انطلقت في العاصمة الجزائرية مساء أمس أشغال الدورة الحادية والثلاثين لجامعة الدول العربية، في مسعى لمناقشة عدد من القضايا الراهنة في المنطقة، بحضور قادة دول ووزراء. وافتتحت أعمال القمة بكلمة للرئيس التونسي قيس سعيّد رئيس الدورة الماضية، دعا فيها إلى «تجاوز الخلافات» و«لم الشمل». وقال سعيد: «نعيش في مناطق عدة حربا ضروسا لمواجهة أطراف تهدف لإسقاط الدول وعلينا مواجهتها»، مضيفا أن الأوضاع الصعبة التي يعيشها العالم العربي تفاقمت في السنوات الأخيرة لأسباب عدة. واستطرد: «نسعى لتجاوز الخلافات بين الدول العربية»، مبديا الأمل بأن تسهم القمة العربية بالجزائر في حل الخلافات بين الدول العربية. وسلم سعيد بعد الكلمة رئاسة الدورة للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون. بدوره أشار تبون إلى أن «العالم العربي لم يعرف في تاريخه المعاصر مرحلة عصيبة كما هو الآن»، مشيرا إلى الخطر على «الأمن الغذائي» في المنطقة، لذلك «يتعين علينا بناء تكتل اقتصادي عربي منيع يحفظ مصالحنا المشتركة». ودعا الرئيس الجزائري في كلمته بالمؤتمر إلى إرساء تكتل اقتصادي عربي في ظل الأوضاع الدولية الراهنة. وأكد تبون أن «قضيتنا الأولى تبقى القضية الفلسطينية، التي تتعرض لمساعٍ للتصفية بسبب مواصلة قوات الاحتلال ارتكاب جرائم، وبناء مستوطناتها غير الشرعية واجتياحها المتكرر للمدن والقرى الفلسطينية، وهدم المنازل، وتشريد السكان الأصليين بما في ذلك مدينة القدس الشريف». وشدد على أن «إسرائيل سعت إلى تغيير معالم القدس التاريخية، علاوة على اقتحام جيش الاحتلال المسجد الأقصى، وما تتعرض له مدينة نابلس، والشيخ جراح، واستهداف الأبرياء، في ظل صمت عالمي رهيب». وأضاف أن ذلك «يجعلنا أمام ضرورة مضاعفة الجهود الجماعية لحشد الدعم السياسي والمادي لدعم الشعب الفلسطيني لما يتعرض له من جرائم واسعة النطاق، ويجب تجديد تمسكنا بمبادرة السلام العربية بكافة عناصرها باعتبارها المرجعية المتوافق عليها». من جهته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن هذه القمة «ضرورة وفرصة سانحة حتى نرتب أوراقنا ونناقش قضايانا في عالم يتحرك في سيولة مخيفة وتتتالى أزماته». وأضاف أبو الغيط في كلمته أن «المنطقة العربية شئنا أم أبينا تقع في قلب الأزمات، فهي من ناحية ركيزة أساسية فيما يخص إمدادات الطاقة، ومن ناحية أخرى هي ضحية أولى من ضحايا التغير المناخي ومن ناحية ثالثة تعاني من تهديد خطير لأمنها الغذائي». وأضاف: «مازالت الدولة الوطنية ذات السيادة والقرار المستقل تتعرض لهجمة شرسة في بعض أركان المنطقة العربية من الإرهاب والجماعات المسلحة ومن أطراف غير عربية تحرض وتمارس تدخلات غير حميدة في المجتمعات العربية بهدف بسط النفوذ وتحقيق الهيمنة». بدوره، حذّر أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من أنّ الانقسامات التي تشهدها بعض دول المنطقة العربية «تفتح الباب للتدخل الأجنبي والإرهاب والتلاعب والفتن الطائفية». وقال جوتيريش مخاطبا الزعماء العرب في القمة إن «قيادتكم، باتحادها، قادرة على تحقيق الاستفادة القصوى من إمكاناتها الهائلة»، داعيا إلى ضرورة «حل الخلافات بالطرق السلمية من خلال الحوار المتجذر في الاحترام والمصلحة المتبادلة». وتأتي القمة بعد توقف نحو 3 سنوات حيث كان مقررا عقدها في مارس 2020، إلا أنه تم تأجيلها نظرا إلى جائحة كورونا، حيث عقدت آخر قمة عربية اعتيادية في تونس عام 2019 وهي القمة العربية الدورية الثلاثون. وتأتي القمة الحالية وسط تحديات وظروف معقدة تشهدها المنطقة العربية، إضافة إلى وضع عالمي مضطرب جراء حرب أوكرانيا وتداعياتها من أزمة طاقة وغذاء.
مشاركة :