قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان: نريد تسوية الخلافات بين الشرق والغرب

  • 11/4/2022
  • 23:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

ألقى‭ ‬قداسة‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬كلمة‭ ‬في‭ ‬الحفل‭ ‬الختامي‭ ‬لملتقى‭ ‬البحرين‭ ‬للحوار‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التعايش‭ ‬الإنساني‮»‬‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬الأولى‭ ‬والذي‭ ‬أقيم‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬صرح‭ ‬الشهيد‭ ‬أمس‭ ‬برعاية‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭.. ‬كلمة‭ ‬قال‭ ‬فيها‭:‬ صاحب‭ ‬الجلالة، أصحاب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي، أخي‭ ‬العزيز‭ ‬فضيلة‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر،‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب،‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف، أخي‭ ‬العزيز‭ ‬قداسة‭ ‬البطريرك‭ ‬برثلماوس،‭ ‬البطريرك‭ ‬المسكوني، السلطات‭ ‬الدينية‭ ‬والمدنية‭ ‬المحترمين، سيداتي‭ ‬سادتي، أحييكم‭ ‬تحية‭ ‬قلبية،‭ ‬وأشكركم‭ ‬على‭ ‬حفاوة‭ ‬الاستقبال‭ ‬وعلى‭ ‬عقد‭ ‬منتدى‭ ‬الحوار‭ ‬هذا،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تنظيمه‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة،‭ ‬ملك‭ ‬البحرين‭. ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬يتخذ‭ ‬اسمه‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬المحيطة‭ ‬به‭: ‬ في‭ ‬الواقع،‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬البحرين‮»‬‭ ‬تذكر‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬بحرين‮»‬‭ ‬اثنين‭. ‬لنفكر‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬البحر،‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬الأراضي‭ ‬وتوصل‭ ‬الناس‭ ‬بعضهم‭ ‬ببعض،‭ ‬وتربط‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬البعيدة‭. ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬القديم‭ ‬‮«‬ما‭ ‬تقسمه‭ ‬الأرض،‭ ‬يوحده‭ ‬البحر‮»‬‭. ‬وكوكبنا‭ ‬الأرض،‭ ‬إذا‭ ‬نظرنا‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬أعلى،‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬بحر‭ ‬أزرق‭ ‬واسع،‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬شواطئ‭ ‬مختلفة‭. ‬من‭ ‬السماء،‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬تذكرنا‭ ‬بأننا‭ ‬عائلة‭ ‬واحدة‭: ‬لسنا‭ ‬جزرًا،‭ ‬بل‭ ‬نحن‭ ‬مجموعة‭ ‬واحدة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الجزر‭. ‬هكذا‭ ‬يريدنا‭ ‬الإله‭ ‬العلي‭. ‬وهذا‭ ‬البلد،‭ ‬مجموعة‭ ‬جزر‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬جزيرة،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬رمزا‭ ‬لهذه‭ ‬الإرادة‭ ‬الإلهية‭.‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فنحن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬فيها‭ ‬البشرية،‭ ‬المرتبطة‭ ‬بعضها‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬تبدو‭ ‬أكثر‭ ‬انقساما،‭ ‬وغير‭ ‬متحدة‭. ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يساعدنا‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬البحرين‭ ‬في‭ ‬متابعة‭ ‬تفكيرنا‭: ‬‮«‬البحران‮»‬‭ ‬اللذان‭ ‬يشير‭ ‬إليهما‭ ‬هما‭ ‬المياه‭ ‬العذبة‭ ‬في‭ ‬ينابيعها‭ ‬الجوفية،‭ ‬ومياه‭ ‬الخليج‭ ‬المالحة‭. ‬كذلك،‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬بحرين‭ ‬متعارضين‭ ‬في‭ ‬مذاقهما‭: ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬العيش‭ ‬المشترك،‭ ‬بحر‭ ‬هادئ‭ ‬وعذب،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬البحر‭ ‬المرير‭ ‬من‭ ‬اللامبالاة،‭ ‬وتشويه‭ ‬العلاقات،‭ ‬التي‭ ‬تثيرها‭ ‬رياح‭ ‬الحرب،‭ ‬وأمواجه‭ ‬المدمرة‭ ‬والمضطربة‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد،‭ ‬والتي‭ ‬تهدد‭ ‬بهلاك‭ ‬الجميع‭.‬ وللأسف،‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬يشبهان‭ ‬بصورة‭ ‬متزايدة‭ ‬بحرين‭ ‬متخاصمين‭. ‬لكن،‭ ‬نحن‭ ‬هنا‭ ‬معا‭ ‬لأننا‭ ‬عازمون‭ ‬على‭ ‬الإبحار‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬نفسه،‭ ‬واختيارنا‭ ‬هو‭ ‬طريق‭ ‬اللقاء،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬المواجهة،‭ ‬وطريق‭ ‬الحوار‭ ‬الذي‭ ‬يشير‭ ‬إليه‭ ‬هذا‭ ‬المنتدى‭: ‬‮«‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العيش‭ ‬الإنساني‭ ‬معا‮»‬‭.‬ بعد‭ ‬حربين‭ ‬عالميتين‭ ‬مروعتين،‭ ‬وبعد‭ ‬حرب‭ ‬باردة‭ ‬ظل‭ ‬العالم‭ ‬فيها‭ ‬حابسًا‭ ‬أنفاسه،‭ ‬مدة‭ ‬عشرات‭ ‬السنين،‭ ‬وسط‭ ‬صراعات‭ ‬مدمرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬وبين‭ ‬أصوات‭ ‬الاتهام‭ ‬والتهديد‭ ‬والإدانة،‭ ‬ما‭ ‬زلنا‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬الهاوية‭ ‬في‭ ‬توازن‭ ‬هش،‭ ‬ولا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نغرق‭. ‬ نحن‭ ‬أمام‭ ‬تناقضات‭ ‬غريبة‭: ‬ من‭ ‬جهة،‭ ‬غالبية‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬يجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬موحدين‭ ‬بنفس‭ ‬الصعوبات،‭ ‬ويعانون،‭ ‬أزمات‭ ‬خطيرة،‭ ‬في‭ ‬الغذاء‭ ‬والبيئة‭ ‬والوباء،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬العبث‭ ‬المتزايد‭ ‬بكوكبنا،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬السلطان‭ ‬يتركزون‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬حازم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة،‭ ‬يحيون‭ ‬اللغات‭ ‬القديمة‭ (‬لغات‭ ‬الحرب‭)‬،‭ ‬ويعيدون‭ ‬رسم‭ ‬مناطق‭ ‬النفوذ‭ ‬والكتل‭ ‬المتعارضة‭.‬ وهكذا‭ ‬يبدو‭ ‬أننا‭ ‬نشاهد‭ ‬سيناريو‭ ‬مأساويا‭ ‬وكأنه‭ ‬وقوع‭ ‬في‭ ‬‮«‬الطفولة‭: ‬في‭ ‬حديقة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نعتني‭ ‬ونهتم‭ ‬بالكل،‭ ‬نلعب‭ ‬بالنار،‭ ‬وبالصواريخ‭ ‬والقذائف،‭ ‬وبأسلحة‭ ‬تسبب‭ ‬البكاء‭ ‬والموت،‭ ‬وتغطي‭ ‬البيت‭ ‬المشترك‭ ‬بالرماد‭ ‬والكراهية‭.