اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن العقوبات الاقتصادية الغربية تؤثر «بشكل ملحوظ» على روسيا. وقال بوتين في مقابلة طويلة أجرتها معه صحيفة «بيلد» الألمانية، أمس (الاثنين)، إنه «بتأثيرها على الأسواق الدولية، تؤثر هذه العقوبات على روسيا بشكل ملحوظ». ورأى أن هذه العقوبات أشبه «بمسرح العبث». وتخضع موسكو لعقوبات أميركية وأوروبية بسبب دورها في النزاع بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا، ومدد الاتحاد الأوروبي في نهاية ديسمبر (كانون الأول) لستة أشهر، عقوباته الاقتصادية. مبررًا هذا القرار بعدم التطبيق الكامل لاتفاقات مينسك للسلام التي وقعتها موسكو. وأوضح الرئيس الروسي أن «أكبر الأضرار ناجمة عن انخفاض أسعار الطاقة. على مستوى صادرات النفط، نسجل فارقًا بين العائدات والخسائر يمكننا تعويضه جزئيًا» في قطاعات أخرى. وانخفض إجمالي الناتج الداخلي لروسيا 3.8 في المائة في 2015 والإنتاج الصناعي 3.3 في المائة، لكن موسكو تمتلك أكثر من 300 مليار من احتياطي الذهب. وجاء هذا في الوقت الذي تتأرجح فيه أسعار النفط بعنف، وتتداول دون 35 دولارًا، الأمر الذي خلف أزمات عدة للاقتصاد الروسي، بخلاف العقوبات التي تتعرض لها موسكو، ويرى محللون أن الاقتصاد الروسي كان من بين أسوأ الاقتصادات أداء في 2015. ورغم سياسة بوتين الاقتصادية المتماسكة والمتسقة في ظل الاضطرابات، الأمر الذي أدى إلى الحد من الأضرار الاقتصادية، قال بوتين، أمس، إن أكبر الأضرار الاقتصادية لروسيا جاء لانخفاض أسعار النفط، خاصة على مستوى صادرات النفط. ففي 2014 استولى الذعر على أسواق المال الروسية، الأمر الذي دفع البنك المركزي الروسي للاستجابة لانهيار أسعار النفط وتعويم الروبل الذي فقد نصف قيمته آنذاك، ليرتفع التضخم إلى 16 في المائة. وعلى الرغم من توقعات خبراء غولدمان ساكس بانخفاض أكبر لأسعار النفط خلال 2016، وعودة أسعار النفط مرة أخرى للارتفاع مع بداية 2017، ما زال الاقتصاد الروسي يعتمد في دخله على تصدير النفط. وقال وزير التنمية الاقتصادية أليكسي يوليكيف، في تصريح سابق، إن معدلات أسعار النفط لا تهدد استقرار الاقتصاد الروسي، ولكن لن يسمح الناتج المحلي الإجمالي والإنتاج والطلب المحلي على السلع الاستهلاكية لمعدلات إيجابية. ويرى الرئيس الروسي أن الاقتصاد الروسي يستقر «شيئًا فشيئًا»، موضحًا أنه لأول مرة منذ سنوات نصدر كمية أكبر بكثير من السلع ذات القيمة المضافة العالية. وأشار الرئيس الروسي إلى أن عقوبات الغرب لا تهدف إلى مساعدة أوكرانيا، ولكن هدفها دفع روسيا إلى الوراء على مستوى الجغرافيا السياسية، إنهم أغبياء ويضرون فقط بالجانبين. وأتبع البنك المركزي الروسي منذ 2008 سياسة الخفض التدريجي لقيمة العملة، فأنقذ كثيرا من الشركات المملوكة للدولة والخاصة من الضرر، خاصة مع حفاظ موسكو على سعر صرف عائم، كما حافظت على احتياطياتها الأجنبية وعمل المركزي الروسي على تثبيت استقرار السوق من خلال رفع سعر الفائدة بشكل مفاجئ، ثم اتجه إلى خفضها تدريجيًا منذ ذلك الحين، ليحافظ على وضع أسواق المال وثقة المستثمرين. وقال وزير المالية الروسي أنطوان سيلوانوف، في تصريح سابق له، إن 2016 سيكون عامًا حاسمًا بالنسبة للنفط، فإن الكثير من المنتجين لن يكونوا قادرين على الحفاظ على استقرار الأوضاع الاقتصادية الداخلية، خاصة مع تقلب الأسعار، وستضطر في النهاية لخفض الإنتاج. وقال رئيس الوزراء الروسي في ديسمبر إن الاقتصاد الروسي قد يعود للنمو في 2016 بمقدار 6.4 في المائة، «لكن كل شيء يتوقف على سعر النفط». ويتداول سعر النفط حاليًا عند مستويات 33 دولارًا نزولاً من 115 دولارًا في يونيو (حزيران) عام 2014، بنسبة هبوط بلغت أكثر من 60 في المائة.
مشاركة :