اخفاقات ترسم ملامح اضطرابات في سياسة بايدن الخارجية

  • 10/26/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

واشنطن - تستعد الولايات المتحدة لانتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني وهي انتخابات مصيرية وحاسمة بالنسبة للديمقراطيين بعد فترة حكم تبدو مضطربة برئاسة جو بايدن وارتباك في التعامل مع عدة ملفات حساسة من دعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي إلى العلاقات مع السعودية ودول الخليج عموما الشركاء الإستراتيجيون للولايات المتحدة والتوتر القائم على خلفية قرار أوبك+ إضافة إلى ملفات أخرى بينها سوريا وليبيا والعراق وباكستان وكلها ترخي بظلال ثقيلة على حظوظ الحزب الديمقراطي. وعلى الجبهة الأخرى يقف الحزب الجمهوري متأهبا لانتزاع نصر يعيد سيطرته على الكونغرس، راصدا في الوقت ذاته عثرات بايدن في السياسة الخارجية. وترسم انتخابات التجديد النصفي ملامح مرحلة جديدة في حال فوز الجمهوريين الذين يختلفون مع بايدن في أكثر من ملف وينتقدون ما يعتبرونه ضعفا في إدارة الأزمات الداخلية والخارجية في الوقت الذي يثير ارتفاع معدل التضخم وتوقعات بركود الاقتصاد الأميركي على ضوء عدة عوامل بينها العجز في إدارة متوازنة للعلاقات مع السعودية وأيضا العجز في إدارة الملف النووي مع إيران. وإذا حصل الجمهوريون على الأغلبية في أي من مجلس النواب أو مجلس الشيوخ في الانتخابات النصفية الأميركية التي ستجري في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، كما ترجّح الاستطلاعات، يُحتمل أن تدخل السياسة الخارجية للرئيس جو بايدن في مرحلة اضطرابات، لكن لا يبدو أن دعم أوكرانيا سيتأثر بذلك. وحين حذّر زعيم الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي كيفن ماكارثي الأسبوع الماضي من أن حزبه لن "يكتب شيكا على بياض لأوكرانيا" إذا فاز بالانتخابات، أعرب حلفاء الولايات المتحدة عن قلقهم. وقال الجمهوريون إنهم سيستخدمون صلاحياتهم لمراقبة دور إدارة بايدن في قضايا تشمل الهجرة وصولا إلى الانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان العام الماضي. لكن إذا كان هناك موضوع يهدد وحدة الجمهوريين، مهما كانوا حريصين على إتباع النجاح في نوفمبر/تشرين الثاني بفوز في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، فهي الحرب في أوكرانيا. وكسر دونالد ترامب التقاليد الدبلوماسية الأميركية حين أعرب عن إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبدأت أولى إجراءات المساءلة بحق الرئيس الجمهوري السابق بسبب قراره تجميد دفع مساعدات عسكرية لكييف. وانتقد بعض الجمهوريين الموالين لترامب المساعدة العسكرية المقدّمة لأوكرانيا والتي تشمل حزمة أولية بقيمة 40 مليار دولار تمت الموافقة عليها في مايو/ايار بأغلبية كبيرة من الحزبين، بالإضافة إلى حزمة 11.2 مليار دولار لم تتم الموافقة عليها بعد. واتهمت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين المؤيدة لترامب الرئيس الأميركي بإرسال "دولارات يكسبها بعرق جبينهم دافعو الضرائب الأميركيين" لمساعدة دولة أجنبية "في شن حرب ليس لديها فرصة في الفوز بها". غير أن زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل تعهّد بمساعدة أوكرانيا بشكل أكبر من الذي يفعله بايدن و"شحن" أسلحة إلى كييف بما فيها صواريخ قادرة على الوصول إلى الأراضي الروسية. ووبّخ مايك بنس الذي كان نائب دونالد ترامب عندما كان في البيت الأبيض، الجمهوريين المعارضين لتقديم مساعدات لأوكرانيا، قائلا في مركز 'ايريتاج فاوندايشن' لبناء وتعزيز السياسات العامة المحافظ "لا يمكن أن يكون هناك مكان داخل الحركة المحافظة للمدافعين عن بوتين. لا مكان في هذه الحركة إلّا للمدافعين عن الحرية". وبحسب استطلاع جديد أجراه مجلس شيكاغو للشؤون الدولية، توافق أغلبية كبيرة من الأميركيين على دعم أوكرانيا