‬ هذه‭ ‬العواقب‭ ‬المريرة‭:‬ ‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬التناقضات،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نكتشف‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬مقدرتنا‭ ‬على‭ ‬التفاهم،‭ ‬وإن‭ ‬استمررنا‭ ‬حازمين‭ ‬لفرض‭ ‬نماذجنا‭ ‬ورؤانا‭ ‬الاستبدادية‭ ‬والإمبريالية‭ ‬والقومية‭ ‬والشعبوية،‭ ‬وإن‭ ‬كنا‭ ‬لا‭ ‬نهتم‭ ‬بثقافة‭ ‬الآخر،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬نستمع‭ ‬إلى‭ ‬صرخة‭ ‬عامة‭ ‬الناس‭ ‬وصوت‭ ‬الفقراء،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬نتوقف‭ ‬عن‭ ‬التمييز،‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬المانوية،‭ ‬بين‭ ‬صالح‭ ‬وشرير،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬نجتهد‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬بعضنا‭ ‬بعضا‭ ‬ولم‭ ‬نتعاون‭ ‬لخير‭ ‬الجميع‭. ‬هذه‭ ‬الخيارات‭ ‬موجودة‭ ‬أمامنا‭. ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬معولم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتقدم‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬وضعنا‭ ‬أيدينا‭ ‬على‭ ‬المجاديف‭ ‬معا،‭ ‬لأننا‭ ‬إن‭ ‬أبحرنا‭ ‬وحدنا‭ ‬ستتقاذفنا‭ ‬أمواج‭ ‬البحر‭.‬ في‭ ‬بحر‭ ‬الصراعات‭ ‬العاصف،‭ ‬لنضع‭ ‬أمام‭ ‬أعيننا‭ ‬‮«‬وثيقة‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‭ ‬العالمي‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك‮»‬،‭ ‬ففيه‭ ‬أمل‭ ‬للقاء‭ ‬مثمر‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق،‭ ‬مفيد‭ ‬لشفاء‭ ‬الأمراض‭ ‬فيهما‭. ‬نحن‭ ‬هنا،‭ ‬مؤمنون‭ ‬بالله‭ ‬وبالإخوة،‭ ‬لنرفض‭ ‬‮«‬الفكر‭ ‬العازل‮»‬،‭ ‬وطريقة‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الواقع‭ ‬التي‭ ‬تتجاهل‭ ‬بحر‭ ‬البشرية‭ ‬الواحد،‭ ‬لتركز‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬التيارات‭ ‬الخاصة‭ ‬فيه‭. ‬نريد‭ ‬تسوية‭ ‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خير‭ ‬الجميع،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نغفل‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬فجوة‭ ‬أخرى‭ ‬آخذة‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬بثبات‭ ‬وبصورة‭ ‬مأسوية،‭ ‬وهي‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الشمال‭ ‬والجنوب‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬ظهور‭ ‬الصراعات‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يجعلنا‭ ‬نغفل‭ ‬عن‭ ‬المآسي‭ ‬الكامنة‭ ‬في‭ ‬الإنسانية،‭ ‬مثل‭ ‬كارثة‭ ‬عدم‭ ‬المساواة،‭ ‬حيث‭ ‬يختبر‭ ‬معظم‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬يسكنون‭ ‬الأرض‭ ‬ظلما‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬ومصيبة‭ ‬الجوع‭ ‬المخجلة،‭ ‬وكارثة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬نتيجة‭ ‬إهمال‭ ‬العناية‭ ‬بالبيت‭ ‬المشترك‭.‬ حول‭ ‬هذه‭ ‬القضايا،‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬مناقشتها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬قادة‭ ‬الديانات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ألا‭ ‬يلتزموا‭ ‬وألا‭ ‬يقدموا‭ ‬المثل‭ ‬الصالح‭. ‬لنا‭ ‬دور‭ ‬محدد،‭ ‬وهذا‭ ‬المنتدى‭ ‬يوفر‭ ‬لنا‭ ‬فرصة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭. ‬إنه‭ ‬واجبنا‭ ‬أن‭ ‬نشجع‭ ‬الإنسانية‭ ‬ونساعدها‭ ‬على‭ ‬الإبحار‭ ‬معا،‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬مترابطة،‭ ‬وبقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬مترابطة‭ ‬فإنها‭ ‬متباعدة‭ ‬بعضها‭ ‬عن‭ ‬بعض‭. ‬لذلك‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أحدد‭ ‬ثلاثة‭ ‬تحديات‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬وثيقة‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‭ ‬وإعلان‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬موضوع‭ ‬تفكيرنا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭. ‬إنها‭ ‬الصلاة‭ ‬والتربية‭ ‬والعمل‭.