وصفت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر ديبة فخر، الوضع بـ«المأساوي». وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المشاهدات التي رصدناها في مضايا أول من أمس، هي أسوأ ما شاهدناه في سوريا منذ خمس سنوات». وأشارت إلى أن «الناس بالفعل جائعة، واستقبلت الفرق الإغاثية بفرح وعتب في آن بسبب التأخر عنهم لأشهر طويلة». وأكدت أن الصليب الأحمر «عاين مئات حالات سوء التغذية، فأغلبية الناس، خصوصًا الأطفال يعانون من ضعف البنية وفقدان الوزن، والكثير منهم باتوا أشبه بهياكل عظمية». وأضافت ديبة فخر: «هناك عائلات لم تتناول الطعام منذ خمسة أيام، بعضهم كان يغلي الماء مع الملح أو البهارات أو الحشائش، وهم لم يروا الخبز منذ ثلاثة أشهر، وبعضهم كان يشتري كيلو الأرز بـ200 دولار أميركي». وتابعت: «شاهدنا ما يسمّى غرفة إسعافات فيها طبيب سوري وعشرات الأشخاص المرميين على الأرض وغير قادرين على الحراك، بلا أغطية ولا أسرة ولا دواء يقدم لهم، وهؤلاء عالقون بين الموت والحياة». وكشفت عن وجود «حالات طبية معقدة جدًا أصحابها بين الحياة والموت، وضعهم لا يسمح بنقلهم لأنهم معرضون للموت في أي لحظة»، مشيرة إلى أن بعض الحالات تستلزم عناية طبية طارئة، لا يمكن معالجتها في مضايا، وهي بحاجة إلى إجلاء سريع، «لكن للأسف عملية الإجلاء معقدة ولا نعرف الوقت الذي تستغرقه عملية التفاوض مع المعنيين للحصول على موافقة لنقلهم». وقالت المتحدثة باسم الصليب الأحمر الدولي: «بدأنا اتصالاتنا مع الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري للحصول على الموافقة». وأوضحت أن «المساعدات التي توزع الآن هي جزء من اتفاقية الزبداني والفوعة وكفريا، ونأمل أن تكون بادرة خير، لأن إيصال المساعدات مرة واحدة ليست حلاً». بدوره أعلن ممثل رئيس المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة سجاد مالك الذي زار بلدة مضايا المحاصرة، أن «المعاناة في هذه البلدة لا تقارن بكل ما شهدته طواقم العمل الإنساني في باقي سوريا». وقال في مؤتمر عبر دائرة الفيديو من دمشق: «ما رأيناه مروع، لم تكن هناك حياة، كل شيء كان هادئا للغاية». ووصف وضع سكان البلدة بـ«البائس». وقال: «في كثير من الحالات بلغ الضعف لدى السكان درجة جعلتهم غير قادرين على الإعراب عن غضبهم». وأكد مالك أن «منظمة الصحة العالمية ستسعى إلى تحديد عدد من قضوا نتيجة الجوع في مضايا عندما يتم السماح بدخول منظمات الأمم المتحدة إلى المنطقة». ودعا إلى «ضرورة مواصلة إدخال المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة». وقال: «إذا لم نتمكن من الاستمرار في ذلك، تكون الجهود التي بذلناها مجرد ضمادة صغيرة». وختم: «نريد أن نضمن إنهاء عمليات الحصار هذه». وعقد مجلس الأمن الدولي ليل الاثنين جلسة مشاورات تناولت الوضع في مضايا، واستمع سفراء الدول الـ15 إلى تقرير عن الوضع من رئيس قسم العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين، الذي أكد للصحافيين بعد انتهاء الجلسة أن هناك «نحو 400 شخص بحاجة إلى الإجلاء لتلقي رعاية صحية ملحة»، منبهًا إلى «أنهم مهددون بالموت». ورحبت منظمة «أطباء بلا حدود» بدعوة الأمم المتحدة إلى إجلاء الحالات الطبية، وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «إن المرافق الطبية في مضايا ليست مجهزة تقنيًا لإسعاف الحالات الحرجة». وأكدت أن «الإجلاء الطبي إلى مكان آمن لتلقي العلاج أمر مطلوب بالتأكيد لإنقاذ حياة المرضى الذين يعانون من سوء تغذية»، مشددة في الوقت ذاته على أن «زيارة إنسانية وحيدة ومن ثم العودة إلى حصار التجويع لن يكون مقبولاً».
مشاركة :