واصل التضخم في تركيا قفزاته المتلاحقة التي لم تتوقف على مدى 19 شهراً. وسجل 85.51 في المائة على أساس سنوي في أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم بعدما سجل 83.45 في المائة على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي. وفي الوقت ذاته، واصل عجز التجارة الخارجية في تركيا قفزاته للشهر الثاني عشر على التوالي، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 430 في المائة مدفوعاً بارتفاع فاتورة الطاقة. وأظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي أن التضخم، الذي يحلق عند أعلى مستوى في نحو ربع قرن، واصل ارتفاعه بعدما خفض البنك المركزي سعر الفائدة 3 مرات في الأشهر الثلاثة الماضية بواقع 3.5 في المائة، لينخفض سعر الفائدة الرئيسي من 14 في المائة في يوليو (تموز) إلى 10.5 في المائة في سبتمبر، رغم الارتفاع غير المسبوق في الأسعار، وذلك استجابة لمطالبات الرئيس رجب طيب إردوغان بخفض سعر الفائدة إلى خانة الآحاد قبل نهاية العام. وذكر بيان لمعهد الإحصاء، الخميس، أن أسعار المستهلكين ارتفعت 3.54 في المائة على أساس شهري. وارتفع مؤشر أسعار المنتجين 7.83 في المائة على أساس شهري في أكتوبر، و157.69 في المائة على أساس سنوي. والأسبوع الماضي، عدل البنك المركزي التركي توقعاته للتضخم بنهاية العام الحالي بالزيادة بواقع 5 نقاط مئوية نتيجة ارتفاع تكاليف الطاقة والواردات. وقال رئيس البنك شهاب كاوجي أوغلو، خلال استعراضه التقرير الفصلي للتضخم، إن البنك يتوقع ارتفاع التضخم في أسعار المستهلك إلى 65.2 في المائة بنهاية العام الحالي. وكانت توقعات «المركزي» السابقة المعلنة في يوليو أشارت إلى أن معدل التضخم في أسعار المستهلك سيصل إلى 60.4 في المائة بنهاية العام، ويتراجع إلى 22.3 في المائة في 2023. وذكر كاوجي أوغلو أن إعادة تكاليف الطاقة العالمية إلى حالتها الطبيعية من شأنها أن تساعد في تباطؤ ارتفاع الأسعار العام المقبل، رغم تأكيده أن «المركزي» التركي سيواصل تيسير سياسته النقدية لخفض سعر الفائدة إلى أقل من 10 في المائة استجابة لرغبة الرئيس إردوغان. وقفز التضخم السنوي في سبتمبر الماضي إلى 83.45 في المائة، وهو أعلى 16 مرة من الهدف الرسمي المعلن للحكومة التركية وهو 5 في المائة. وتعهد إردوغان، الذي يستعد لمعركة صعبة على الرئاسة، فضلاً عن معركة صعبة لحزبه (العدالة والتنمية) في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة منتصف العام المقبل، بتراجع التضخم اعتباراً من بداية عام 2023، فيما أكد وزير الخزانة والمالية نور الدين نباتي أن التضخم يبدأ بالتراجع بنهاية العام الحالي. ورغم ذلك يتمسك إردوغان باستمرار خفض سعر الفائدة الرئيسي ليصل إلى خانة الآحاد بحلول نهاية العام الحالي. وقال كاوجي أوغلو إن التضخم هو من أهم المشكلات لكل من البنك المركزي والحكومة، وإنهما اتخذا إجراءات مهمة لخفضه، معترفاً: «لا يمكننا أن نعتبر أنفسنا ناجحين للغاية». وأضاف: «نأمل أن تجعلنا القرارات التي اتخذناها والسياسات التي نفذناها لخفض التضخم ناجحين... إذا كان هناك تضخم، فهناك مشكلة، وليس من الصواب الحديث عن النجاح... نحن أيضاً ندرك مشكلات مواطنينا ونتخذ الخطوات اللازمة». وطبقت الحكومة التركية منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي نموذجاً جديداً للاقتصاد يقوم على خفض الفائدة من أجل حفز النمو والصادرات وجذب الاستثمارات، مع تجاهل تحذيرات وكالات التصنيف والمؤسسات الاقتصادية الدولية من الاستمرار في تيسير السياسة النقدية، في ظل استمرار التضخم في الارتفاع بمعدلات قياسية غير مسبوقة منذ نحو ربع قرن. ويعتمد صناع السياسة الاقتصادية على أن معدلات الاقتراض المرتفعة تعمل على تهدئة الاقتصاد والأسعار. في الوقت ذاته، واصل عجز التجارة الخارجية في تركيا قفزاته في أكتوبر للشهر الثاني عشر على التوالي، مدفوعاً بارتفاع تكاليف استيراد الطاقة. وبحسب بيانات أولية نشرتها وزارة التجارة التركية، سجلت الواردات ارتفاعاً بنسبة 31.9 في المائة على أساس سنوي في أكتوبر إلى 29.3 مليار دولار، ليقفز العجز التجاري بنسبة 430 في المائة إلى 8 مليارات دولار، بينما ارتفعت الصادرات بنسبة ضئيلة بلغت 2.8 في المائة لتصل إلى 21.3 مليار دولار في أكتوبر. ورأى محللون اقتصاديون أن الأرقام المعلنة اختلال توازن التجارة الخارجية في تركيا تظهر أن دفعة الصادرات جراء انهيار الليرة التركية العام الماضي وفقدها 44 في المائة من قيمتها، تتلاشى وأن التضخم يضر بالمنتجين. وتسبب الارتفاع العالمي في أسعار النفط والغاز الطبيعي، الذي بدأ بعد الاجتياح الروسي لأوكرانيا في تسريع الواردات على الرغم من التباطؤ الواضح في النشاط الاقتصادي في النصف الثاني من العام. وتشير البيانات إلى أن واردات الطاقة من روسيا، التي تعد مصدراً رئيساً للنفط والغاز لتركيا، ارتفعت بنسبة 107 في المائة عن العام السابق لتصل إلى 5 مليارات دولار.
مشاركة :