طهران - أقرت إيران الاثنين رسميا بتزويد روسيا بمسيرات بعد أن أنكرت مرارا على لسان كبار المسؤولين فيها أن تكون زودت الروس بطائرات بلا طيار من طرازات مختلفة بينها الانتحارية والتي يعتقد أن القوات الروسية استخدمتها في الفترة الأخيرة في قصف مكثف للعاصمة الأوكرانية خلّف العديد من القتلى ودمار هائل وبينها أخرى قتالية. وأكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الاثنين أن طهران لن تبقى "غير مبالية" في حال ثبت أن روسيا استخدمت مسيّرات إيرانية الصنع في الحرب ضد أوكرانيا، في ظل اتهامات بهذا الشأن من كييف وحلفائها. وتشير تصريحات عبداللهيان إلى سياسة التضليل التي تعتمدها إيران في مواجهة تقارير غربية اتهمتها صراحة بتزويد روسيا بمسيرات تستخدم في قصف أوكرانيا، في صفقة سرية كانت واشنطن بوست الأميركية أول من كشفها نقلا عن مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية. وقال "نعم في الماضي تلقينا أسلحة من روسيا ولا زلنا نتلقى في إطار التعاون الدفاعي ونزود روسيا بأسلحة وتجهيزات"، وذلك في تصريحات مصوّرة نشرتها وسائل إعلام محلية. وأضاف "لكن خلال الحرب في أوكرانيا، نظرا لموقفنا المبدئي ضد الحرب، نعارض تسليح روسيا وأوكرانيا"، مؤكدا "لم نزوّد روسيا بأي أسلحة أو مسيّرات للاستخدام في الحرب ضد أوكرانيا". وتحول الموقف الإيراني من الإنكار إلى التوضيح، حيث أشار عبداللهيان ضمنا إلى أن إيران زودت روسيا بمسيرات لكن ليس لاستخدامها في الهجمات على أوكرانيا، وهي بالمنطق السياسي مراوغة مكشوفة ومحاولة للتملص من انتهاك بلاده لقرار مجلس الأمن الدولي الذي يحظر على طهران بيع أسلحة للخارج وهو حظر مرتبط بشروط الاتفاق النووي الذي توصلت له الجمهورية الإسلامية في العام 2015 مع القوى الست الكبرى ومن ضمنها روسيا. وكرر الوزير الإيراني استعداد بلاده لبحث هذه المسألة مباشرة مع كييف، مشيرا إلى أنه أبلغ وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال اتصال بينهما الأسبوع الماضي، أنه "في حال أصبح من الواضح بالنسبة إلينا أن روسيا استخدمت مسيّرات إيرانية في الحرب ضد أوكرانيا، فنحن بالتأكيد لن نبقى غير مبالين حيال هذه المسألة". وتزايدت في الفترة الماضية اتهامات كييف وحلفائها الغربيين لروسيا، باستخدام طائرات مسيّرة إيرانية الصنع في الحرب ضد أوكرانيا. وفرضت واشنطن ولندن والاتحاد الأوروبي عقوبات على الجمهورية الإسلامية بسبب هذه المسألة. وكانت طهران قد نفت مرارا تزويد أي طرف بأسلحة "للاستخدام في الحرب" التي بدأتها القوات الروسية أواخر فبراير/شباط، بينما اعتبر الكرملين أن الاتهامات الغربية تدخل في إطار محاولة "الضغط" على إيران. وفي وقت سابق الاثنين، نفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، الاتهامات الأميركية بوجود عسكرييها في شبه جزيرة القرم لمساعدة روسيا على شن هجمات بطائرات مسيّرة في أوكرانيا. وقال كنعاني "نرفض هذه الأنباء بشدّة"، وذلك ردا على سؤال عن تصريحات أدلى بها مسؤول أميركي الأسبوع الماضي. وأضاف أن هذه المزاعم "تهدف إلى حرف أنظار الرأي العام عن دورهم المدمّر في الحرب الأوكرانية من خلال الوقوف بجانب أحد طرفي النزاع وتصدير الأسلحة بشكل مكثّف إلى أوكرانيا". وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي قال الخميس الماضي، إن "تقديراتنا أن عناصر عسكريين إيرانيين كانوا على الأرض في القرم وساعدوا روسيا في هذه العمليات"، مضيفا أن هؤلاء كانوا مدرِبين وعناصر دعم تقني، بينما تولّى الروس توجيه المسيّرات التي ألحقت أضرارا بالغة ببنى تحتية أوكرانية. واعتبر أن طهران باتت "منخرطة مباشرة على الأرض ومن خلال توفير أسلحة يطال تأثيرها مدنيين وبنى تحتية مدنية". وشدد كنعاني على أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية أعلنت مرارا أنها ليست طرفا في حرب أوكرانيا"، مضيفا "نحن لا نقوم بتصدير الأسلحة إلى أي طرف في النزاع للاستخدام في الحرب". وزادت قضية المسيّرات من التوتر بين إيران وروسيا من جهة، والغربيين من جهة أخرى. وفرضت لندن وبروكسل عقوبات على طهران، بينما هددت واشنطن بمعاقبة الشركات والدول التي تتعاون مع برنامج المسيّرات الإيرانية. وتسببت القضية بتوتر بين طهران وكييف، إذ أعلنت أوكرانيا في سبتمبر/أيلول خفض مستوى تمثيل إيران الدبلوماسي على أراضيها، ولمحت إلى إمكان قطع العلاقات الدبلوماسية بالكامل.
مشاركة :