لطالما تغنى الغرب وأمريكا على رأسه بديمقراطيتهم ونظامهم السياسي التعددي وأصبح شغلهم الشاغل تصدير قيمهم للعالم ليكون بلونهم ومشابها لهم بهدف وحيد استدامة هيمنتهم اقتصادياً سياسياً وعسكرياً، لكن ما يشهده واقعهم في هذا القرن أثبت أن كل هذه القيم يمكن أن يضرب بها عرض الحائط عندما تصطدم بالمصالح الضيقة والتي كانت مقبولة ومتفهمة دولياً عندما كانت دولهم وأمريكا تحديداً تتحدث عن مصالحها. لكن يصل الأمر لأن تكون مصالح أميريكا ضيقة بحجم مصالح حزب يريد أن يستفرد بالسلطة لعقود ليمرر أفكار من يهيمنون عليه من اليسار الذين صدعوا رؤوس العالم بقيم مخالفة لكل العقائد والشرائع، فإن هذا الأمر سيقود دولتهم والعالم إلى فوضى لا تحمد عقباها، وهذا ما يتضح في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس وكيف يتصرف الديمقراطيون فيها من خلال السعي لخفض التضخم على حساب العالم عندما أرادوا من أوبك بلس تأجيل قرار خفض إنتاج النفط لمدة شهر حتى يتراجع سعر النفط، وبالتالي ينخفض سعر البنزين مما يعتقدون أنه يخدم سمعتهم اقتصادياً لهذا الناخب الأمريكي إضافة لما يقومون به بالداخل من حملات وتجنيد إعلامي هائل لغاية خاصة. هناك الكثير الذي يجب قوله في هذا المقام لما له من اعتبارات تناقش على ساحة الأحداث، منها الانقسام السياسي الذي تعيشه أمريكا، وفقدان الذاكرة التاريخي الذي يشكل ظاهرة خطيرة لأركان السلامة الأخلاقية والفكرية، وتزايد مخاوف الأمريكيين من اليد الخفية للقوة التي تتهدد منظومتهم السياسية، والرعب من فقدان السيطرة والهيمنة في النظام العالمي، وخطط الانتخابي الديموقراطي، وما رافقه من توترات عاشته العاصمة الأمريكية في السادس من يناير (كانون الأول) 2021.التي أشارت إلى وعود الرئيس بايدن بمعالجة وترميم الانشقاق الرأسي والاستقطاب الحاد بين مكونات النظام السياسي الأمريكي للحفاظ على وحدة الاتحاد. وسرعان ما بدأت الأمور تتغير فليست بهذه السهولة المعلنة أو الموصوفة إعلامياً، فثورة الانتخابات التي تكتسح جميع الولايات، سيتم فيها التنافس على جميع مقاعد مجلس النواب، وقرابة ثلث مقاعد مجلس الشيوخ، و39 مقعداً لحكام الولايات والأقاليم، والانتخابات المحلية الأخرى. في هذا الإطار ستحدد نتائج هذه الانتخابات شكل الكونغرس الأمريكي الـ18 بعد المئة. لا شك أن لب المشكلة هو الوقوع في الشر السياسي، فالديمقراطيون ربما يفقدون خلال هذه الانتخابات السيطرة على مجلسي الكونغرس، فهل الديموقراطية الأمريكية تحتضر؟، وهل أخفق الرئيس بايدن في المهمة التي رسمها لنفسه؟، بعد أن أصبحت الانتخابات أشبه بمسرحية قصيرة للحياة السياسية الأمريكية، فلم يعد الجميع على ذات الدرجة من الرضى. لذا، الحقيقة تقول: إن توجهات الأميريكيين تعاكس حزب بايدن في الانتخابات النصفية، ولن يستطيع تلبية مطالب الناخبين وإيجاد حلول من ارتفاع التضخم الذي أفسد آمال الديمقراطيين بعد معركة مريرة مع الجمهوريين حول حقوق الإجهاض، وسيكون إقبال الناخبين الذي عادة ما يكون في انتخابات التجديد النصفي أقل كثيرا عنه في الانتخابات الرئاسية، عاملا حاسما في الولايات المتأرجحة. ويحث الديمقراطيون الناخبين على الإدلاء بأصواتهم مبكراً. وبذل الرئيس بايدن الكثير من الجهد للوصول إلى جميع فئات الشعب واستعان بنجوم الإعلانات والتيك توك لدعم الانتخابات، وينشرون الكثير من الاتهامات محلياً وعالمياً السياسات الاقتصادية والتضخم، وذلك لتغطية فشل سياساتهم الاقتصادية.
مشاركة :