‬ أولا‭: ‬الصلاة‭ ‬التي‭ ‬تلمس‭ ‬قلب‭ ‬الإنسان‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬المآسي‭ ‬التي‭ ‬نعانيها‭ ‬والتمزقات‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬نختبرها،‭ ‬‮«‬وعدم‭ ‬التوازنات‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬العالم‭ ‬المعاصر‭ ‬مرتبط‭ ‬بعدم‭ ‬التوازن‭ ‬العميق‭ ‬المتأصل‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الإنسان‮»‬‭ (‬دستور‭ ‬رعائي‭ ‬في‭ ‬الكنيسة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم،‭ ‬فرح‭ ‬ورجاء،‭ ‬10‭). ‬فالخطر‭ ‬الأكبر‭ ‬لا‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬الأشياء،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الوقائع‭ ‬المادية،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المنظمات،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬ميل‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬الانغلاق‭ ‬على‭ ‬جوهر‭ ‬كيانه،‭ ‬على‭ ‬‮«‬الأنا‮»‬،‭ ‬وعلى‭ ‬جماعته،‭ ‬ومصالحه‭ ‬السخيفة‭. ‬هذا‭ ‬الميل‭ ‬ليس‭ ‬عيبا‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬فقط،‭ ‬فقد‭ ‬وجد‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬الإنسان‭ ‬إنسانا،‭ ‬وبعون‭ ‬الله‭ ‬يمكن‭ ‬علاجه‭ (‬راجع‭ ‬رسالة‭ ‬بابوية‭ ‬عامة،‭ ‬كلنا‭ ‬إخوة‭ - ‬Fratelli‭ ‬tutti‭ ‬،‭ ‬166‭) ‬لهذا‭ ‬فإن‭ ‬الصلاة‭ ‬وانفتاح‭ ‬القلب‭ ‬أمام‭ ‬العلي‭ ‬أمر‭ ‬أساسي‭ ‬لتطهير‭ ‬أنفسنا‭ ‬من‭ ‬الأنانية،‭ ‬والانغلاق،‭ ‬والمرجعية‭ ‬الذاتية،‭ ‬والأكاذيب‭ ‬والظلم‭. ‬الذي‭ ‬يصلي‭ ‬ينال‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬قلبه‭ ‬ولا‭ ‬يسعه‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬شاهدا‭ ‬له‭ ‬ورسولا،‭ ‬وداعيا‭ ‬إليه،‭ ‬بمثاله‭ ‬أولا،‭ ‬رفقاءه‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يصيروا‭ ‬رهائن‭ ‬لوثنية‭ ‬تحصر‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يبيعه‭ ‬أو‭ ‬يشتريه‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتلهى‭ ‬به‭. ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يدعوهم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكتشفوا‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬الكرامة‭ ‬اللانهائية‭ ‬المطبوعة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منا‭. ‬الإنسان‭ ‬المتدين،‭ ‬إنسان‭ ‬السلام،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يسير‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬ويدعوهم‭ ‬بلطف‭ ‬واحترام‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يرفعوا‭ ‬نظرهم‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭. ‬ويحمل‭ ‬في‭ ‬صلاته،‭ ‬مثل‭ ‬البخور‭ ‬الذي‭ ‬يرتفع‭ ‬إلى‭ ‬العلى‭ (‬راجع‭ ‬مزمور‭ ‬141،‭ ‬2‭)‬،‭ ‬جهود‭ ‬الجميع‭ ‬وشدائدهم‭.