دخل ريشي سوناك، التاريخ من أوسع أبوابه، بعدما أصبح أول رئيس وزراء بريطاني من أصول مهاجرة في تاريخ البلاد، وأول رئيس وزراء غير أبيض يبلغ هذا المنصب، مما دفع وسائل إعلام لوصفه بأنه «أوباما البريطاني»، في إشارة إلى الرئيس الأميركي الديموقراطي السابق باراك أوباما الذي كان أول رئيس للولايات المتحدة غير أبيض ومن والد مهاجر. وانتخب حزب المحافظين سوناك زعيماً له بعد أيام من استقالة ليز تراس، وبعد أن تفوق على بيني موردنت، التي لم تحصل على دعم كافٍ من نواب الحزب لدخول المنافسة، بينما انسحب رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون (58 عاماً) الذي واجهت عودته المحتملة إلى 10 دوانينغ ستريت رفضاً من شرائح واسعة من الحزب. وسيطلب الملك تشارلز من سوناك (42 عاماً)، أحد أغنى السياسيين في وستمنستر، ووزير المالية السابق، تشكيل حكومة، ليكون بذلك ثالث رئيس وزراء في أقل من شهرين، تقع على عاتقه مسؤولية إعادة الاستقرار إلى بلد يعاني منذ سنوات الاضطرابات السياسية والاقتصادية حيث التضخم هو الأعلى منذ 40 سنة، فضلاً عن الركود الاقتصادي. ويعلم سوناك أنها فرصته التاريخية رغم الظروف الصعبة التي تواجهها البلاد، إلا أن عاملاً مهماً سيلعب لمصلحته هو ضمان تأييد الكتلة البرلمانية لحزب المحافظين، فكلهم يعلمون أن هذه فرصتهم الأخيرة، وعليهم الالتفاف حول زعيمهم الجديد، وفي حال فشله فالخيار سيكون انتخابات مبكرة، وكل استطلاعات الرأي تشير إلى أن أي انتخابات سابقة لوقتها ستحمل حزب العمال إلى الحكم. وتعاني بريطانيا أزمة سياسية منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي (بريكست). ومن المتوقع أن يطلق المليونير ورئيس صندوق التحوط السابق، تدابير خفض إنفاق كبيرة لمحاولة إعادة بناء سمعة بريطانيا المالية، في وقت تنزلق البلاد إلى حالة من الركود بسبب ارتفاع تكلفة الطاقة والغذاء. وجذب سوناك الاهتمام على المستوى العام عندما أصبح، في سن 39 عاماً، وزيراً للمالية في حكومة جونسون مع تعرض بريطانيا لجائحة «كورونا» وتطويره برنامج الإجازة المؤقتة بسببها والذي حقق نجاحاً. كما صوَّت لمصلحة صفقة تيريزا ماي لـ «بريكست» في المرات الثلاث التي عُرضت فيها على البرلمان. ووُلد سوناك في مدينة ساوثهامبتون البريطانية عام 1980 لأبوين من أصل هندي هاجرا من شرق إفريقيا. وكان والده طبيباً عاما ووالدته تدير صيدليتها الخاصة. والتحق بالمدرسة الخاصة المرموقة «وينشستر كوليدج» وعمل نادلاً في مطعم «كاري هاوس» في ساوثهامبتون خلال العطل الصيفية، ثم التحق بجامعة «أكسفورد» لدراسة الفلسفة والسياسة والاقتصاد. وأثناء دراسته للحصول على ماجستير في إدارة الأعمال في «ستانفورد»، التقى بزوجته مورتي، ابنة نارايانا مورتي، الملياردير الهندي والمؤسس المشارك لشركة خدمات تكنولوجيا المعلومات العملاقة «إنفوسيس». ولدى سوناك ومورتي ابنتان. ويُعتقد أنه أحد أغنى أعضاء البرلمان البريطاني، لكنه لم يتحدث علناً عن مقدار ثروته. وفي مقابلة مع BBC في 2019، قال سوناك: «فيما يتعلق بالتنشئة الثقافية، أنا أذهب للمعبد في عطلة نهاية الأسبوع، أنا هندوسي، لكنني أحضر مباراة نادي ساوثهامبتون لكرة القدم أيضاً يوم السبت، يمكنك أن تمزج بين الثقافتين وهذا ما أفعله».
مشاركة :