تم اختيارها من أنجح 60 امرأة عربية لحصولها على منصب كبير الأطباء في مستشفى هنري فورد الأمريكية.. دخلت موسوعة غينيس ضمن فريق بحريني قام بإعداد أكبر محاضرة توعوية للسكر في العالم.. شاركت مع مائة شخصية حول العالم في إصدار كتاب عن السكري لدى المرأة الحامل.. حاصلة على ماجستير في الإدارة الطبية من الكلية الأيرلندية.. البروفسور استشاري الغدد الصماء والسكرى د. دلال أحمد الرميحي لـ«أخبار الخليج»: يقول الشاعر أبو تمام: كم منزل في الأرض يألفه الفتى.. وحنينه أبدا لأول منزل! نعم، فكما يقال خبز الوطن خير من كعك الغربة، وهذا ما حدث بالفعل مع هذه المرأة، التي وهبت نفسها لتأدية رسالتها الطبية التي تعتبر الأسمى على وجه الأرض، حيث خاضت رحلة طويلة وشاقة بين الدراسة والبحث والعمل في الولايات المتحدة الأمريكية، عانت هي وأسرتها خلالها من الغربة وأوجاعها، ورغم ما حققته من نجاح، وما وجدته من تقدير وتألق هناك، إلا أنها قررت في النهاية العودة إلى وطنها لخدمته وللارتقاء بالقطاع الصحي به. البروفسور واستشاري الغدد الصماء والسكري بمستشفى الملك حمد د. دلال أحمد الرميحي، تم اختيارها من بين 60 امرأة عربية لتقلدها منصب كبير الأطباء في مستشفى هنري فورد بولاية ميشيغان الأمريكية، دخلت موسوعة غينيس ضمن فريق جمعية السكرى البحرينية لتنظيمه أكبر محاضرة توعوية للسكر في العالم بحضور 1077 شخصا، وأستاذ مشارك في الكلية الملكية للجراحين بأيرلندا. حلمها منذ الطفولة أن تصبح طبيبة في المستقبل، وكان تحقيق ذلك يمثل تحديا كبيرا بالنسبة إليها، لكنها كانت بقدرة وبلغت هدفها الذي خرج إلى النور بعد مشوار طويل وصعب من التحديات والعطاءات والإنجازات المهمة توقفنا عند أهم محطاته في الحوار التالي: *متى بدأ حلم الطب؟ -لقد راودني حلم الطب منذ أن بلغ عمري خمس سنوات، أي في سن صغيرة للغاية، وأذكر أن والدتي كانت تؤكد لي دوما أنه هدف صعب المنال، لأنه يتطلب جهدا كبيرا بل مضنيا للوصول إليه، وكان كلامها هذا يمثل بالنسبة إلي تحديا وحافزا قويا لي للتفوق وإثبات أنني قادرة على تحقيق طموحي، وبالفعل تفوقت في دراستي وكنت دائما الأولى في كل مراحل التعليم، ونلت المرتبة الثانية على البحرين في الثانوية العامة المسار العلمي، وتحول الطموح مع الوقت إلى شغف شديد، فالتحقت بجامعة الخليج العربي، وتخرجت، وكنت الأولى على الدفعة، وتم تكريمي في عيد العلم من قبل سمو الأمير الراحل خليفة بن سلمان آل خليفة. *وماذا بعد التخرج؟ -بعد التخرج من الجامعة أنهيت عام الامتياز بمجمع السلمانية الطبي، وتمت خطوبتي، وقررت مع زوجي وهو أيضا طبيب أن نتوجه إلى أمريكا لإكمال مشوارنا العلمي، وتخصصت في علاج الغدد الصماء والسكري، وهنا كانت الغربة تحديا آخر صعبا، فتجربة الدراسة ثم العمل في أمريكا لم تكن سهلة مطلقا ولكنها مفيدة وممتعة في ذات الوقت، واجتهدت وتدربت في مستشفى هنري فورد بولاية ميشيغان، وتقلدت منصب كبير الأطباء بها مدة عام، الأمر الذي أضاف لي الكثير مهنيا، وفتح أمامي آفاقا أخرى جديدة في المجال الإداري. *ألم تواجهك أي صعوبة لكونك عربية مسلمة محجبة؟ -رغم أنني كنت عربية مسلمة ومحجبة إلا أنني لم أواجه أي صعوبة بسبب ذلك مطلقا، بل تم منحي وبترشيح من الطلبة شهادة كنوع من التكريم والتقدير تقر بأنني مثال يحتذي به فيما يعرف بالطبيب الإنسان، والتي أعتز بها كثيرا خاصة وأننا لم نعد نعيش في زمن المثاليات، الأمر الذي يؤكد وجود شريحة كبيرة من الأطباء أمناء على المهنة. *كيف جاء قرار العودة إلى الوطن؟ -لا شك أن قرار العودة كان صعبا ومحيرا للغاية، خاصة أننا حققنا هناك مكانة مرموقة على الصعيد العملي بصورة احترافية سواء أنا أو زوجي، إلى جانب التمتع بعيش حياة مستقرة ماديا ومعنويا، ولكن بعد ثماني سنوات تقريبا من العمل والدراسة قررنا العودة إلى وطننا، بعد أن شعرنا بأنه ليس هناك ما يعوضنا عنه، وعن العيش في البيئة والثقافة والعادات والتقاليد التي نشأنا عليها، وبالفعل اتخذنا القرار، ورجعنا بالفعل إلى مملكتنا وألحقت أبنائي بمدرسة بيان البحرين، والتي غيرت حياتهم بحوالي 180 درجة، وأعادتهم إلى أصولهم على مختلف الأصعدة، فكم كنت متخوفة كثيرا من انسلاخهم من أصولهم طيلة فترة إقامتنا في الخارج، ولله الحمد تم تكريس كل القيم والمبادئ العربية والإسلامية بداخلهم منذ التحاقهم بالمدرسة وانخراطهم في المجتمع البحريني تدريجيا. *وماذا عن لقب البروفسور؟ -بعد العودة إلى البحرين بحوالي ست سنوات، تم منحي لقب البروفسور وذلك لتوافر ثلاثة شروط، منها توفر قاعدة من البحوث العلمية، والإسهام في بناء المجتمع من خلال دوري، ووجود خلفية إدارية أتمتع بها، كل ذلك أهلني لحصولي على هذا اللقب من قبل هيئة أكاديمية تابعة للكلية الملكية للجراحين في أيرلندا. *أهم بحث علمي تم إنجازه؟ -من أهم البحوث العلمية التي قمت بإعدادها كان حول التطبيب عن بعد أثناء جائحة كورونا، والتي كان لها الكثير من الإيجابيات والسلبيات كذلك، ومؤخرا شاركت في إعداد كتاب عن مرض السكري لدى المرأة الحامل وذلك ضمن فريق يضم مائة مؤلف حول العالم، وهو إنجاز علمي مهم أعتز به كثيرا. *حدثينا عن تجربتك مع «نهرا»؟ -من الإنجازات التي أعتز بها كثيرا عبر مشواري هي محطة عملي مع «نهرا» كاستشارية لتقييم الأخطاء الطبية، وقد تعلمت من هذه التجربة ضرورة التركيز على الأخطاء المؤسسية وليس الشخصية، لأن المؤسسة والمناخ الذي يعمل به الطبيب من العوامل التي تضعه أحيانا في تحد قاس، ما قد يتسبب في ارتكاب الخطأ الطبي، وأعتقد لو أننا حددنا توصية مؤسسية عند كل خطأ يرتكب لانخفضت نسبة الأخطاء كثيرا، وهو شيء يصب في صالح المريض والطبيب في نفس الوقت. *إنجاز قريب إلى قلبك؟ -من الإنجازات المهمة الأخرى التي أفخر بها كثيرا هو أنني أدخلت برنامج مضخات الإنسولين للأطفال بالمستشفى، كذلك إسهامي في مشروع الحملة الوطنية للكشف المبكر عن سرطان القولون، وذلك بحكم عضويتي في اللجنة الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية، والتي تم خلالها فحص حوالي عشرة آلاف حالة، منها 41 شخصا لم يكن على علم بمرضه ومائتا حالة كانوا في بداية الإصابة، الأمر الذي يسهم كثيرا في الشفاء بنسبة 90% تقريبا. *أهم درس تعلمتيه في مدرسة الحياة؟ -من أهم الدروس التي تعلمتها في مدرسة الحياة عبر مشواري هو المحاولة الدائمة لإحداث نوع من التوازن بين عملي وأسرتي بقدر الإمكان، فمثلا خلال إقامتنا في أمريكا لم يكن لدى سوى ساعتين فقط يوميا لممارسة أمومتي بكل مسؤولياتها، وبالطبع كنت أشعر أحيانا بالذنب تجاه أسرتي. *وكيف تغلبت على تلك المشكلة؟ -تغلبت على هذا الشعور بالذنب بالحرص على تخصيص يوم في الأسبوع لاصطحابهم إلى مراكز إسلامية لقراءة وحفظ القرآن، والتفرغ لهم لقضاء يوم العطلة سويا، ويمكن القول بأنهم قد تربوا على أياد أمريكية في معظم الأحوال، وبعد العودة إلى وطني اختلف الأمر عقب انضمامهم إلى مدرسة بيان البحرين، إلى جانب السعي دوما للتوفيق بين مسؤوليتي العملية والأسرية، فلا شك أنا جميعا نمر بمراحل يطغى فيها أحيانا شيء على شيء آخر، المهم هو التركيز على تعويض ذلك القصور غير المقصود، إلى جانب أهمية منح وقت لأنفسنا ولو حتى لمدة نصف ساعة يوميا. *رسالة لأي امرأة؟ -أقول لأي امرأة أنتِ قادرة على تحقيق الكثير من أحلامك وطموحاتك، المهم أن تتمتعي بالمثابرة والإرادة وألا تنتظري أي مقابل لعطائك، وألا تبحثي دائما عن المثالية. حلم ضائع؟ يمكن القول إن حلمي الضائع الذي كنت أتمنى تحقيقه وتاه مني وسط زحمة الحياة وأعبائها هو المواصلة في مجال كتابة الشعر، وهي هواية محببة بشدة إلى نفسي بدأت ممارستها منذ سنوات طويلة، وكثيرا ما كانت مصدر إلهام كبير لي، وتتميز أشعاري بطابعها الوطني وتركيزها على الانتماء والولاء لأرضنا الطيبة، وأذكر أنني قد قمت بتأليف أول قصيدة حين بلغت عشرين عاما، وكانت من الشعر النبطي، أما اليوم فأجد نفسي أكثر ميلا إلى الشعر الفصيح. *طموحك القادم؟ -على الصعيد المهني أحلم بامتلاك مركز وطني لعلاج مرض السكري يمثل نموذجا عالميا، أما على الصعيد الإنساني فكل ما أتمناه هو أن أرى أبنائي ناجحين وسعيدين في حياتهم، وأن يديم الله سبحانه وتعالى لي زوجي ووالدي، فهم أكثر من دعمني عبر مشواري، كما أنهم وراء ما أتمتع به من قوة وثقة في النفس.
مشاركة :