الرباط – اشتكى الوفد المغربي المشارك في أشغال اجتماع مجلس وزراء الخارجية التحضيري للقمة العربية بالجزائر، السبت، من استفزازات وخروقات بروتوكولية وتنظيمية متنافية مع الأعراف الدبلوماسية والممارسات المعمول بها في الاجتماعات، في صورة أخرى من صور التوتر والخلافات العميقة التي تعرفها العلاقات بين البلدين الجارين. وكشفت مصادر سياسية عربية أن الوفد المغربي الذي يترأسه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة الموجود حاليا في الجزائر في إطار التحضير للقمة العربية يتعرض لمضايقات شديدة من السلطات الجزائرية. وفسرت هذه المصادر المضايقات بخشية الجزائر من حضور العاهل المغربي الملك محمد السادس القمة. وقالت إن هاجس حضور العاهل المغربي القمة جعل المسؤولين الجزائريين يخرجون عن كل ما له علاقة بالأصول والاعراف الديبلوماسية في تعاطيهم مع الوفد الوزاري المغربي. وكشف الناشط السياسي رضوان الرمضاني ما يتعرض له الوفد المغربي نقلا عن مصدر دبلوماسي مغربي رفيع المستوى عبر حسابه على تويتر قائلا "ارتكبت في حق الوفد المغربي المشارك في اجتماع مجلس وزراء الخارجية التحضيري للقمة العربية خروقات بروتوكولية وتنظيمية متنافية مع الأعراف الدبلوماسية والممارسات المعمول بها بالاجتماعات التي تلتئم في إطار جامعة الدول العربية، بدءا بالتقصير في استقباله بالمطار". وأضاف "تفاقمت التجاوزات المرتكبة في حق الوفد المغربي سواء عند وصوله إلى قاعة الاجتماع أو خلال الأنشطة الموازية بما فيها مأدبة العشاء التي أقامها وزير الخارجية الجزائري، والتي أمعنت الجهة الجزائرية في تهميش رئيس الوفد المغربي، متجاهلة تطبيق العرف الدبلوماسي". كما أضاف المصدر أنه "من شأن تلك التجاوزات أن تحدث ارتباكا جسيما فيما تبقى من أشغال القمة العربية وهي التي تفسر غياب مجموعة من القادة العرب أو عدول آخرين عن الحضور". إلى ذلك، أوضح المصدر الدبلوماسي المغربي أن الوفد المغربي، مثله مثل بقية الوفود العربية، عانى من استفزازات أحد الموظفين الجزائريين الذي اتسم سلوكه بالعنف والهجومية، وغياب الحياد وفرض وجهة نظره وفشله في البحث عن التوافق. في السياق ذاته، نقلت مصادر متطابقة تحدثت عن جانب من نقاش دار خلال الجلسة المغلقة لاجتماعات وزراء الخارجية العرب بين وزيري خارجية المغرب ناصر بوريطة والجزائر رمطان لعمامرة. وروى مصدر مطلع وقريب من دوائر عليا في المنطقة، أن الوزير المغربي طالب بإدراج نقطة تسليح إيران لجبهة البوليساريو الانفصالية بالدرون (الطائرات المسيرة) واستهدافها للأراضي العربية سواء في الخليج أو المغرب ضمن جدول الأعمال. في حين رد نظيره الجزائري بالرفض قبل أن يتدخل من جديد رئيس الدبلوماسية المغربية ليقول مخاطبا لعمامره "ليس من حقك الرفض هناك تصويت وإجماع"، بيد أن وزير خارجية الجزائر تجاهل كلامه قبل أن يعيد بوريطة "نفس الطلب، وسانده حسب نفس المصدر "معظم من في القاعة ثم خرج من قاعة الاجتماع ولم يغادر الجزائر". وكان بوريطة قد قال في تصريح مقتضب للصحافة "إذا تجاوزنا الخلافات الجانبية ، وإذا تجاوزنا الاستفزازات التي لا حاجة اليها، وإذا البلد المضيف تعامل وفق القواعد التي تحكم القمم سواء من الناحية البروتوكولية أو من ناحية الأعراف،، واذا كان هناك تلاعب بكل القواعد فأكيد أنه سيكون هناك فشل". واحتج الوفد المغربي في وقت سابق على بتر قناة جزائرية، قدمت نفسها على أنها شريكة إعلامية لجامعة الدول العربية، للصحراء من خريطة المملكة، قبل أن تتراجع عن ذلك لاحقا. ونفت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في بيان رسمي أن يكون لها أي "شركاء إعلاميين" في تغطية أعمال القمة العربية الحادية والثلاثين التي تُعقد بالجزائر، وأكدت عدم وجود صلة لها بأية مؤسسة إعلامية تدعي هذه الصفة. جاء النفي على خلفية قيام قناة الجزائر الدولية AL24 News بنشر خريطة للعالم العربي على موقعها الإلكتروني تخالف الخريطة التي درجت جامعة الدول العربية على اعتمادها، ما أثار حفيظة الوفد المغربي. وأكدت الأمانة العامة أن الجامعة العربية لا تعتمد خريطة رسمية مبينا عليها الحدود السياسية للدول العربية، وأنها تتبنى خريطة للوطن العربي بدون إظهار للحدود بين الدول تعزيزا لمفهوم الوحدة العربية. ورغم ما تعرض له الوفد المغربي برئاسة وزير الخارجية ناصر بوريطة فإنه تمسك بالهدوء ورباطة الجأش ولم ينسحب من الاجتماع التحضيري للقمة العربية بالجزائر. ونقلت وكالة المغرب العربي للأنباء (الرسمية) عن مصدر دبلوماسي مغربي رفيع تأكيده أنه عكس ادعاءات بعض المواقع ووسائل الاعلام الجزائرية بأن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة قد غادر مكان اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة العربية بالجزائر إثر خلاف مع وزير الشؤون الخارجية الجزائري فإن هذا الخبر لا أساس له من الصحة. وفي وقت لاحق أكد ذات المصدر ان الوفد المغربي بقي داخل القاعة واحتج على عدم احترام خارطة المغرب، كما هو متعارف عليها، من قبل قناة جزائرية مما اضطر الجامعة العربية إلى اصدار بيان توضيحي ورئاسة الجلسة الى تقديم اعتذار. وشدد ذات مصدر على أنه ليس من قواعد واعراف العمل الدبلوماسي المغربي وفق التعليمات السامية للعاهل المغربي الملك محمد السادس أن يغادر قاعة الاجتماعات بل أن يدافع من داخل أروقة الاجتماعات على حقوق المغرب المشروعة ومصالحه الحيوية. وخلص المصدر إلى أن كل الأخبار الرائجة عن مغادرة الوفد المغربي لقاعة الاجتماعات لا أساس له من الصحة.
مشاركة :