‬ لكن‭ ‬لكي‭ ‬يحصل‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬هناك‭ ‬مقدمة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬منها،‭ ‬وهي‭: ‬الحرية‭ ‬الدينية‭. ‬يقول‭ ‬إعلان‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الله‭ ‬هدانا‭ ‬إلى‭ ‬عطيته‭ ‬الإلهية،‭ ‬عطية‭ ‬حرية‭ ‬الاختيار‮»‬،‭ ‬‮«‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الإكراه‭ ‬الديني‭ ‬أن‭ ‬يقود‭ ‬الشخص‭ ‬إلى‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬معنى‭ ‬مع‭ ‬الله‮»‬‭. ‬كل‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الإكراه‭ ‬يتنافى‭ ‬مع‭ ‬جلال‭ ‬الله‭ ‬وقدرته‭ ‬تعالى،‭ ‬لأن‭ ‬الله‭ ‬لم‭ ‬يسلم‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬عبيد،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬مخلوقات‭ ‬حرة،‭ ‬يحترمها‭ ‬احتراما‭ ‬كاملا‭. ‬لذلك،‭ ‬لنلتزم،‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬حرية‭ ‬المخلوقات‭ ‬مرآة‭ ‬لحرية‭ ‬الخالق‭ ‬العظمى،‭ ‬وحتى‭ ‬تكون‭ ‬أماكن‭ ‬العبادة‭ ‬محمية‭ ‬ومحترمة،‭ ‬دائما‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬وتكون‭ ‬الصلاة‭ ‬محمية‭ ‬لا‭ ‬يوضع‭ ‬أمامها‭ ‬أي‭ ‬عائق‭. ‬ولا‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬نمنح‭ ‬التصاريح‭ ‬والاعتراف‭ ‬بحرية‭ ‬العبادة،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الحرية‭ ‬الدينية‭ ‬الحقيقية‭. ‬وليس‭ ‬كل‭ ‬مجتمع‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬كل‭ ‬معتقد‭ ‬مدعو‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬من‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬إنه‭ ‬مدعو‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يسأل‭ ‬نفسه‭: ‬هل‭ ‬يفرض‭ ‬قيودا‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬على‭ ‬خلائق‭ ‬الله،‭ ‬أم‭ ‬يحررها‭ ‬من‭ ‬الداخل؟‭ ‬هل‭ ‬يساعد‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ينبذ‭ ‬التصلب،‭ ‬والانغلاق‭ ‬والعنف،‭ ‬وهل‭ ‬يزيد‭ ‬في‭ ‬المؤمنين‭ ‬الحرية‭ ‬الحقيقية،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬بأن‭ ‬تفعل‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬لك‭ ‬ويسرك،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬نُعد‭ ‬أنفسنا‭ ‬لعمل‭ ‬الخير‭ ‬الذي‭ ‬خلقنا‭ ‬الله‭ ‬له‭.‬ تحدي‭ ‬الصلاة‭ ‬يخص‭ ‬القلب‭. ‬والتحدي‭ ‬الثاني،‭ ‬التربية،‭ ‬يخص‭ ‬أساسا‭ ‬عقل‭ ‬الإنسان‭. ‬يقول‭ ‬إعلان‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الجهل‭ ‬هو‭ ‬عدو‭ ‬السلام‮»‬‭. ‬هذا‭ ‬صحيح،‭ ‬لأنه‭ ‬حيث‭ ‬تنقص‭ ‬فرص‭ ‬التعليم،‭ ‬يزداد‭ ‬التطرف‭ ‬وتتجذر‭ ‬الأصولية‭. ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الجهل‭ ‬عدو‭ ‬السلام،‭ ‬فإن‭ ‬التربية‭ ‬صديقة‭ ‬للتنمية،‭ ‬شرط‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تعليما‭ ‬يليق‭ ‬حقا‭ ‬بالإنسان،‭ ‬الكائن‭ ‬الديناميكي‭ ‬وذي‭ ‬العلاقات‭: ‬إذن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬التعليم‭ ‬تزمتا‭ ‬ولونا‭ ‬واحدا‭ ‬منغلقا،‭ ‬بل‭ ‬ليكن‭ ‬منفتحا‭ ‬على‭ ‬التحديات‭ ‬وحساسا‭ ‬للتغيرات‭ ‬الثقافية،‭ ‬وليس‭ ‬ذاتي‭ ‬المرجعية‭ ‬عازلا،‭ ‬بل‭ ‬متنبها‭ ‬لتاريخ‭ ‬وثقافة‭ ‬الآخرين،‭ ‬وليس‭ ‬جامدا‭ ‬بل‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬بحث،‭ ‬لكي‭ ‬يشمل‭ ‬جوانب‭ ‬مختلفة‭ ‬وأساسية‭ ‬للإنسانية‭ ‬الواحدة‭ ‬التي‭ ‬ننتمي‭ ‬إليها‭. ‬وهذا‭ ‬يسمح‭ ‬لنا،‭ ‬خصوصا،‭ ‬بأن‭ ‬ندخل‭ ‬إلى‭ ‬قلب‭ ‬المشاكل،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ندعي‭ ‬أن‭ ‬لدينا‭ ‬الحل،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نحل‭ ‬المشاكل‭ ‬المعقدة‭ ‬بالقول‭ ‬إنها‭ ‬بسيطة،‭ ‬بل‭ ‬نكون‭ ‬مستعدين‭ ‬لمواجهة‭ ‬الأزمة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نستسلم‭ ‬لمنطق‭ ‬الصراع‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬بالعقل‭ ‬البشري‭ ‬أن‭ ‬يسمح‭ ‬لمبررات‭ ‬القوة‭ ‬بأن‭ ‬تسود‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬العقل،‭ ‬ولا‭ ‬يستخدم‭ ‬أساليب‭ ‬الماضي‭ ‬لحل‭ ‬المسائل‭ ‬الحالية،‭ ‬ولا‭ ‬يطبق‭ ‬مخططات‭ ‬تقنية‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يلائم‭ ‬الساعة‭ ‬على‭ ‬تاريخ‭ ‬الإنسان‭ ‬وثقافته‭. ‬هذا‭ ‬يتطلب‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬نتساءل،‭ ‬وأن‭ ‬نضع‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬أزمة،‭ ‬وأن‭ ‬نعرف‭ ‬كيف‭ ‬نحاور‭ ‬بصبر‭ ‬واحترام،‭ ‬وبروح‭ ‬الاستماع،‭ ‬وأن‭ ‬نتعلم‭ ‬تاريخ‭ ‬وثقافة‭ ‬الآخرين‭. ‬هكذا‭ ‬يتم‭ ‬تربية‭ ‬العقل‭ ‬البشري،‭ ‬وتغذية‭ ‬التفاهم‭ ‬المتبادل‭. ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إننا‭ ‬متسامحون،‭ ‬بل‭ ‬علينا‭ ‬حقا‭ ‬أن‭ ‬نفسح‭ ‬المجال‭ ‬للآخر،‭ ‬ونعطيه‭ ‬الحقوق‭ ‬والفرص‭. ‬إنها‭ ‬عقلية‭ ‬تبدأ‭ ‬بالتربية،‭ ‬والأديان‭ ‬مدعوة‭ ‬إلى‭ ‬دعمها‭.‬ على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد،‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أؤكد‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬أمور‭ ‬تربوية‭ ‬ملحة‭. ‬أولا،‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالمرأة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العام‭: ‬‮«‬في‭ ‬التعليم‭ ‬والعمل‭ ‬وممارسة‭ ‬حقوقها‭ ‬الاجتماعية‭ ‬السياسية‮»‬‭ (‬راجع‭ ‬وثيقة‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‭ ‬العالمي‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك‭). ‬التربية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الأخرى،‭ ‬هي‭ ‬الطريق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬الموروثات‭ ‬التاريخية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬المناقضة‭ ‬لروح‭ ‬التضامن‭ ‬الأخوي،‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتميز‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬يعبد‭ ‬الله‭ ‬ويحب‭ ‬القريب‭. ‬ ثانيا،‭ ‬‮«‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الأطفال‭ ‬الأساسية‮»‬‭ (‬المرجع‭ ‬نفسه‭)‬،‭ ‬حتى‭ ‬يكبروا‭ ‬وقد‭ ‬تعلموا،‭ ‬ووجدوا‭ ‬المساعدة‭ ‬اللازمة،‭ ‬والمرافقة،‭ ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬مصيرهم‭ ‬في‭ ‬أنياب‭ ‬الجوع‭ ‬ولسعات‭ ‬العنف‭. ‬لنرب،‭ ‬ولنرب‭ ‬أنفسنا،‭ ‬لننظر‭ ‬إلى‭ ‬الأزمات،‭ ‬والمشاكل،‭ ‬والحروب،‭ ‬بعيون‭ ‬الأطفال‭: ‬ليس‭ ‬الطفولة‭ ‬الساذجة،‭ ‬بل‭ ‬بالحكمة‭ ‬بعيدة‭ ‬النظر،‭ ‬لأنه‭ ‬إن‭ ‬فكرنا‭ ‬فيهم‭ ‬فقط،‭ ‬سيظهر‭ ‬لنا‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬البراءة،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الربح،‭ ‬وسنسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مستقبل‭ ‬يليق‭ ‬بالإنسان‭.