الرئيس اللبناني يوقّع مرسوم إقالة الحكومة ويغادر قصر بعبدا

  • 10/31/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت – غادر الرئيس اللبناني ميشال عون، الذي شهدت رئاسته انهيارا ماليا كارثيا في لبنان وانفجار مرفأ بيروت، القصر الرئاسي في بعبدا الأحد، تاركا فراغا في قمة الدولة اللبنانية، في وقت هاجم البطريرك اللبناني الماروني بشارة الراعي النواب والسياسيين في البلاد، محمّلا إياهم مسؤولية الفراغ الرئاسي. وقبل يوم واحد على انتهاء ولايته رسميا ومدتها ست سنوات، سلم عون منصبه إلى الفراغ دون مراسم تسلم وتسليم، مثلما تسلم الرئاسة بعد فراغ رئاسي امتد على عامين ونحو 5 أشهر، لكن حاليا لا يوجد ما يؤشر على المدى الزمني الذي قد يبلغه هذا الفراغ. وعلى وقع هتافات مؤيدة أطلقها الآلاف من مناصريه وأعضاء حزبه، الذين أمضى بعضهم ليلته في محيط القصر الرئاسي في منطقة بعبدا المشرفة على بيروت، قال عون "اليوم صباحا وجهت رسالة إلى مجلس النواب ووقّعت مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة". وفي رسالته إلى البرلمان، قال عون إن خطوته تأتي بعدما أعرب رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي "عن عدم حماسته للتأليف لأسباب مختلفة"، ولقطع الطريق أمامه لـ"عقد جلسات لمجلس الوزراء" بما يخالف "مفهوم تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق". ومنذ أسابيع، يتبادل عون الاتهامات بتعطيل تشكيل حكومة نتيجة شروط وشروط مضادة. وتعد خطوة عون سابقة في لبنان، حيث يتعين على رئيس الجمهورية إصدار مرسوم قبول استقالة الحكومة، في اليوم ذاته الذي يوقع فيه مرسومي تعيين رئيس الحكومة وتشكيل حكومة جديدة. وتصدر المراسيم الثلاثة معا. لكن خبراء دستوريين يقللون من تداعياتها ويضعونها في إطار "الصراع السياسي" بين الرجلين. وأضاف عون "اليوم نهاية مرحلة، ولكن ستبدأ مرحلة أخرى من النضال القوي، ولبنان مسروق من قبل القطاع المصرفي، وهذا يحتاج إلى جهد لاقتلاع الفساد من جذوره". وأكد أن "المنظومة الحاكمة عطلت القضاء، وأن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة محمي من المنظومة الحاكمة". وقال "بالرغم من كل التجاوزات المالية والانهيار الاقتصادي لم نتمكّن من إيصال حاكم مصرف لبنان إلى القضاء، لأنّ المنظومة الحاكمة منذ 32 سنة تحميه". ودخل لبنان في مرحلة الشغور الرئاسي بالفعل، حيث لم يعد ممكنا بالوقت المتاح لانتهاء ولاية الرئيس عون الاثنين، أن يطرأ أي جديد على المشهد السياسي القائم في البلاد، فلا قدرة ولا توافق على انتخاب رئيس جمهورية جديد عبر المجلس النيابي المنقسم على نفسه، ولا حظوظ بولادة حكومة جديدة في اللحظات الأخيرة للولاية الرئاسية، في ظل الصدام بين فريق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي. ومع مغادرة عون قصر بعبدا قبل يوم على انتهاء ولايته دون انتخاب خليفة له، هاجم البطريرك اللبناني الماروني بشارة الراعي الأحد النواب والسياسيين في البلاد، محمّلا إياهم مسؤولية الفراغ الرئاسي. وقال الراعي في عظة الأحد "لو وُجدت ذرّة من الرحمة والعدالة لدى المسؤولين السياسيين... لما أمعنوا في هدم