واشنطن - عبرت الولايات المتحدة اليوم الثلاثاء عن قلقها من تهديدات إيرانية للسعودية، مؤكدة أنها لن تتردد في الردّ إذا لزم الأمر، في موقف يعتبر الأشد بينما تمر العلاقات بين واشنطن والرياض بحالة من الفتور على خلفية توترات كامنة تفاقمت بعد قرار أوبك+ خفض إنتاج النفط اعتبارا من نوفمبر/تشرين الثاني بنحو مليوني برميل يوميا على خلافة الرغبة الأميركية. وتبدو لهجة الولايات المتحدة في إعلان دعمها للسعودية في مواجهة تهديدات إيرانية تصالحية ومختلفة عن مواقف سابقة بدت باهتة وفاترة حين تعرضت منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو لاعتداءات بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة أطلقها المتمردون الحوثيون ويعتقد أنها تمت بتدبير من إيران. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي اليوم الثلاثاء "نحن قلقون من التهديدات، ونظل على اتصال مستمر مع السعوديين من خلال القنوات العسكرية والمخابراتية.. لن نتردد في التحرك دفاعا عن مصالحنا وشركائنا في المنطقة". وجاءت تلك التصريحات بعد أن ذكرت صحيفة 'وول ستريت جورنال' أن السعودية تبادلت معلومات مخابرات مع الولايات المتحدة تحذر من هجوم إيراني وشيك على أهداف في المملكة. كما يأتي الإعلان بينما كشفت مسؤولون أميركيون أن إدارة الرئيس جو بايدن تدرس مراجعة التعاون العسكري مع السعودية من ضمنها منظومات دفاع صاروخية من طراز باتريوت ومئات الصواريخ التي تستخدمها هذه المنظومة، لكن هذا الإجراء العقابي ردا على قرار الكارتل النفطي يبدو خيارا مستبعدا في الوقت الراهن. وتشمل النقاشات الأميركية تأخير تسليم المملكة صواريخ باتريوت الدفاعية كإجراء عقابي ردا على قرار أوبك+، بينما ذكرت شبكة 'أن بي سي' الإخبارية الأميركية نقلا عن مسؤولين اثنين ومصدر مطلع على النقاشات، أن الفكرة تلقى قبولا لدى بعض العسكريين فيما يعارضها آخرون. ويجادل الشق الثاني بأن العلاقة العسكرية بين واشنطن والرياض يجب أن تكون بمعزل عن أية إجراءات انتقامية، فيما يبدو هذا الموقف أقرب للواقعية في التعامل مع التوتر الناشئ ويبدو انه يأخذ في الاعتبار أن السعودية الشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة قد يعدل بوصلته صوب الصين وروسيا لاقتناء ما يحتاجه من أسلحة وهو خيار مطروح بقوة ليس بسبب التوتر الأخير لكن بسبب توجه القيادة السعودية لتنويع مصادر التسلح. ومرت العلاقات السعودية الأميركية على مدى عقود بتقلبات وتوترات لكن عادة ما تنتهي إلى الهدوء بعيدا عن فرضية القطيعة. وتقول الولايات المتحدة إن إيران تزود روسيا بطائرات مسيرة لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا، مما دفع واشنطن إلى أن تنحي جانبا الجهود الرامية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي تخلى عنه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018. وبايدن على خلاف مع السعودية في الأسابيع القليلة الماضية بعد أن قرر تحالف أوبك+ الذي تقوده المملكة خفض إنتاج النفط، مما أثار مخاوف من ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة. كما يأتي التوتر بين الحليفين بينما تدخل الولايات المتحدة اعتبارا من الثلاثاء، أسبوعا انتخابيا حاسما لمستقبل بايدن، يأمل الديمقراطيون بأن يتمكّنوا في ختامه من كسر "موجة حمراء" موعودة من قبل خصومهم الجمهوريين في انتخابات منتصف الولاية. وبعد حملة طاحنة تمحورت حول التضخم، تتزايد ثقة الجمهوريين المعروفين تقليديا باللون الأحمر، بقدرتهم على حرمان الرئيس الديمقراطي وحزبه الأزرق من غالبيته البرلمانية، في الانتخابات المقررة في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني. وخلال هذه الانتخابات التي تأتي في منتصف ولاية الأعوام الأربعة لبايدن في البيت الأبيض، يدعى الناخبون الأميركيون إلى تجديد كامل مقاعد مجلس النواب (435)، وثلث مقاعد مجلس الشيوخ المؤلف من 100. وتوّجه زعيم الجمهوريين في مجلس النواب كيفن ماكارثي إلى الناخبين بالقول "إذا تعبتم من التضخم المتصاعد، من دفع أكثر مما يجب لشراء الوقود، إذا ضقتم ذرعا بأن حدودنا مفتوحة وأن نسبة الجريمة تشهد زيادة مطردة ، الجمهوريون قطعوا عهدا حيالكم". وترخي التوترات مع السعودية ومشاكل داخلية بينها التضخم وارتفاع أسعار البنزين بظلالها على حظوظ الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس. تقليدا، تعد الانتخابات التي تجرى بعد انقضاء عامين من الولاية الرئاسية، بمثابة استفتاء على سياسات سيد البيت الأبيض، وغالبا ما يجد حزب الرئيس نفسه تحت مقصلة تصويت عقابي من الناخبين. وسعى بايدن خلال الفترة الماضية إلى إقناع الأميركيين بأن هذه الانتخابات تضعهم أمام "خيار" بشأن عناوين أساسية مثل مصير الحق بالإجهاض وزواج المثليين وغيرها من المواضيع التي وعد بتشريعها بالاتكال على غالبية مؤيدة له في الكونغرس. وفي الآونة الأخيرة، بدأ بايدن المتهم بانفصاله عن الأولوية بالنسبة للناخبين، أي التضخم، بالمشاركة ميدانيا في الحملة الانتخابية للديمقراطيين، مؤكدا لمناصريهم أن الجمهوريين هم الذين سيضعفون الاقتصاد. ويتوقع أن يكرر الرئيس الذي سيتم عامه الثمانين خلال الشهر الحالي، موقفه هذا في لقاء انتخابي تستضيفه فلوريدا الثلاثاء. إلا أن بايدن يعاني لإقناع الأميركيين برأيه. ووفق استطلاعات أجريت في الآونة الأخيرة، تتمتع المعارضة الجمهورية بحظوظ كبيرة لانتزاع الغالبية في مجلس النواب، في حين يبقى مصير مجلس الشيوخ غير واضح. وسيوجّه فقدان الغالبية في الكونغرس ضربة قوية لبايدن الذي يؤكد "عزمه" الترشح لولاية رئاسية ثانية في 2024. وفي مؤشر على التفاؤل السائد في أوساطهم قبل الانتخابات، لا يخفي الجمهوريون أنهم يضعون نصب أعينهم انتزاع مقاعد كانت تقليديا حكرا على الديمقراطيين. ويكرر المرشحون الجمهوريون القول لمناصريهم "لا موجة حمراء بدونكم"، وذلك من أجل تحفيز قواعدهم على الاقتراع بكثافة.
مشاركة :