ربما تخفض الشركات النفطية إنفاقها في 2016 بنحو 20 في المائة في مواجهة الهبوط المستمر في أسعار الخام وسيكون الجزء الأكبر من هذا الخفض في أمريكا الشمالية، بينما من المنتظر أن تعزز الشركات الشرق أوسطية والروسية ميزانياتها مع استمرار المنافسة بينها على الحصة السوقية. ووفقا لـ"رويترز"، فإنه مع أسوأ هبوط تشهده صناعة النفط في ثلاثة عقود فإن الأزمة التي أطاحت بآلاف الوظائف وألغت مشروعات تزيد قيمتها على 200 مليار دولار العام الماضي لا تظهر أي علامة على الانحسار مع هبوط أسعار الخام صوب 30 دولارا للبرميل مسجلة أدنى مستوياتها في 13 عاما ومتراجعة بنحو 70 في المائة من مستوياتها في حزيران (يونيو) 2014. وقال بنك باركليز في مسحه السنوي الذي شمل 225 شركة على مستوى العالم، إن شركات النفط والغاز العالمية تعتزم خفض الإنفاق على التنقيب والإنتاج بنحو 15 في المائة إذا تراوحت أسعار النفط الخام بين 45 و50 دولارا للبرميل لكن الخفض قد يقترب من 20 في المائة إذا الأسعار حامت حول 40 دولارا للبرميل. ويأتي خفض الإنفاق هذا العام في أعقاب خفض بلغ 23 في المائة العام الماضي، وهذه هي المرة الثانية فقط منذ إطلاق المسح في عام 1985 التي تتقلص فيها الميزانيات لعامين متتاليين وكانت المرة السابقة في عام 1987. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت المستخرج من بحر الشمال 52.52 دولار للبرميل في 2016 بحسب استطلاع شمل 20 محللا. وفي أمريكا الشمالية -حيث أدت طفرة النفط والغاز الصخري إلى نمو مذهل في الإنتاج منذ 2008 - من المنتظر أن يكون خفض الإنفاق في 2016 الأشد إيلاما، إذ سيصل إلى 27 في المائة وفقا لـ "باركليز". ومع خفض الإنفاق فإن معدلات الكفاءة وهبوط نفقات الخدمات أدت إلى انخفاض تكلفة الآبار 20 في المائة وهو ما يظهر أن إنتاج النفط الصخري في أمريكا الشمالية أكثر مرونة مما كان يتوقعه البعض. وأظهر المسح أيضا أن الأسواق خارج أمريكا الشمالية مستمرة في التماسك بشكل أفضل حيث من المنتظر خفض الإنفاق العالمي 11 في المائة هذا العام. ومن المنتظر أن تستجيب شركات النفط الوطنية التي تشكل 58 في المائة من الإنفاق العالمي بشكل مختلف في مواجهة الهبوط، حيث من المتوقع أن تخفض تلك الشركات في أمريكا اللاتينية وآسيا الإنفاق بين 13.5 و18 في المائة هذا العام. ومن المنتظر أن ترفع الشركات الوطنية في الشرق الأوسط إنفاقها 6 في المائة في 2016 بالرغم من أن الميزانيات في الدول النفطية الغنية تحتاج غالبا أسعارا للخام أعلى بكثير من تلك الحالية حتى تتوازن. وتحتاج السعودية أكبر بلد مصدر للخام في العالم سعرا للنفط عند 100 دولار للبرميل للتوازن المالي لكن من المنتظر أن تزيد شركتها الوطنية "أرامكو" الإنفاق 5 في المائة هذا العام بحسب باركليز. وخارج أمريكا الشمالية من المنتظر أن ينخفض الإنفاق على مشروعات الحقول البحرية التي تستغرق عادة ثلاثة إلى خمسة أعوام لتطويرها 20 إلى 25 في المائة في 2016 إلى نحو 72 مليار دولار بعدما هبط 16 في المائة العام الماضي. وأفاد "باركليز" أن شركات النفط العالمية كانت تعاني بالفعل من تكلفة المشروعات حتى قبل تراجع أسعار النفط لكن الهبوط هذه المرة مستمر منذ 18 شهرا ولا تلوح له نهاية في الأفق وتجمدت ميزانيات التنقيب وتعثر تطوير الحقول البحرية وألغيت عقود استئجار منصات حفر للمرة الأولى. لكن معظم إنتاج الحقول البحرية تحت سيطرة شركات وطنية أو شركات أمريكية مستقلة أو شركات عالمية مثل "إكسون موبيل"، و"رويال داتش شل"، التي لا يوجد أمامها خيارات سوى تطوير الإنتاج الأعلى تكلفة في المياه العميقة. ولا يزال هبوط أسعار النفط منذ بداية العام يرسل موجات صدمة في القطاع، حيث تعتزم "بي.بي" البريطانية تسريح 5 في المائة من قوتها العاملة هذا العام، بينما قلصت "بتروبراس" البرازيلية النفطية الحكومية خطتها الاستثمارية للمرة الثالثة في 6 أشهر.
مشاركة :