حين تستمع إليه يتحدث عن نفسه ومشواره، ستتساءل هل هو شخص محظوظ؟ أم ذكي؟ أم مجتهد؟ أم طموح؟ أم هو كل ذلك معا؟ كيف لطفل أن تتاح له فرصة وظيفة للعمل في السعودية بترشيح من أهم رسام كاريكاتير وقتها، وهو الفنان مصطفى حسين الذي لم يكن يعرف عمره الحقيقة؟، ثم تأتي له فرصة تعيين باختيار وتزكية الأستاذ إبراهيم سعدة شخصيا؟،وكتب له مقدمات كتبه أكبر وأهم الشخصيات الثقافية والسياسية، كلما وصل لحلم، فكر في حلم أعلى وأصعب، هو لا ينافس أحد هو فقط ينافس نفسه، يتطلع دائما أن يكون على القمة، قد يراه البعض مغامرا، ولكن حقيقة الأمر هو طموح ومثابر ومعافر ولا يستسلم حتى يصل لأهدافه، وهذه طبيعة مولود برج الجدي. يثير الجدل برسومه الكاريكاتيرية، فهناك حركات نسائية تراه يقلل من المرأة ويقدمها بصورة فيها تقليل منها، وأنه ليس فقط يؤخر مساعي المدافعات عن حقوق المرأة بل يجعل تأثير تلك الجهود يتراجع بما يقدمه. حاورته كصديق، فأنا أعرفه منذ سنوات، كان ودودا، وأسهب في حكي تفاصيل كثيرة، فكان هذا الحوار الشيق والممتع مع الفنان عمرو فهمي. سؤال مركب من عدة أسئلة لأعطي لك الميكروفون وتسرد الحكاية بأريحية. كيف كانت بدايات الفنان الكبير عمرو فهمي؟وكيف تم اكتشافك من الفنان مصطفى حسين؟وهل كان لديك ميول للكاريكاتير منذ الطفولة؟وكيف اتجهت الى مؤسسة الأخبار في شبابك؟ أنا كنت،أحب الرسم جدا، وذلك لأن والدي كان يعمل مدرسا في ماده الرياضيات والعلوم،فكان من ضمن أنشطة عمله في المكتبةأن يقوم بعمل بعض الرسومات، مثل تقليد رسومات بيكار،وحصل على الميداليةالذهبيةفي نشاط المكتبات الخاص باللوحات، وترتيبها، وترقيمها،على مستوى جميعالمكتبات التابعةلوزارةالتربيةوالتعليم. بعد ذلك انتقلنا إلى السعودية مع والدي للعمل هناك، وفي هذا الوقت كنت في الصف الثالث الابتدائي تقريبا، ووجدت هناك خامات فنيه قيمة، وألوان مبهرة،تقدمها المدرسة للطلبة مجانا، فكانت لدى بيئة خصبة لتظهر موهبتي، ساعدتني أن أكون فنان جيد، وشاركت هناك في العديد من المعارض الجماعية في السعودية،وكان كبير الموجهين ممن انبهروابأعمالي. في أي صف دراستي كنت وقتها؟ في الصف الرابع والخامس والسادس الابتدائي،وحصلت على هداياقيمة مثل القلم الباركر، وكان وقتها هدية قيمة جدا وكبيرة أن يحصل عليها تلميذ في مثل سني. وكنت مميزا لدرجة أن مدرس التربية الفنية يعطي لي مفتاح غرفة الخامات في المدرسة، حتى تكون جميع الخامات متاحة تحت تصرفي وهذه كانت البداية . وبعد عودتنا الى القاهرة كان والدي من قراء جريدة الأخبار،فعرض علي فكرة أن أقدم في الجريدة في صفحة المواهب، فذهبت واشتريت الخامات وصنعت بنفسي أدوات رسمي من البوص؛لأني لم أكن على دراية بأنواع الخامات المستخدمة،ورسمت بها، وكانت المفاجأة أنه تم نشر رسمتي في الجريدة باسمي. أما بالنسبة للأستاذ العظيم مصطفى حسين الراعي الرسمي لموهبتي، ففي البداية كان مطلوب منهأن يرسل رسام جيد إلى السعودية للعمل هناك، فرشحني لذلك،ظنا منه أن سني مناسب للسفر ولكنه تفاجأبأنني طالبفي الصف الأول الإعدادي . هناك من يتهمن عمرو فهمي بأن رسومه مسيئة للمرأة؟ هذا غير صحيح، على العكس تماما، أنا محب للمرأة جدا، ولكن فن الكاريكاتير قائم على المفارقة، فالرجل طبيعته أنه قوي، فحين أظهر المرأة الرقيقة على أنها قوية ومفترية فيصنع ذلك الضحكة، والكاريكاتير أيضا مبني على المبالغات، فحين أرسم شخصا فطبيعي أن أبالغ في شكل الأنف أو الأسنان، وهذا جزء أساسي من فن الكاريكاتير، قد يراه البعض تنمرا، ولكن الكاريكاتير كفن يجب أن يؤخذ كما هو، دون تحليل زائد، لذا فيجب ألا يحمل الأمر غير ما يحتمله بالفعل. ما سر الخلاف بين الفنان مصطفى حسين والكاتب الكبير أحمد رجب؟ كان سبب الخلاف بينهما بسبب الشخصيات، فقام الاستاذ أحمد رجب والأستاذ إبراهيم سعدة بالاتفاق مع الأستاذ مصطفى حسين، على تغيير شخصية"فلاح كفر الهنادوة"؛ لأن الشخصية يمتلكها الرسام والكاتب، ووقع اختيار أستاذ أحمد رجب عليّ لعمل تلك التعديلات ولأكون المسؤول عن رسم تلك الشخصيات في الكاريكاتير بشكل دائم بعد ذلك. كيف تكونت لديك فكرةعمل متحف الكاريكاتير في مكتبةالإسكندرية؟ في البداية كان لي برنامج تليفزيوني اسمه طلقات سريعة، كنت أستضيف فيه وزراء وفنانين، منهم الفنان يحيى الفخراني، سمير غانم،وغيرهم،وكان من ضمن الضيوف الوزير فاروق حسني، فعرضت عليه فكرة عمل متحف للكاريكاتير يضم رسومات كبار الرسامين،فوعدني أنه إذا قمت بتجميع عدد كبير من اللوحات سوف يخصص قصر من القصور ويجعله متحف للكاريكاتير،وفي هذا الوقت حاولت التحدث مع كثير من المسؤولين ولكن لم أجد اهتماما بالفكرةوذلك قبل عام 2011. ولكن بعد أن تولى دكتور مصطفى الفقي العمل في مكتبة الإسكندرية، وهو صديق عزيز، طلبت منهإقامة متحف للكاريكاتير في مكتبة الإسكندرية، كانت المشكلة في البدايةهي عدم وجود مكان يسمح بإقامةالمتحف، ولكن كان لدي إصرار شديد على إقامته. فتوجهت مع الدكتور محمد سليمان لاختيار مكان للمتحف في مكتبه الإسكندرية، وقمنا باختيار مكان بجانب متحف الراحل أنور السادات، بعدها توجهت إلى جمعية الكاريكاتير، وحصلت على الموافقات حتى يرسلوا إلينا أصول الرسومات– وكان ذلك شرط المكتبة لعمل المتحف-،وقامت المكتبة تقديرا لدوري بعرض 6 رسومات لي، وباقي الرسامين تم عرض رسمتين لكل منهم، ويوجد ملصق دائم بالمتحف بأن "عمرو فهمي هو صاحب الفضل في وجود هذا المعرض".وحرصت علي مشاركة أعمال جيل الرواد مثل: رخا، صاروخان، مصطفي حسين، زهدي، حجازي، رمسيس . جدير بالذكر أن الدكتور مصطفى الفقي كان قد كتب مقدمة كتابي "في الصميم"، وأشاد بأهمية الكتاب؛ لأنه يرصد مرحلة هامة جدا من عمر الوطن، ومن ضمن أقواله التي أسعد و أعتز بها كثيرا: "عمرو فهمي فنان قوي، حتى أن توقيعه في حد ذاته أصبح يحمل علامة الجودة". ومن ذكاء د. مصطفى الفقي أنه كان يطلب من الجريدة أن تقوم بنشر مقالاته في نفس اليوم الذي أقوم بنشر فيه رسوماتي. هل فكرت في جمع أعمالك؟ ومن أهم الأسماء التي كتبت لك مقدمات كتبك؟ لا لم أفكر في ذلك، وأنا لدي أكثر من 18 كتاب لفن الكاريكاتير منهم: الفضائح الملكية لديانا الشقية، تحرشات رئيس. لدي خمس كتب من نشر المؤسسة العربية الحديثة، كاريكاتير ساخر جدا، وضحكات ممنوعة في أخبار اليوم قطاع الثقافة، وكتب الهيئة العامة للكتاب،ومكتبه الأسرة، وضحكات غاضبة، التي قام الكاتب الكبير أنيس منصور بكتابة مقدمة له. بالإضافة إلى كتاب نتنياهو، وكتاب بوش والحذاء الطائش، من موقعة القباقيب الى أحذية الدمار الشامل، وآخر كتابين للهيئة العامة للكتاب، قام بكتابة مقدمتهم الأستاذ الدكتور مصطفي الفقي، وكان الدكتور أحمد زويل كتب لي كلمة يشيد فيها بأعمالي نشرتها في كتابي بخط يده. وكتابي الأخير قامت الوزيرة غادة والي المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بكتابة مقدمة الكتاب. أنا دائما لدي حنين للرواد، ولكل من أضاف لي في مشواري، فنشرت الكثير من آراءهم وبعض الكلمات المؤثرة بخط أيديهم مثل الأستاذ أحمد رجب، ومصطفي أمين حتى لا يشكك بعض الناس في ذلك، وأنا أحرص دائما أن أغرس قيمة الوفاء والاعتراف بكل من كان له الفضل في مشواري.
مشاركة :