خصصت الحكومة اليابانية، حزمة إنفاق لتحفيز الاقتصاد قدرها 260 مليار دولار لمواجهة تداعيات التضخم وتراجع قيمة الين، بحسب ما أعلنه رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا أمس. لكن المصرف المركزي الياباني يرفض التخلي عن سياسته المتساهلة للغاية، التي سددت ضربة للعملة المحلية هذا العام، لتفقد أكثر من 20 في المائة من قيمتها مقابل الدولار. وتأمل الحكومة بأن يرتفع الإنفاق المالي البالغ 39 تريليون ين إلى 72 تريليونا عند احتساب استثمارات القطاع الخاص، وفق ما أفاد كيشيدا بعدما أقرت الحكومة موازنة إضافية تمول جزئيا إجراءات تخفيف حدة الأزمة. وقال للصحافيين، وفقا لـ"الفرنسية"، "نريد حماية مصادر رزق الناس والتوظيف والأعمال التجارية مع تعزيز اقتصادنا من أجل المستقبل"، بينما لفت إلى أن الخطوة ستسهم في رفع إجمالي الناتج الداخلي 4.6 في المائة. وترتفع الأسعار في اليابان بأسرع وتيرة منذ ثمانية أعوام، رغم أن معدل التضخم البالغ 3 في المائة ما زال أقل بكثير من المستويات المرتفعة للغاية التي تشهدها الولايات المتحدة وغيرها. وضخت اليابان، التي تسجل إحدى أعلى معدلات ديون بالنسبة لإجمالي ناتجها الداخلي، مئات مليارات الدولارات في اقتصادها على مدى العامين الماضيين لدعم التعافي من وباء كوفيد. وستشمل حزمة الجمعة الممولة من ميزانية خاصة بقيمة 200 مليار دولار، إجراءات للتشجيع على زيادة الأجور ودعم العائلات لتتمكن من تسديد فواتير الطاقة التي ارتفعت منذ الحرب في أوكرانيا. وقال كيشيدا "سنهدف لخفض الأسعار بأكثر من 1.2 في المائة العام المقبل عبر خفض فواتير الكهرباء 20 في المائة وخفض أسعار البنزين". كما أن الحزمة مصممة لمساعدة الناس والأعمال التجارية المتأثرة بتراجع الين، الذي تبلغ قيمته حاليا 147 مقابل الدولار. وأنفقت اليابان نحو 20 مليار دولار في أيلول (سبتمبر) في إطار سعيها إلى الحد من تراجع الين، وتدخلت الحكومة باتخاذ إجراءات أخرى مكلفة في الأيام الأخيرة، وفق ما تفيد تقارير. ويعود التراجع الكبير في قيمة الين بشكل أساس إلى الفجوة التي يزداد اتساعها بين السياسات النقدية لمصرفي الولايات المتحدة واليابان المركزيين. وبعد اجتماع استمر يومين بشأن سياساته، أعلن بنك اليابان أنه سيبقي على سياسته النقدية المتساهلة، رغم الضغوط المتزايدة عليه لتعديل استراتيجيته في ظل تراجع قيمة الين. وقال هاروهيكو كورودا حاكم المصرف: إن المسؤولين سيتمسكون بموقفهم إلى أن ترتفع الأسعار بشكل قابل للاستدامة، مضيفا بأن تغييرا لن يطرأ في أي وقت قريب". ورفض كورودا التعليق على التدخلات المفترضة من أجل دعم العملة خلال الأسبوع الماضي، التي لم تؤكدها وزارة المالية. وقال للصحافيين "من المهم للغاية بأن تعكس أسعار الصرف الأسس الاقتصادية، وبأن تتحرك بشكل مستقر". وأضاف أن "تراجع قيمة الين أخيرا كان سريعا وأحاديا" وهو أمر "سلبي بالنسبة للاقتصاد الياباني". وقبيل اجتماع بنك اليابان، ذكر ماساميتشي أداتشي وجو كوريهارا خبيرا الاقتصاد لدى شركة يو بي إس بأن المزج بين تمسك المصرف المركزي بسياساته المتساهلة وإجراءات التحفيز الحكومة سيكون الحل "الأمثل". وأوضحا في تعليقهما بأن ذلك يعود إلى أن التضخم الذي تشهده اليابان ليس مدفوعا بالطلب، بل يعود إلى حد كبير إلى ارتفاع تكاليف الطاقة. واتفق يوشيكي شينكي كبير خبراء الاقتصاد لدى معهد داي-إيتشي لايف للأبحاث مع هذه الرؤيا. وقال: "إن اقتصاد اليابان يواجه طلبا ضعيفا بسبب ارتفاع الأسعار، بخلاف الوضع في الولايات المتحدة حيث يعد الطلب قويا بينما يحاول الاحتياطي الفيدرالي تخفيف حدة التضخم". وأضاف "من المستحيل أن ترفع اليابان معدلات الفائدة للحد من التضخم لهذا السبب". إلى ذلك، انخفض الين أمس، مع تمسك بنك اليابان بسياسات التيسير النقدي، بينما حاول الدولار التعافي من خسائر مني بها في مطلع الأسبوع على خلفية التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي سيلمح إلى تباطؤ وتيرته في رفع أسعار الفائدة. وارتفع الدولار في أحدث التعاملات 0.8 في المائة مقابل الين إلى 147.43 بعدما أبقى بنك اليابان أسعار الفائدة قصيرة الأجل ثابتة دون تغيير عند 0.1 في المائة وتعهده بأن يظل عائد السندات لأجل عشرة أعوام عند 1 في المائة كما كان متوقعا. وقال هاروهيكو كورودا، محافظ بنك اليابان "لا نخطط لرفع أسعار الفائدة أو التوجه للخروج من سياسة التيسير في أي وقت قريبا". وأضاف أنه سيجري تغيير السياسات إذا اقترب معدل التضخم في اليابان من 2 في المائة، لكن ذلك سيعلن للأسواق بوضوح. وارتفع الدولار أيضا مقابل كل من الجنيه الاسترليني، الذي انخفض 0.4 في المائة إلى 1.1516 أمام الدولار، ومقابل اليورو، الذي تراجع 0.2 في المائة إلى 0.9941 أمام الدولار مع توخي المستثمرين القليل من الحذر. وتحاول العملة الموحدة التعافي عقب انخفاضها 1 في المائة في اليوم السابق بعدما رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس. وفي سياق متصل، قالت وزارة الشؤون الداخلية والاتصالات اليابانية أمس، إن نسبة البطالة المعدلة موسميا ارتفعت إلى 2.6 في المائة خلال أيلول (سبتمبر) الماضي. وقد تجاوز ذلك التوقعات التي تحدثت عن زيادة 2.5 في المائة، التي لم تتغير عن بيانات آب (أغسطس) الماضي. وبلغت نسبة الوظائف إلى طالبي العمل 1.34، متجاوزة توقعات بتسجيل 1.33 بارتفاع من 1.32 في تموز (يوليو) الماضي. وبلغ معدل المشاركة 63 في المائة، وهذا أعلى من التوقعات التي بلغت 62.9 في المائة، التي ستبقى دون تغيير.
مشاركة :