كشف عدد من المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن أن القادة العسكريين الكبار في روسيا أجروا مناقشات أخيراً حول توقيت وكيفية وإمكانية استخدام سلاح نووي تكتيكي في أوكرانيا، مما ساهم في زيادة القلق في واشنطن والعواصم الغربية. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، نقلاً عن مسؤولين أميركيين كبار، لم تكشف عن هوياتهم، أن قادة بارزين بالجيش الروسي بحثوا مؤخراً متى وكيف يمكن أن تستخدم البلاد سلاحاً نووياً تكتيكياً في أوكرانيا. وأوردت الصحيفة؛ نقلاً عن مصادر استخبارية، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «لم يكن جزءاً من المحادثات»، علماً بأنه الوحيد في السلطة الذي يمكنه اتخاذ قرار بشأن استخدام أي سلاح نووي. لكن «حقيقة أن كبار القادة العسكريين الروس كانوا يجرون المناقشات أثارت قلق إدارة بايدن؛ لأنها أظهرت مدى إحباط الجنرالات الروس بشأن إخفاقاتهم على الأرض»، فضلاً عن أن تهديدات بوتين «قد لا تكون مجرد كلمات». ومع ذلك، أكد المسؤولون الأميركيون أنهم «لم يروا أي دليل» على أن روسيا نقلت أي أسلحة نووية أو أنها اتخذت إجراءات تكتيكية أخرى تحضيراً لضربة نووية. وكان بوتين قد قال الشهر الماضي إن روسيا لا تحتاج إلى توجيه «ضربة نووية لأوكرانيا»، زاعماً أن روسيا ألقت فقط «تلميحات» رداً على نقاش أميركي وأوروبي حول صراع ذري محتمل. وأضاف: «ليس هناك أي هدف؛ سواء أكان عسكرياً أم سياسياً». وجرى تداول هذه المعلومات الاستخبارية داخل الحكومة الأميركية في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ولم يصف المسؤولون الأميركيون السيناريوهات التي نظر فيها القادة العسكريون الروس لاستخدام سلاح نووي. بيد أن مدير «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)» ويليام بيرنز قال سابقاً إن «يأس السيد بوتين المحتمل» لانتزاع نصر في أوكرانيا ونكسات الحرب قد تدفع روسيا إلى استخدام هذا السلاح. ولم يعلق منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى «مجلس الأمن القومي الأميركي»، جون كيربي، على «تفاصيل هذه التقارير». لكنه قال إن «تعليقات روسيا حول الاستخدام المحتمل للأسلحة النووية تثير قلقاً عميقاً، ونحن نأخذها على محمل الجد»، مضيفاً: «لا نرى أي مؤشرات على أن روسيا تقوم باستعدادات لمثل هذا الاستخدام». وتقدر «وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)» أن لدى روسيا مخزوناً يصل إلى ألفي سلاح نووي تكتيكي. ونقلت الصحيفة الأميركية عن خبراء أن استخدام سلاح نووي للمرة الأولى منذ أكثر من 75 عاماً «سيغير بشكل أساسي شكل الحرب». وظهرت المعلومات الاستخبارية الجديدة عندما كانت موسكو تشيع أن أوكرانيا تخطط لاستخدام «قنبلة قذرة»؛ وهي مادة متفجرة تقليدية مغطاة بمواد مشعة. وزعم الكرملين أن كييف يمكن أن تسقط «قنبلة قذرة» على أراضيها في عملية تتم تحت راية زائفة تهدف إلى تشويه سمعة موسكو. ورفض حلفاء كييف بشدة هذا الادعاء ووصفوه بأنه دعاية لا أساس لها من الصحة. وقال بوتين إن الحكومة في كييف تريد «تغطية آثار بناء (قنبلة قذرة)»، مدعياً أنه يعرف أيضاً تقريباً أين يجري البناء. ونفت كييف بشدة هذه المزاعم. وتقوم «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» في فيينا بانتظام بتفتيش المرافق النووية المدنية في أوكرانيا وحول العالم لضمان عدم إساءة استخدام أي مواد انشطارية لأغراض عسكرية. وطالبت روسيا رسمياً الوكالة الدولية بأن تبحث في هذا الموضوع. وبدأت الوكالة يوم الاثنين تفتيش موقعين في أوكرانيا. وقال مديرها العام رافاييل غروسي إن المفتشين بدأوا أنشطة التحقق في المواقع وإنهم سيكملون قريباً المهمة التي نظمت بناء على طلب من الحكومة الأوكرانية. وقالت الوكالة إن الهدف من «أنشطة التحقق» هو الكشف عن الأنشطة والمواد النووية غير المعلنة المحتملة المتعلقة بتطوير ما تسمى «القنابل القذرة». وبينما لا يزال خطر التصعيد مرتفعاً بشكل مقلق، يفيد مسؤولون أميركيون وغربيون بأن المكالمات الهاتفية التي أجريت أواخر الشهر الماضي مع مسؤولين روسيين ساعدت في تخفيف بعض التوترات النووية. وخف التوتر بدرجة لافتة بعدما نفى بوتين وجود أي نيّة لاستخدام سلاح نووي، قائلاً: «لا نرى حاجة لذلك». وأجرت روسيا تدريبات عسكرية سنوية الأسبوع الماضي لاختبار صواريخ ذات قدرات نووية. وصرح وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، بأن المسؤولين الأميركيين لا يعتقدون أن المناورات كان هدفها «تغطية» لاستخدام سلاح نووي تكتيكي. ولكنه عبر عن «قلقه بالتأكيد بشأن التصعيد»، مذكراً بأن هذه «ستكون المرة الأولى التي يستخدم فيها سلاح نووي منذ أكثر من 70 عاماً». وعبر مسؤولون أميركيون بالفعل عن اعتقادهم بأن بوتين «وضع خططاً لاستخدام سلاح نووي تكتيكي أو حتى (قنبلة قذرة)». ونقلت «نيويورك تايمز» عن الجنرال المتقاعد بيتر زواك، الذي كان ملحقاً عسكرياً في موسكو، أنه «إذا كان هناك أمر من الكرملين» باستخدام سلاح نووي، فإن ذلك «لا يمكن أن يحدث بطريقة سحرية». ويدرس الخبراء ما يمكن أن يدفع بموسكو إلى استخدام سلاح تكتيكي؛ بما في ذلك احتمال انهيار الجيش الروسي في جنوب أوكرانيا، علماً بأن القوات الأوكرانية تواصل تقدمها على الجبهات في شمال شرقي البلاد وجنوبها.
مشاركة :