حذر الرئيس ميشال عون، أمس، من أن لبنان قد ينزلق إلى «فوضى دستورية» بسبب عدم القدرة على انتخاب رئيس جديد خلفاً له، وفي ظل حكومة تصريف أعمال وصفها بأنها «غير كاملة الصلاحيات». ومن المقرر أن يغادر عون القصر الرئاسي في بعبدا اليوم، عشية انتهاء ولايته التي استمرت ست سنوات، لكن أربع جلسات انتخابية لم تسفر عن انتخاب رئيس في ظل انقسام البرلمان، بصورة غير مسبوقة، بعد انتخابات مايو، إذ لم تتمكن الكتل السياسية من التوصل إلى توافق على مرشح لخلافة عون. ظل منصب الرئيس شاغراً مرات كثيرة في الماضي، لكن لبنان يجد نفسه الآن على حافة وضع غير مسبوق، حيث الرئاسة شاغرة وحكومة تصريف الأعمال لا تملك سوى «صلاحيات محدودة». ولمح عون إلى أنه لا يزال يفكر في تحرك سياسي «غير محدد» في الساعات الأخيرة من ولايته لمعالجة الأزمة الدستورية، لكنه قال لـ«رويترز»: «لا يوجد قرار نهائي» بشأن ما يمكن أن تنطوي عليه هذه الخطوة. وقال رداً على سؤال: «نعم من المعقول أن تحصل فوضى دستورية.. الفراغ لا يملأ الفراغ». وترتبط رئاسة عون ارتباطاً وثيقاً في أذهان كثير من اللبنانيين بوجود أزمة مالية بدأت في عام 2019 وانفجار مرفأ بيروت الذي تسبب في سقوط قتلى عام 2020. ورداً على سؤال حول من المرشح الذي تنطبق عليه معادلة الرئيس الأقوى في طائفته، وهي المعادلة التي كرسها بانتخابه قبل ست سنوات، قال عون: «لا أستطيع أن أتحدث في هذا الموضوع، لأني قد أؤذي من أسميه»، معتبراً أن «محاربة الفساد لم تبق له صاحباً». وأعرب عن اعتقاده بأنه إذا ما جاء «رئيس مطابق له، فلن يحبوه ولن ينتخبه من الأساس». وفي أسبوعه الأخير في المنصب، وقع عون تفاهماً بوساطة أميركية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان مع إسرائيل، وهو ما يمثل اختراقاً دبلوماسياً من شأنه أن يسمح لكلا الجانبين باستخراج الغاز من المكامن البحرية. وقال عون: «لو لم يُسمح لنا باستخراج النفط والغاز من مياهنا، لما كنا لنسمح لإسرائيل باستخراج الغاز». وأضاف أن الصفقة مهدت الطريق لاكتشافات الغاز التي يمكن أن تكون «الفرصة الأخيرة» للبنان للتعافي من الانهيار المالي، الذي دام ثلاث سنوات، والذي كلف العملة 95 في المئة من قيمتها، ودفع 80 في المئة من السكان إلى الفقر. وأوضح عون، أن عائدات الثروة النفطية ينبغي أن توضع في صندوق سيادي برئاسة رئيس البلاد، مضيفاً أنه في حال عدم انتخاب رئيس أو تشكيل حكومة من الآن وحتى استخراج الغاز «سيكون البلد انتهى». وأشار إلى أن عدم انتخاب الرئيس ضمن المهلة الدستورية «ليس صدفة.. لا بل أمرا مقصودا». ومن المقرر أن يشهد قصر بعبدا، اليوم، تظاهرة من قبل أنصار «التيار الوطني الحر» الذي أسسه عون، ويتزعمه صهره جبران باسيل، تواكب انتقال الرئيس إلى منزله في الرابية بجبل لبنان. وقال عون: «أنا سأذهب إلى الرابية لأكمل حياتي السياسية، لأنني أعتبر أن الأوضاع في لبنان لا تزال تتجه نحو الأسوأ، ولا المنظومة الحالية تستطيع أن تصلح البلد لا بل هي التي صنعت الأخطاء مستمرة بارتكابها». وأضاف: «لا يمكن أن نبقي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في منصبه، بعد هذه الفضائح التي ارتكبها». وأوضح، أن سلامة محمي من المنظومة الحاكمة، «يعني الحكومة والأشخاص النافذين في البلاد الذين لا يزالوا داعمين سلامة، رغم أن التحقيق القضائي يقضي بتحويله إلى المحاكمة». ويخضع سلامة للتحقيق في لبنان وخمس دول أوروبية، على الأقل، للاشتباه في ارتكابه جرائم مالية. ويعتقد المدعون السويسريون أن سلامة اختلس نحو 330 مليون دولار من أموال المصرف بين عامي 2002 و2015 عبر عقد وقعه مع شركة «فوري أسوسيتس»، وهي شركة خدمات مالية يملكها شقيقه الأصغر رجا سلامة. وختم عون حديثه قائلاً: «لست نادماً لأنني عملت رئيس جمهورية من جهة ومن جهة ثانية كنت أستطيع أن أعمل أكثر وأنا نادم على ذلك». ميقاتي يطالب بوقف التجاذبات دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نحيب ميقاتي، أمس، إلى وقف التجاذبات والتعاون لمعالجة الأوضاع الصعبة وإعادة التعافي إلى لبنان. وقال ميقاتي، في تصريحات صحفية أمس: «إننا مقبلون على مرحلة جديدة عنوانها الأبرز أننا لن نتحدى أحداً، ولن نقف بوجه أي أمر يخدم لبنان وأهله». وأضاف أن «السياسة ليست فقط مواقف وتحركات، بل هي في جوهرها أيضاً توفير الفرص الجيدة للإنتاج». وأشار إلى أن «هناك ثلاثة قطاعات أساسية وهي الصناعة والزراعة والسياحة لا تحتاج إلى أموال من الدولة، بل إلى بيئة جيدة للاستثمار وللعمل، والبيئة السياسية المطلوبة لاحتضان المستثمر وتشجيعه على العمل». ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية، وتراجع في حجم التدفقات المالية من الخارج، وارتفاع في حجم الدين العام، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وتراجع القدرة الشرائية بفعل ارتفاع الأسعار وانهيار سعر صرف الليرة.
مشاركة :