أكدت أوكرانيا أن تعليق روسيا العمل باتفاق يتيح تصدير الحبوب من موانئها يجعل إبحار الناقلات المحمّلة هذه المنتجات أمرا "مستحيلا"، وذلك بعدما أعلنت روسيا الأحد أن "منطقة آمنة" لتصدير الحبوب استخدمت في هجوم بمسيّرات استهدف أسطولها في القرم. وتوقفت حركة نقل الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود الأحد بعدما علقت روسيا السبت الاتفاق بشأن صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية الحيويّة لإمدادات الغذاء في العالم. وسمح الاتفاق الذي أبرم في تموز/يوليو برعاية الأمم المتحدة وتركيا، بتصدير ملايين أطنان الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية منذ بدء النزاع في شباط/فبراير. وتسبب هذا الحصار بارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية، مثيرا مخاوف من حدوث مجاعة. وأعلن وزير البنى التحتية الأوكراني أن سفينة شحن "محمّلة أربعين طنا من الحبوب كان يفترض أن تغادر الميناء الأوكراني اليوم". وتابع "كانت هذه المواد الغذائية مخصصة للإثيوبيين الذين باتوا على حافة المجاعة. لكن نتيجة إغلاق روسيا +ممر الحبوب+، فإن التصدير بات مستحيلا". وكان الاتفاق قد أتاح تصدير أكثر من تسعة ملايين طن من الحبوب الأوكرانية، وكان من المفترض تجديده في 19 تشرين الثاني/نوفمبر. والأحد أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن عددا من المسيرات التي استُخدمت لمهاجمة أسطولها في القرم كان يضم "وحدات ملاحية كندية الصنع"، قائلة إنها عثرت على حطام بعضها في البحر. وذكرت الوزارة أن خبراءها "قاموا بفحص وحدات الملاحة الكندية الصنع المثبّتة على المسيّرات البحرية". وكانت روسيا قد أعلنت السبت تعليق تقيّدها بالاتفاق بسبب هجوم مكثّف بطائرات مسيّرة استهدف صباح السبت سفنا عسكرية ومدنية تابعة لأسطولها في البحر الأسود المتمركز في خليج سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم، ما وصفته كييف بأنه "حجة كاذبة". ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن السبت قرار روسيا الانسحاب من الاتفاق بأنه "مشين"، فيما اعتبر وزير خارجيته أنتوني بلينكن أن روسيا تستخدم مجددا "الغذاء سلاحا" في الحرب. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد عن "قلقه البالغ حيال الوضع الحالي المرتبط بمبادرة الحبوب في البحر الأسود"، وفق المتحدث باسمه الذي أوضح أن غوتيريش قرر تأجيل مغادرته لحضور القمة العربية في الجزائر لمدة يوم "من أجل التركيز على هذه القضية". والأحد حضّ الاتحاد الأوروبي روسيا على "العودة عن قرارها". وأكد مركز التنسيق المشترك المكلف الإشراف على تطبيق الاتفاق أن أي حركة لسفن شحن تنقل الحبوب الأوكرانية لم تسجل في البحر الأسود الأحد. وجاء في بيان له "تعذر التوصل إلى اتفاق في مركز التنسيق المشترك بشأن حركة خروج سفن الشحن ودخولها في 30 تشرين الأول/اكتوبر". وتابع "ثمة أكثر من عشر (سفن) أخرى" جاهزة لذلك في الاتجاهين على ما أوضح المركز الذي يسهر على تطبيق الاتفاق. والأحد أعلنت وزارة الدفاع التركية أن السفن لن تبحر من أوكرانيا "في هذه الفترة"، لكنّها شددت على أن تركيا ستستمر في تفتيش السفن المحمّلة حبوبا أوكرانية في اسطنبول "اليوم وغدا". إلى ذلك أعلنت الوزارة أن روسيا أبلغت تركيا رسميا بتعليق تقيّدها بالاتفاق، لكنها أشارت إلى "وجود مستمر لعناصر روس في مركز التنسيق". وعلى تويتر أكد وزير الخارجية الأوكراني أن روسيا تمنع إبحار "176 سفينة حبوب هي حاليا في البحر"، مشيرا إلى أن الحمولات تكفي لإطعام سبعة ملايين شخص. وكانت كييف والأمم المتحدة قد اعتبرتا في وقف سابق ان الاتفاق لا يزال ساريا. وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن القرار الروسي يعكس "نية واضحة لدى روسيا للتلويح مجددا بهاجس المجاعة على نطاق واسع في إفريقيا وآسيا". واستُهدفت سيفاستوبول الواقعة في شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في آذار/مارس 2014، مرارا هذا الشهر. وتشكل شبه جزيرة القرم مقراً لأسطول البحر الأسود الروسي وقاعدة خلفية لوجستية لغزو أوكرانيا. وقال الجيش الروسي إنه "دمّر" تسع طائرات مسيّرة وسبع مسيّرات بحرية" استخدمت في الهجوم على الميناء صباح السبت. واتّهم الجيش الروسي خبراء بريطانيين مقرهم في أوتشاكوف في منطقة ميكولايف الأوكرانية بمساعدة كييف وتدريب قواتها على تنفيذ الضربة. كذلك اتّهمت القوات الروسية لندن بالضلوع في الانفجارات التي تسببت بتسرب في خطي أنابيب نورد ستريم 1 و2 لنقل الغاز الروسي في بحر البلطيق في أيلول/سبتمبر. ونددت وزارة الدفاع البريطانية بما اعتبرته "قصة ملفّقة" من روسيا تهدف الى "تحويل الانتباه عن إدارتها الكارثية لغزو أوكرانيا غير الشرعي". وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن السفن المستهدفة في قاعدة القرم كانت مشمولة باتفاق تصدير الحبوب. مؤخرا وجّهت روسيا انتقادات لاتفاق تصدير الحبوب، مشيرة إلى أن صادرتها من الحبوب تضررت من جراء العقوبات الغربية. وأكد حاكم سيفاستوبول الموالي لروسيا ميخائيل رازفوجايف أن هجوم السبت كان "الأكبر" الذي تعرّضت له القرم. وتزايدت مؤخرا الهجمات على القرم بعدما بدأت كييف هجوما مضادا في الجنوب لاستعادة أراض من يد موسكو. في مطلع تشرين الأول/أكتوبر، تعرّض جسر القرم، الذي يربط شبه الجزيرة بروسيا، وافتتحه بوتين في 2018، لهجوم نُفذ بشاحنة مفخّخة خلف دمارًا جزئيًا، وقد حمّل سيّد الكرملين مسؤولية الهجوم لكييف. والأحد قالت كييف إن قواتها "تعزز مواقعها" في جنوب أوكرانيا وتوّجه "ضربات للعدو لتهيئة الظروف لمزيد من التحركات الهجومية". وتعهّدت سلطات خيرسون الخاضعة للسيطرة الروسية جعل المدينة "حصنًا" لمقاومة الهجوم الأوكراني.
مشاركة :