحة للسوق فيما يتعلق بقرار تعديل الإنتاج إلى أسفل، حيث إن حالة عدم اليقين الاقتصادي السائدة جنبا إلى جنب مع عودة ظهور حالات وباء كورونا في كل من الصين وأجزاء أخرى من العالم كانت من العوامل المساهمة الرئيسة في قرار "أوبك +". بدورها، تقول إرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة أفريكان ليدرشيب الدولية: إن خريطة الطاقة في العالم تتغير وتواجه كثيرا من الصعاب والتحديات، لافتة إلى أن سوق النفط الخام تواجه تحديا هو الأكبر في تاريخ الصناعة، يتمثل في ضرورة تحقيق التوازن بين أهداف عدة وأبرزها حاليا أمن الطاقة إلى جانب ضمان التنمية المستدامة لتلبية الطلب العالمي على الوقود، الذي يعكس نمو الاقتصاد العالمي. وأوضحت أن أسعار النفط أقرب إلى الارتفاع في الأسبوع الجاري، حيث يعاني إنتاج النفط النيجيري انقطاعات مرتبطة بالسرقة وتخريب خطوط الأنابيب والصيانة غير المخطط لها، والمشكلات الفنية منذ أوائل 2021، إلى جانب انعدام الأمن في دلتا النيجر. وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي.. ارتفعت الأسعار مند تسوية تعاملات الجمعة، مسجلة مكاسب أسبوعية رغم القرار الأمريكي بسحب مزيد من الخام من المخزون الاستراتيجي. وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن هذا الأسبوع أن الولايات المتحدة ستفرج عن 15 مليون برميل من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي بحلول نهاية العام. وتهدف خطة بايدن إلى إضافة إمدادات كافية لمنع ارتفاع أسعار النفط التي يمكن أن تضر المستهلكين والشركات، وذلك في أعقاب قرار "أوبك +" خفض إنتاج النفط قبل انتخابات التجديد النصفي الأمريكية. وعند التسوية، ارتفعت العقود الآجلة للخام الأمريكي بنحو 0.64 في المائة إلى 85.05 دولار للبرميل عند التسوية. كما صعدت عقود خام برنت 1.21 في المائة إلى 93.50 دولار للبرميل، مسجلا مكاسب أسبوعية 2 في المائة. وارتفع إجمالي عدد أجهزة الحفر النشطة في الولايات المتحدة بمقدار 2 هذا الأسبوع، حيث ارتفع إجمالي عدد الحفارات إلى 771 هذا الأسبوع - بزيادة 229 منصة عن عدد الحفارات هذه المرة في 2021. وأشار تقرير "بيكر هيوز" الأمريكي الأسبوعي المعني بأنشطة الحفر، إلى ارتفاع الحفارات النفطية في الولايات المتحدة بمقدار 2 هذا الأسبوع لتصل إلى 612، بينما ظلت منصات الغاز على حالها عند 157، كما بقيت منصات متنوعة على حالها عند 2. ولفت التقرير إلى بقاء عدد الحفارات في حوض بيرميان ثابتا عند 346 هذا الأسبوع، فيما بقيت الحفارات في إيجل فورد على حالها عند 71. ونوه التقرير إلى ارتفاع إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة بشكل طفيف في الأسبوع المنتهي في 14 أكتوبر إلى 12 مليون برميل يوميا، وفقا لآخر تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأسبوعية، فيما ارتفعت مستويات الإنتاج في الولايات المتحدة 300 ألف برميل يوميا فقط حتى الآن هذا العام وزادت 700 ألف برميل يوميا مقارنة بالعام الماضي.
مشاركة :