لمجلس الإدارة دور مهم في مراقبة المدراء التنفيذيين في المؤسسات والشركات الربحية، وضمان فاعلية أدائهم لزيادة أرباح حَمَلة الأسهم، كما أنه يقع على عاتقه دور رئيس في تقديم النصيحة والمشورة للفريق التنفيذي في المؤسسات. فلذلك عُنيَ الباحثون الأكاديميون والمشرّعون بدراسة العوامل التي تؤثر على أداء مجالس الإدارة. وقد أشارت العديد من الدراسات الحديثة إلى أن تنوع أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية له تأثير مهم في تحسين أداء المؤسسات. يُعد مجلس الإدارة والفريق التنفيذي متصفًا بالتنوع متى كان الأعضاء ذوو تنوع في الخلفيات والسمات: كالجنس، والعِرق، والعمر. ويرجع تأثير التنوع إلى عاملين رئيسين؛ أولاً: من المتوقع أن يؤدي تنوع أعضاء مجلس الإدارة إلى زيادة استقلالية المجلس، وهذا مهم كونه يسمح لمجلس الإدارة بمراقبة المدراء التنفيذيين وتقديم المشورة المستقلة لهم. ثانيًا: إن تنوع خلفيات وسمات الأعضاء يعزز فرصة توفر الخبرات والمعارف المتنوعة، مما يسهم في إثراء عدد الآراء المقدمة، ليتم تداولها ومناقشتها في المجلس، وذلك يفضي بالمجلس للتوصل إلى قرارات أفضل. وينطبق الأمر نفسه على فريق الإدارة التنفيذية مثل المدير المالي والرئيس التنفيذي وكبار المسؤولين التنفيذيين. على سبيل المثال، إذا نظرنا إلى تأثير عمل المرأة على أداء الشركة، فإن دراسات علم النفس تشير إلى أن النساء أكثر تجنباً للمخاطر، وأقل تفاؤلاً من الرجال، وأن معاييرهن الأخلاقية أعلى. تدعم أدبيات علمي المحاسبة والمالية العديد من نتائج دراسات علم النفس المذكورة أعلاه، حيث تشير إلى أن المديرات التنفيذيات أقل ثقة في قراراتهن المتعلقة بالشؤون المالية، مما يؤدي إلى تقليل مخاطر الشركة إجمالاً. وعادة ما يكون مناخ العمل أكثر أخلاقيةً متى كانت المرأة تشغل مناصب عليا في الشركة. وفيما يتعلق بتأثير التنوع العمري، تفيد الأبحاث أن كبار السن يختلفون عن فئة الشباب بشكل كبير من حيث الاهتمامات والتعليم واستخدام التكنولوجيا وطرق أداء العمل. نتيجة لذلك، قد يمزج فريق متنوع العمر بين مجموعة متنوعة من الأفكار ويضيف إلى جودة النقاشات في المجلس. بالإضافة إلى ذلك، تؤكد الأبحاث أن المجموعات التي تحتوي على فئات عمرية متنوعة من المرجح أن تكون أكثر إبداعاً وأكثر قدرة على التكيف مع التغيير والتطوير كونها أقل عرضة لتأثيرات التفكير الجماعي السلبية، وتميل إلى توليد مناقشات أكثر تنوعاً وإثراء عبر طرح وجهات النظر المختلفة الممثلة للمجموعة. كما تذكر الأبحاث التجريبية الأخرى أن التنوع العمري يمكن أن يساهم في تحسين الأداء تحديداً في حالات مناقشة المسائل المعقدة وغير النمطية في صنع القرار. وتشير إحدى التجارب إلى أن التنوع العمري يُحسّن أداء المجموعة في حال اضطلاعها بمهام شديدة التعقيد. هذه النتائج تقودنا إلى تساؤل آخر: هل يجب أن يُفرض نظام محاصصة في مجالس إدارات الشركات بهدف تحسين أدائها؟ فعلى سبيل المثال، هل يجب أن يُفرض على الشركات تخصيص نسبة 30% من أعضاء مجلس إدارتها لتكون من النساء، أو يكونوا تحت سن 50 مثلاً؟ الإجابة على هذا السؤال صعبة؛ لأن ما أظهرته بعض الأبحاث أنه عندما يُفرض قانون معيّن، فإن الشركات غير الراغبة في تنفيذ القرار ستجد طريقة للتهرب منه مما سيؤثر سلبًا على أداء وفعالية مجلس الإدارة. فمع أن العديد من الدراسات أكدت أن التنوع العمري يحسّن أداء الشركات؛ إلا أن فرض التنوع على الشركات ليس من شأنه أن يؤدي بالضرورة إلى نفس النتيجة. تنتقي العديد من هذه الدراسات عينات من الشركات الأمريكية والأوروبية، حيث لا توجد قوانين لنظام المحاصصة، أي أن الشركات المختارة لعيّنة هذه الأبحاث قامت بتنويع مجالس إداراتها من تلقاء نفسها. وبالتالي، لا يمكننا طمأنة من يستحدث السياسات بأن فرض متطلبات إلزامية للتنوع العمري سيحسّن أداء الشركات. يمكن للشركات الاستجابة لقرار فرض التنويع لمجالس إدارتها من خلال تعيين شخصيات غير مؤهلة ممن تنطبق عليهم القوانين، والذين سيصادقون على قرارات المجلس ولن يكون لهم أي تأثير على أداء الشركة فضلاً عن احتمال تأثيرهم السيء على أداء الشركة. وعليه فإن بعض الدراسات السابقة والتي درست تأثير فرض القوانين على الشركات تؤكد أن هذه السياسة لا تؤدي دائمًا إلى النتائج المرجوة منها. *قسم المحاسبة - كلية إدارة الأعمال - جامعة البحرين.
مشاركة :