أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي اليوم (الأحد) أن الحكومة "ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة وبينها تصريف الأعمال"، معتبرا أن مرسوم استقالة الحكومة الذي أعلن الرئيس ميشال عون توقيعه "يفتقر إلى أي قيمة دستورية". جاء ذلك بحسب بيان صدر عن مكتب ميقاتي في كتاب وجهه الأخير إلى رئيس البرلمان نبيه بري عقب إعلان عون توقيع مرسوم استقالة حكومة تصريف الأعمال، قبل مغادرته القصر الجمهوري قبل يوم من انتهاء ولايته الرئاسية. وقال ميقاتي إن "الحكومة ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة ومن بينها تصريف الأعمال وفق نصوص الدستور والأنظمة التي ترعى عملها وكيفية اتخاذ قراراتها". واعتبر أن "المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة، المستقيلة أصلا بمقتضى أحكام الدستور (بسبب بدء ولاية البرلمان المنتخب في مايو الماضي)، يفتقر إلى أي قيمة دستورية". وأكد أن مرسوم قبول استقالة حكومة مستقيلة تترتب عليه نتائج أهمها أن تصريف الأعمال يمسي من واجبات الحكومة المستقيلة أو التي تعتبر بحكم المستقيلة. وشدد على أن "تصريف الأعمال يقع في مرتبة الإلتزام والموجب الدستوري وكرسته وفرضته المادة 64 من الدستور لضرورة استمرارية سير المرفق العام وانتظام آداء المؤسسات الدستورية". وأشار إلى أن "الفراغ في المؤسسات الدستورية يتعارض والغاية التي وجِدَ من أجلها الدستور ويهدد النظام بالسقوط ويضع البلاد في المجهول". وأكد أن "امتناع الحكومة عن القيام بواجباتها الدستورية وبينها متابعة تصريف الأعمال يشكل إخلالا بالواجبات المترتبة عليها ويعرضها، رئيساً وأعضاء، للمساءلة الدستورية بتهمة الإخلال بالواجبات كما نصت عليه المادة 70 من الدستور". وفي وقت سابق من اليوم قال عون أمام الآلاف من مناصريه في احتفال وداعي رسمي وشعبي لدى مغادرته القصر الجمهوري قبل انتهاء ولايته الرئاسية الذي يصادف يوم غد (الاثنين) انه وقع مرسوم استقالة الحكومة ووجه رسالة إلى البرلمان يدعوه إلى اتخاذ إجراءات فورية لتجنب الفراغ المزدوج الرئاسي والحكومي. وكان البرلمان انتخب عون رئيسا للبلاد في 31 أكتوبر 2016، بعد عامين ونصف من الفراغ الرئاسي بسبب الخلافات السياسية على شخصية توافقية، وهو السبب ذاته الذي أدى إلى إخفاق البرلمان مؤخرا لعدة مرات في انتخاب خلف له ودخول البلاد مجددا في الفراغ الرئاسي من جديد. ويترافق الفراغ الرئاسي المتوقع اعتبارا من أول نوفمبر المقبل مع أزمة حكومية وسط اشتباك وجدل دستوري وسياسي حول إدارة البلاد في ظل الفراغ علما ان الدستور اللبناني ينص على تولي "مجلس الوزراء مجتمعا" صلاحيات الرئيس في حال تعثر انتخاب رئيس جديد للبلاد. ويصر عون وفريقه على اعتبار حكومة تصريف الأعمال غير مخولة تولي صلاحيات رئيس الجمهورية، بينما يرى ميقاتي وآخرون أن الحكومة تستطيع القيام بدورها في فترة الفراغ الرئاسي إلى حين انتخاب رئيس جديد. واعتبرت رسالة عون الى البرلمان أن أمام الأخير خيارات إنقاذية فورية بينها نزع التكليف الذي أعطاه البرلمان إلى رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي "إذا لم يعتذر" ليصار إلى تكليف سواه. كما رأت الرسالة أنه بإمكان البرلمان الدعوة لإصدار مراسيم تشكيل حكومة جديدة برئاسة ميقاتي، أو انتخاب رئيس جمهورية جديد. وكان عون قد كلف ميقاتي في يوليو الماضي بتشكيل الحكومة بعد حصوله على أصوات 54 من أعضاء البرلمان من أصل 128 لكن تصاعد الخلافات بين عون وميقاتي من شهر يونيو الماضي حول تقاسم الحصص الوزارية أعاق تشكيل الحكومة. وفي سياق متصل، أفاد بيان صادر عن رئيس البرلمان نبيه بري أنه تسلم كتابا من ميقاتي يبلغه فيه "بمتابعة الحكومة لتصريف الأعمال والقيام بواجباتها الدستورية". كما تسلم بري رسالة عون الموجهة للبرلمان والتي يدعو فيها إلى عقد جلسة للمجلس لاتخاذ التدبير المناسب في هذا الموضوع. ولم يشر بيان بري إلى الإجراء الذي سيتخذ بشأن رسالة عون إلى البرلمان التي ينبغي عرضها ومناقشتها في البرلمان خلال مهلة 5 أيام من تلقيها. وتأتي هذه التطورات في وقت تعاني فيه البلاد منذ العام 2019 أزمة اقتصادية حادّة أدت إلى انهيار مالي غير مسبوق وشح في الوقود والطاقة وسلع أساسية أخرى، فضلا عن ارتفاع معدل الفقر في البلاد إلى 82%.
مشاركة :