ويؤيّد ثلثا الجمهوريين إرسال أسلحة لكييف. ويعتبر كولين دويك وهو زميل غير مقيم في معهد 'أميركان انتربرايز انستوتيوت' أن تعليقات كيفن ماكارثي كانت تهدف إلى الجمع بين مختلف فصائل الحزب. وقال "البعض يعتقد أن الجمهوري العادي في أميركا الوسطى يعارض ذلك، وهذا أمر خاطئ"، مضيفا "أعتقد أيضا أن هناك أقلية ليست مؤيّدة، لذلك ستكون محاولة إدارة هذه الاختلافات غير سهلة. سيكون من غير الحكيم توقع أن ينقلب مجلس النواب لديه أغلبية جمهورية ضد أوكرانيا". من جانب الديمقراطيين، أيّد جزء كبير منهم سياسة بايدن، لكن بعض اليساريين في الحزب قلقون من خطر التصعيد بين روسيا وحلف شمال الأطلسي. وفي رسالة صدرت الاثنين، دعا نحو 30 نائبا تقدميا الرئيس الأميركي إلى "بذل جهود دبلوماسية نشطة لدعم تسوية تفاوضية ووقف إطلاق النار والدخول في محادثات مباشرة مع روسيا"، لكن يوم الثلاثاء، سحب هؤلاء المسؤولون المنتخبون الرسالة، معربين عن أسفهم لأن مبادرتهم أعطت الانطباع بوجود "تحالف" مع بعض الجمهوريين المنتخبين. وحتى مع اتفاق الحزبين على الخطوط العريضة، قد يُعقد بعض المسؤولين المنتخبين حياة جو بايدن. حين كان باراك أوباما رئيسا، انتقد الجمهوريون إدارته ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون بسبب هجوم عام 2012 على الدبلوماسيين الأميركيين في بنغازي خلف أربعة قتلى بمن فيهم السفير الأميركي. وكان أبرز منتقدي كلينتون هو مايك بومبيو وهو نائب غامض عن ولاية كنساس سُمّي لاحقا رئيسا لوكالة المخابرات المركزية ثم وزير خارجية في عهد دونالد ترامب. ويرى الباحث براين كاتوليس أن الجمهوريين قادرون على استغلال ملفات مثل قضية التحقيقات التي يجريها مكتب التحقيقات الفدرالي على أعمال نجل الرئيس الحالي هانتر بايدن، من أجل الضغط على حكومة بايدن. لكنه يعتبر أنه من الصعب توقّع التوجه الذي سيعتمده الجمهوريون من ناحية السياسة الخارجية، لأن المواقف التي يعبر عنها المحافظون "تذهب في كل الاتجاهات". ويقول "في بعض المسائل، بما فيها الأمن القومي، يمكن للجمهوريين تغيير شعار حزبهم حتى، وتحويله من فيل إلى حرباء". ولا يتوقف الأمر عند الانقسام الذي تحدثه حرب أوكرانيا في صفوف الحزبين الخصمين، فثمة ملفات أخرى ترخي بظلالها على انتخابات التجديد النصفي وتجعل الديمقراطيين في وضع صعب. وينظر بعض الساسة الأميركيون لتعامل بايدن مع السعودية الحليف الاستراتيجي على أنه خاطئ وأن الرئيس يجازف بخسارة شريك مهم اقتصاديا وأمنيا بتصعيده التوتر على خلفية قرار أوبك+ خفض الإنتاج بمليوني برميل يوميا اعتبارا من نوفمبر/تشرين الثاني، منتقدين انخراط بايدن في حملة تقودها مجموعة لوبيات ضد المملكة. وثمة شق آخر يأخذ على الرئيس الديمقراطي ضعفه في الردّ على قرار أوبك+ ويعتبرون أن زيارته للسعودية ومصافحته لولي عهدها الأمير محمد بن سلمان بعد أن تعهد بجعل المملكة 'منبوذة' على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول عام 2018 وعلى خلفية ملف حقوق الإنسان. كما يعتبر خصومه وحتى البعض من معسكره أنه لم يحسن إدارة ملف التفاوض لإحياء الاتفاق النووي مع إيران للعام 2015 الذي انسحب منه سلفه دونالد ترامب وأن طهران التي خبرت المناورة والهروب إلى الأمام نجحت في التلاعب به وإمساك خيوط اللعبة بيدها والمضي في انتهاك الاتفاق المراد انعاشه عبر مواصلة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات خطيرة تمكنها في مرحلة ما من امتلاك قنبلة نووية. وثمة ملفات أخرى تجعل من وضع الديمقراطيين صعبا وتؤثر على حظوظهم في انتخابات التجديد النصفي، لكنها اقل وزنا من الملفات سابقة الذكر. ويتوقع أن ترسم الانتخابات وهي محدد رئيسي لمسار الانتخابات الرئاسية المقررة في العام 2024، ملامح سياسة خارجية شديدة الاضطراب بالنسبة لبايدن الذي يكابد في الوقت ذاته في مواجهة ملفات داخلية شديدة الحساسية.

مشاركة :