مؤسّسات الدولة تباعا، وصولا إلى رئاستها التي هي فوق جميع الرئاسات والمؤسّسات، فأوقعوا هذه الرئاسة العليا والأساسية في الفراغ، إمّا عمدا، وإمّا غباوة، وإمّا أنانيّة". واعتبر البطريرك الماروني أنّ "الرئاسة بصلاحيتها ودورها أساس الاعتراف بوحدة لبنان كيانا ودولة"، لافتا إلى أنّ "الرئيس فوق كلّ رئاسة، والعودة إلى نغمة "الترويكا" قد ولّت". وتجمع العشرات من أنصار عون أمام قصر بعبدا لتوديعه، مرتدين اللون البرتقالي المرتبط بالتيار الوطني الحر الذي يتزعمه. وحملوا صورا له عندما تولى رئاسة البلاد وأيضا عندما كان قائدا للجيش قبل عقود. وتزامنا مع الحشد الشعبي في محيط بعبدا لوداع عون، قال الراعي "نتمنّى للرئيس عون الخير والتوفيق، وفي عهده كان لبنان وسط محاور المنطقة وعرف أسوأ وجودية في تاريخه الحديث"، مناشدا "النواب القيام سريعا بواجبهم وانتخاب رئيس جديد لأنّ الشغور ليس قدرا في لبنان بل مؤامرة عليه، والجسم لا يحتمل أكثر من رأس". وأكد أنّ "الاتفاق المسبق على اسم الرئيس غير ممكن، بل الانتخاب يتم بجلسات الانتخاب المتتالية بالحفاظ على التشاور والنصاب"، متسائلا "أتدركون أنّكم تفاقمون الأزمات بالشغورين الرئاسي والحكومي؟". كما لفت إلى أنّ "الطريق إلى قصر بعبدا يمرّ باحترام الدستور والشرعية وعدم تجييرها لهذا المحور أو ذاك، فالرئاسة ليست هواية بل ريادة بالحكم وإدارة الشعوب". وعجز البرلمان حتى الآن عن الاتفاق على من يخلف عون في هذا المنصب، الذي يتمتع بسلطة توقيع مشروعات القوانين وتعيين رؤساء الوزراء، وإعطاء الضوء الأخضر لتشكيل الحكومة قبل أن يصوت عليها البرلمان. وكما هو الحال خلال أكثر من نصف فترة عون في الرئاسة، تحكم لبنان حاليا حكومة تصريف للأعمال مع محاولة رئيس الوزراء المكلف منذ ستة أشهر تشكيل حكومة. وتولى عون الرئاسة في عام 2016، بدعم من حزب الله والسياسي المسيحي الماروني المنافس سمير جعجع، في اتفاق أعاد السياسي السني البارز وقتئذ سعد الحريري رئيسا للوزراء. وفي أسبوعه الأخير في القصر، وقّع عون اتفاقا بوساطة أميركية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان مع إسرائيل. وأشاد أنصاره بهذه الإنجازات، لكن منتقديه يقولون إن تلك النجاحات المتواضعة تتضاءل مقارنة بالانهيار المالي عام 2019، والذي دفع بأكثر من 80 في المئة من السكان إلى براثن الفقر، وأدى إلى أوسع احتجاجات مناهضة للحكومة في التاريخ الحديث. وارتبطت أيضا فترة عون بشكل وثيق بانفجار عام 2020 في مرفأ بيروت، والذي خلف أكثر من 220 قتيلا. وقال عون في وقت لاحق إنه كان على علم بالمواد الكيماوية المخزنة هناك، وأحال الملف إلى سلطات أخرى لاتخاذ إجراءات، إلا أن عائلات الضحايا قالت إنه كان يجب عليه فعل المزيد. وصرّح عون لوكالة "رويترز" في مقابلة السبت بأن سلطاته الرئاسية ليست واسعة بما يكفي لمعالجة الأزمة الاقتصادية. وقال المحامي ميشال معوشي "كان إلى حد بعيد أسوأ رئيس في تاريخ لبنان، وأنا أفضل عليه الفراغ في الرئاسة". وفي مقابلته مع رويترز، أرجع عون الفضل إلى حزب الله لدوره "المفيد" في العمل "كرادع" ضد أي هجمات إسرائيلية خلال محادثات الحدود البحرية.

مشاركة :