الاحتكام لورقة الشارع يسقط آخر أوراق اخوان المغرب

  • 10/24/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الرباط - حاول حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي الذي مني بهزيمة مذلة بالمقاييس السياسية في الانتخابات التشريعية التي جرت في سبتمبر/أيلول من العام الماضي والتي وصفها محللون بأنها "سقوط آخر أوراق جماعات الإسلام السياسي" في المنطقة وانهيار لمشروع التمكين، استخدام ورقة الشارع ضد الحكومة المغربية، مستغلا موجة غلاء لا يعتبر فيها المغرب استثناء في خضم أزمة عالمية عامة ناجمة عن الاضطرابات الجيوسياسية ومنها الحرب الروسية في أوكرانيا. لكن لجوء إخوان المغرب للشارع من بوابة الغلاء والحشد لاحتجاجات أمام البرلمان (أمس الأحد)، أثبتت محدودية خياراتهم في إعادة التموقع سياسيا وفشلا في تأليب الشارع على الحكومة التي ورثت تركة من المشاكل من مخلفات حكومات حزب العدالة والتنمية بقيادة عبدالاله بنكيران وسعدالدين العثماني (2012-2019). وشارك في الاحتجاجات التي دعا لها الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب وهو الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية، عشرات فقط من المحتجين قالوا إنهم خرجوا للتنديد بما وصفوه "الصمت الحكومي" على تدهور القدرة الشرائية للمواطن المغربي. وبحسب وسائل إعلام مغربية فإن الذراع النقابي للإسلاميين استقدم المنتسبين للفروع النقابية والقطاعية لإسناد الوقفة الاحتجاجية أمام البرلمان فيما عزفت الشعارات والهتافات على الوتر الاجتماعي ضمن سياق استقطابي.  واختبرت الاحتجاجات المحدودية شعبية الإسلاميين مع تجاوب ضعيف على مستوى الشارع، في مؤشر إضافي على فقدانهم ثقة الناخبين خاصة بعد الهزيمة المدوية التي أخرجتهم من الحكم. ويشكل فشل رهان 'العدالة والتنمية' على إرباك حكومة عزيز أخنوش التي تواجه بالفعل وضعا اقتصاديا صعبا على خلفية تداعيات جائحة كورونا وارتدادات الحرب الأوكرانية الروسية على أسعار الوقود والحبوب إضافة إلى الجفاف، نكسة إضافية للحزب الذي يئن تحت وطأة خلافات وصراعات أجنحة ويكابد لاستعادة ثقة ناخبيه وقواعده الشعبية. والمفارقة أن الحزب الإسلامي الذي قاد الحكومات المتعاقبة منذ 2012 إلى 2019 قد فشل في معالجة كل القضايا الحارقة تتصدرها المشاكل الاجتماعية من تشغيل وخدمات وأخفق في الحوارات ذات الصلة، بينما يطالب اليوم حكومة عزيز أخنوش التي تولت مهامها قبل عام فقط مثقلة بتركة من المشاكل وفي ظروف اقتصادية صعبة محليا وإقليميا وعالميا، بانجازات فشل هو (حزب العدالة والتنمية) في انجازها طيلة سنوات حكمه الممتد من 2012 إلى 2019. وطالب الذراع النقابي لخوان المغرب في الوقفة الاحتجاجية أمس الأحد بـ"مراجعة جذرية لسياسات الحكومة واختياراتها الاجتماعية والعمل على تصحيح مسار الحوار الاجتماعي والمبادرة إلى سن إجراءات ملموسة وذات مصداقية لدعم الفئات الهشة والمتضررة مع العمل على الزيادة الفورية في الأجور والمعاشات".   وكانت هذه المطالب مطروحة وملحة خلال حكم الإسلاميين على مدى السنوات الماضية لكنهم فشلوا في تنفيذها ومعالجتها.          وسبق أن فشلت نقابة الاتحاد الوطني للشغل قبل نحو أسبوعين في دفع نقابات قطاع النقل الطرقي إلى النزول للاحتجاج أمام البرلمان ضد غلاء المحروقات وسط اتهامات للاتحاد والحزب باستغلال الملف لتأجيج الشارع وتطويع العمل النقابي في معارك سياسية ضد الحكومة. وشهد المغرب ارتفاعات كبيرة خلال الأشهر الماضية في أسعار الوقود والمواد الغذائية والخدمات بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، فضلا عن جفاف استثنائي ضرب المملكة هذا العام، وأدى إلى تراجع توقعات النمو لهذه السنة إلى 0.8 بالمئة فقط، وفق المصرف المركزي. وأكد الاتحاد النقابي الطرقي التابع للاتحاد المغربي للشغل قبل أيام أن الوقفات الاحتجاجية لن تكون لها جدوى كبيرة في الوقت الراهن مشددا على ضرورة انتظار مصير الدعم الحكومي للمهنيين وانخفاض الأسعار. وتحدثت مصادر من داخل النقابة لصحيفة "العرب" اللندنية، أن القيادة السياسية لحزب العدالة والتنمية عارضت تلك الوقفة الأخيرة من طرف ذراعها النقابي تفاديا لفشلها، وأيضا لأي تأويلات قد تمس من مصداقية الحزب واتهامه بأنه يميل إلى تصعيد الموقف باستغلال العمل النقابي وخلق ضجة أمام البرلمان. ويبدو أن دعوات الاتحاد الوطني للشغل لا تلقى التجاوب الذي كان ينتظره من نقابات أخرى، رغم تأكيده أن قرارات النقابة نابعة من مصالح قواعدها وبرامجها ولا علاقة لها بالعدالة والتنمية الذي له آليات اشتغاله، وقادر على النزول الميداني إن أراد ذلك. وصاغ حزب العدالة والتنمية خطابه السياسي على أساس دعوي شعبوي نقدي استطاع أن يخلق من خلاله هالة استغلتها القيادة لإقناع المواطن المغربي بأنه الحزب المطلوب والمنقذ والمخلص من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، لكنّ الحزب الإسلامي سرعان ما فشل في خططه على كافة الصعد. وتأتي محاولة الإسلاميين تحريك الشارع ضد الحكومة بينما، تمضي الأخيرة بهدوء في تنفيذ برامج تنموية تأمل من خلالها رفع حجم الاستثمارات العامة والخاصة لإعادة تنشيط الاقتصاد، بحيث أعلن هذا الأسبوع عن إطلاق صندوق استثمار سيادي بقيمة 4.1 مليارات يورو. ويمضي المغرب نحو تعزيز أدوات النمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة من خلال التركيز بشكل أكبر على زيادة الاستثمارات، وتعزيز سوق العمل والحد من تكاليف المعيشة والبطالة. ويرى محللون وخبراء اقتصاد أن المغرب حقق خلال السنوات العشر الأخيرة قفزة نوعية ونجاحا في مجال تحسين مناخ الأعمال، بعد أن انتقل من المرتبة 120 إلى 53 في العام 2020، وهي الإنجازات التي جعلت من المملكة وجهة استثمارية معترف بها عالميا.

مشاركة :