‬ التربية‭ ‬التي‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬خلية‭ ‬العائلة،‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الجماعة،‭ ‬والقرية‭ ‬أو‭ ‬المدينة‭. ‬لهذا،‭ ‬ثالثا،‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أؤكد‭ ‬أن‭ ‬التربية‭ ‬على‭ ‬المواطنة،‭ ‬وعلى‭ ‬العيش‭ ‬معا،‭ ‬في‭ ‬الاحترام‭ ‬وضمن‭ ‬القوانين‭. ‬وخصوصا،‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬‮«‬مفهوم‭ ‬المواطنة‮»‬‭ ‬نفسها،‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬يقوم‭ ‬على‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬الواجبات‭ ‬والحقوق‭. ‬لذا‭ ‬يجب‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬ترسيخ‭ ‬مفهوم‭ ‬المواطنة‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا،‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬الاستخدام‭ ‬الإقصائي‭ ‬لمصطلح‭ ‬‮«‬الأقليات‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬في‭ ‬طياته‭ ‬الإحساس‭ ‬بالعزلة‭ ‬والدونية،‭ ‬ويمهد‭ ‬لبذور‭ ‬الفتن‭ ‬والشقاق،‭ ‬ويلغي‭ ‬استحقاقات‭ ‬وحقوق‭ ‬بعض‭ ‬المواطنين‭ ‬الدينية‭ ‬والمدنية،‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ممارسة‭ ‬التمييز‭ ‬ضدهم‮»‬‭ (‬المرجع‭ ‬نفسه‭). ‬وهكذا‭ ‬نأتي‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الثلاثة،‭ ‬وهو‭ ‬العمل،‭ ‬ويمكننا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬قوى‭ ‬الإنسان‭. ‬يقول‭ ‬إعلان‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الكراهية‭ ‬والعنف‭ ‬والفتنة،‭ ‬هي‭ ‬تدنيس‭ ‬لاسم‭ ‬الله‮»‬‭. ‬يرفض‭ ‬المتدين‭ ‬هذا‭ ‬الكلام،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تبرير‭. ‬يقول‭ ‬بقوة‭ ‬‮«‬لا‮»‬‭ ‬للحرب‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬تجديف‭ ‬على‭ ‬الله،‭ ‬واستخدام‭ ‬العنف‭. ‬ويترجم‭ ‬هذا‭ ‬الـ‭ ‬‮«‬لا‮»‬،‭ ‬بصوة‭ ‬متسقة‭ ‬في‭ ‬العمل‭. ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الديانة‭ ‬مسالمة،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬ندين‭ ‬ونعزل‭ ‬العنيفين‭ ‬الذين‭ ‬يسيئون‭ ‬إلى‭ ‬اسم‭ ‬الدين‭. ‬ولا‭ ‬يكفي‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬نبتعد‭ ‬عن‭ ‬التعصب‭ ‬والتطرف،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬المعاكس‭. ‬‮«‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬وقف‭ ‬دعم‭ ‬الحركات‭ ‬الإرهابية‭ ‬بالمال‭ ‬أو‭ ‬بالسلاح‭ ‬أو‭ ‬التخطيط‭ ‬أو‭ ‬التبرير،‭ ‬أو‭ ‬بتوفير‭ ‬الغطاء‭ ‬الإعلامي‭ ‬لها،‭ ‬ويجب‭ ‬اعتبار‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬العالميين،‭ ‬ويجب‭ ‬إدانة‭ ‬ذلك‭ ‬التطرف‭ ‬بكل‭ ‬أشكاله‭ ‬وصوره‮»‬‭ (‬وثيقة‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‭ ‬العالمي‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك‭). ‬الإنسان‭ ‬المتدين،‭ ‬رجل‭ ‬السلام،‭ ‬يعارض‭ ‬أيضا‭ ‬السباق‭ ‬إلى‭ ‬التسلح،‭ ‬وشؤون‭ ‬الحرب،‭ ‬وسوق‭ ‬الموت‭. ‬لا‭ ‬يدعم‭ ‬‮«‬التحالفات‭ ‬ضد‭ ‬أحد‭ ‬ما‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬يدعم‭ ‬طرق‭ ‬اللقاء‭ ‬مع‭ ‬الجميع‭: ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬الاستسلام‭ ‬للنسبية‭ ‬أو‭ ‬لتوفيقية‭ ‬المعتقدات‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع،‭ ‬يسلك‭ ‬طريقا‭ ‬واحدا‭ ‬فقط،‭ ‬هو‭ ‬طريق‭ ‬الأخوة‭ ‬والحوار‭ ‬والسلام‭. ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬أجوبته‭ ‬عندما‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬نعم‮»‬‭. ‬أيها‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الأعزاء،‭ ‬لنسلك‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭: ‬ولنفتح‭ ‬قلبنا‭ ‬لأخينا،‭ ‬ولنتقدم‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬المعرفة‭ ‬المتبادلة‭. ‬لنوثق‭ ‬الروابط‭ ‬بيننا،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ازدواجية‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬خوف،‭ ‬باسم‭ ‬الخالق‭ ‬الذي‭ ‬وضعنا‭ ‬معا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حراسا‭ ‬على‭ ‬الإخوة‭ ‬والأخوات‭. ‬وإن‭ ‬تفاوضت‭ ‬قوى‭ ‬مختلفة‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المصالح،‭ ‬المال،‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬السلطة،‭ ‬لنبين‭ ‬نحن‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬طريقا‭ ‬آخر‭ ‬ممكن‭ ‬للقاء‭. ‬وهو‭ ‬ممكن‭ ‬وضروري،‭ ‬لأن‭ ‬القوة‭ ‬والسلاح‭ ‬والمال‭ ‬لن‭ ‬يصنعوا‭ ‬مستقبل‭ ‬سلام‭ ‬إطلاقا،‭ ‬لنلتق‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خير‭ ‬الإنسان‭ ‬وباسم‭ ‬من‭ ‬أحب‭ ‬الإنسان،‭ ‬الذي‭ ‬اسمه‭ ‬سلام‭. ‬لنشجع‭ ‬المبادرات‭ ‬العملية،‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬مسيرة‭ ‬الأديان‭ ‬الكبرى‭ ‬دائما‭ ‬فعالة‭ ‬وثابتة‭ ‬أكثر،‭ ‬لتكن‭ ‬ضمير‭ ‬سلام‭ ‬للعالم‭!‬ الخالق‭ ‬يدعونا‭ ‬إلى‭ ‬العمل،‭ ‬وخاصة‭ ‬لصالح‭ ‬الكثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مخلوقاته‭ ‬الذين‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬مكانا‭ ‬كافيا‭ ‬في‭ ‬أجندات‭ ‬الأقوياء‭: ‬الفقراء،‭ ‬والذين‭ ‬لم‭ ‬يولدوا‭ ‬بعد،‭ ‬وكبار‭ ‬السن،‭ ‬والمرضى،‭ ‬والمهاجرون‭... ‬إن‭ ‬كنا‭ ‬نحن،‭ ‬الذين‭ ‬نؤمن‭ ‬بإله‭ ‬الرحمة،‭ ‬لا‭ ‬نستمع‭ ‬إلى‭ ‬الفقراء،‭ ‬ولا‭ ‬نكون‭ ‬صوتا‭ ‬لمن‭ ‬لا‭ ‬صوت‭ ‬لهم،‭ ‬فمن‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك؟‭ ‬لنكن‭ ‬إلى‭ ‬جانبهم،‭ ‬ولنعمل‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬الإنسان‭ ‬الجريح‭ ‬والواقع‭ ‬في‭ ‬الشدة‭! ‬إن‭ ‬فعلنا‭ ‬ذلك،‭ ‬سنجذب‭ ‬بركة‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬على‭ ‬العالم‭. ‬لينير‭ ‬خطواتنا‭ ‬ويوحد‭ ‬قلوبنا‭ ‬وعقولنا‭ ‬وقوانا‭ (‬راجع‭ ‬مرقس‭ ‬12،‭ ‬30‭)‬،‭ ‬حتى‭ ‬تكتمل‭ ‬عبادتنا‭ ‬لله‭ ‬بمحبتنا‭ ‬الأخوية‭ ‬والعملية‭ ‬للغير‭: ‬لكي‭ ‬نكون‭ ‬معا‭ ‬أنبياء‭ ‬العيش‭ ‬معا،‭ ‬وصناع‭ ‬الوحدة،‭ ‬وبناة‭ ‬السلام‭.‬

مشاركة :