نما الاقتصاد الألماني في الربع الثالث من 2022، رغم أزمة الطاقة، حيث ارتفع إجمالي الناتج المحلي 0.3 في المائة، مقارنة بالربع السابق، حسبما أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي أمس، بناء على تقديرات أولية. وفي ضوء العواقب الاقتصادية للحرب الروسية على أوكرانيا، توقع خبراء الاقتصاد انكماشا في إجمالي الناتج الاقتصادي، كما توقعوا انكماش أكبر اقتصاد في أوروبا في الأرباع القادمة لينزلق إلى الركود. وبحسب بيانات مكتب الإحصاء، فإنه عقب الزيادة الطفيفة في الناتج الاقتصادي بنسبة 0.1 في المائة في الربع الثاني من هذا العام، صمد الاقتصاد الألماني أمام الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة، مع استمرار جائحة كورونا وتعطل سلاسل التوريد وارتفاع الأسعار والحرب في أوكرانيا. وكان الناتج الاقتصادي مدعوما بشكل أساسي بالإنفاق الاستهلاكي الخاص. ومقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، نما الناتج المحلي الإجمالي 1.2 في المائة بعد احتساب متغيرات الأسعار والمتغيرات الموسمية. ومقارنة بالربع الأخير من 2019 - أي الفترة التي سبقت اندلاع أزمة كورونا - تم تجاوز مستوى ما قبل الأزمة لأول مرة، ومع ذلك توقع الخبراء أن يواجه الاقتصاد الألماني شتاء قاسيا. وتسارعت وتيرة ارتفاع الأسعار في ألمانيا بشكل أكبر خلال أكتوبر الجاري، حيث زادت أسعار المستهلك 10.4 في المائة على أساس سنوي، حسبما أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي، أمس، استنادا لبيانات أولية. ووفقا ليورج كرامر، كبير الاقتصاديين في مصرف "كومرتسبنك"، فإن النتيجة الفصلية الجيدة غير المتوقعة ليست إلا "الهدوء الذي يسبق العاصفة"، موضحا أن التضخم المرتفع يتسبب في انهيار القوة الشرائية للمستهلكين، وقال: "كل شيء يتحدث عن انكماش في الاقتصاد الألماني في أشهر الشتاء". وبالنسبة لـ 2022 ككل، يتوقع الخبراء أن يسجل الاقتصاد الألماني نموا. وبالنسبة للعام القادم ككل، يتوقع الخبراء انخفاضا في الناتج الاقتصادي. وبحسب عدد من الخبراء، من المرجح أن يكون الانكماش الاقتصادي الذي يلوح في الأفق أكثر حدة مما هو عليه في عديد من الدول الأوروبية الأخرى، ولكن ليس بالسوء نفسه الذي حدث في أزمة كورونا 2020، عندما انكمش الناتج المحلي الإجمالي في أكبر اقتصاد في أوروبا بنسبة زادت على 4 في المائة. ولا تزال الحكومة الألمانية تتوقع نموا اقتصاديا هذا العام 1.4 في المائة وانكماشا 0.4 في المائة العام المقبل، ومع ذلك تتوقع الحكومة أن تظل سوق العمل قوية. ويعتزم الائتلاف الحاكم دعم المستهلكين والشركات في مواجهة ارتفاع أسعار الطاقة بصندوق خاص يصل قيمته إلى 200 مليار يورو. وأعطى مجلس الولايات في ألمانيا "بوندسرات" الضوء الأخضر لتوفير تمويل بقيمة 200 مليار يورو لكبح ارتفاع أسعار الطاقة، ولدعم الشركات في مواجهة هذه الأزمة. ومن المقرر الحصول على ديون خارج نطاق الميزانية الاتحادية العادية عن طريق ما يسمى "الصندوق الخاص". ووافق البرلمان الألماني "بوندستاج" الأسبوع الماضي على تجميد جديد لمبدأ كبح الديون المنصوص عليه في الدستور لهذا الغرض. وتهدف هذه الأموال في المقام الأول إلى خفض أسعار الغاز، التي ارتفعت بشكل حاد أخيرا. واقترحت لجنة شكلتها الحكومة أن تسدد الحكومة الألمانية تكلفة خصومات في شهر ديسمبر لجميع عملاء الغاز الألمان. وبدءا من مارس المقبل، يمكن تطبيق حد أقصى لسعر الغاز لحصة أساسية تبلغ 80 في المائة، من الاستهلاك للعملاء العاديين. وبالنسبة لكبار العملاء في قطاع الصناعة، سيطبق كبح لأسعار الغاز بدءا من يناير المقبل. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة الألمانية ستنفذ المقترحات بالطريقة نفسها بالضبط.
مشاركة :