لافت الشعار الذي حملته الدورة السادسة لمبادرة مستقبل الاستثمار، «الاستثمار في الإنسانية: تمكين نظام عالمي جديد»، تجسيد فعال لأنسنة الاستثمار بما يعكس الرؤية الحديثة التي تعطي الهم البشري وتمكين الشعوب لتحسين واقعها وتهيئة الظروف لمستقبل أفضل يسترد فيه الإنسان قيمته كغاية لأجلها نشأ الاقتصاد أولوية قصوى. مبادرة مستقبل الاستثمار وأنسنة الاستثمار 180 جلسة و30 ورشة عمل و4 قمم مصغرة بحثت في الاتجاهات والتحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والحيوية الراهنة، لكن أبرز ما أثار الاهتمام العرض المرئي الذي شهدته الجلسة الافتتاحية عن المسح الاستقصائي الذي أجرته IPSOS على ما يقارب نصف سكان العالم سعت مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار من خلاله إلى استكشاف أعلى الأولويات في العالم أن نسبة 77 % متفائلون بمستقبل أفضل - وهذا أيضاً رقم لافت في ظل التحديات الاجتماعية والبيئية غير المسبوقة - فيما يرى نصف سكان العالم أن الأمان المالي يعدّ من أبرز التحديات التي يواجهونها فضلاً عن التكاليف على الدخل والاحتباس الحراري والتغير المناخي. هذه الأولويات وغيرها تعكس الهم الإنساني حول العالم، الذي لا يختلف في عناوينه العريضة من بلد لآخر، لكن من بين الاقتصاديات العالمية الكبرى يبرز دور السعودية القيادي والريادي في توظيف الاستثمار بما يخدم شعوب العالم، ولم يعد الاستثمار وسيلة لتنمية رأس المال والأرباح بقدر ما هو وسيلة لتمكين المجتمعات والأفراد وخاصة الشباب لتحقيق تطلعاتهم نحو حياة كريمة ومستقبل آمن. من هنا ندرك قيمة إعلان ولي العهد حفظه الله، عن تأسيس صندوق الاستثمارات العامة خمس شركات إقليمية جديدة بقيمة 90 مليار ريال تستثمر في قطاعات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأولويات واحتياجات شعوب تلك الدول الأساسية مثل الصحة والزراعة والأغذية والتعدين والتقنية والاتصالات والبنية التحتية. فلم تعد إسهامات الصندوق السيادي مقتصرة حصراً على تنويع مصادر الدخل القومي غير النفطي للمملكة باعتباره واحداً من الركائز الأساسية لرؤية 2030 بل امتدت تلك الإسهامات لتطال شعوب المنطقة والعالم. حزمة ضخمة من المشاريع والاتفاقيات والمبادرات والبرامج شهدتها الدورة السادسة للمبادرة، كان من أهمها صندوق للاستدامة أعلنت أرامكو عن إنشائه بقيمة 1.5 مليار دولار للاستثمار في التقنية التي يمكن أن تدعم تحولاً مستقراً وشاملاً للطاقة ويُعد أحد أكبر صناديق رأس المال الجريء على مستوى العالم. مبادرة مستقبل الاستثمار كانت فعالية عالمية بامتياز بتنظيم سعودي برزت فيها فكره ورؤيته، وأكد على الأسس والمبادئ والقواعد التي تسعى المملكة من خلالها للتأسيس لنظام اقتصادي عالمي جديد يضع الإنسان هدفاً وغاية له.