دور الطباعة الثلاثية الأبعاد في استكشاف الفضاء

  • 11/5/2022
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

منذ‭ ‬عام‭ ‬1998‭ ‬تسبح‭ ‬محطة‭ ‬الفضاء‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬مدارها‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭ ‬حاملة‭ ‬طواقم‭ ‬رواد‭ ‬الفضاء‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬ومهندسين،‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬اختبارات‭ ‬لدراسة‭ ‬بيئة‭ ‬الفضاء‭ ‬والجاذبية‭ ‬الصغرى‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬اختبار‭ ‬أنظمة‭ ‬المركبات‭ ‬الفضائية‭ ‬للبعثات‭ ‬المستقبلية‭. ‬فهذه‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬بيئة‭ ‬مستدامة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬لطالما‭ ‬واجهت‭ ‬عائق‭ ‬توفر‭ ‬الأدوات‭ ‬وقطع‭ ‬الغيار‭ ‬اللازمة‭ ‬للقيام‭ ‬بأعمال‭ ‬الصيانة‭ ‬والتجارب‭ ‬والاختبارات،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬محدودية‭ ‬الرحلات‭ ‬إلى‭ ‬محطة‭ ‬الفضاء‭ ‬الدولية‭. ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬معلناً‭ ‬لبداية‭ ‬عصر‭ ‬جديد‭ ‬لعلوم‭ ‬الفضاء،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬إطلاق‭ ‬والتجريب‭ ‬الناجح‭ ‬لأول‭ ‬طابعة‭ ‬ثلاثية‭ ‬الأبعاد‭ ‬إلى‭ ‬محطة‭ ‬الفضاء‭ ‬الدولية‭.‬ فمن‭ ‬أكبر‭ ‬التحديات‭ ‬لوكالات‭ ‬الفضاء‭ ‬هو‭ ‬توفر‭ ‬الأدوات‭ ‬وقطع‭ ‬الغيار‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬محطة‭ ‬الفضاء،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬محدودية‭ ‬الرحلات‭ ‬إلى‭ ‬المحطة‭ ‬وارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬نقل‭ ‬المعدات‭ ‬وقطع‭ ‬الغيار‭ ‬اللازمة‭ ‬لدعم‭ ‬رواد‭ ‬الفضاء‭ ‬وضمان‭ ‬تشغيل‭ ‬محطة‭ ‬الفضاء‭ ‬الدولية‭. ‬فيقدر‭ ‬نقل‭ ‬كيلوغرام‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬أو‭ ‬المعدات‭ ‬إلى‭ ‬المحطة‭ ‬بحوالي‭ ‬20000‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي،‭ ‬ويتم‭ ‬تزويد‭ ‬المحطة‭ ‬سنوياً‭ ‬بحوالي‭ ‬3‭.‬5‭ ‬أطنان‭ ‬من‭ ‬المعدات‭ ‬وقطع‭ ‬الغيار‭. ‬ولتفادي‭ ‬الأعطال‭ ‬الحرجة‭ ‬فانه‭ ‬يتم‭ ‬تخزين‭ ‬حوالي‭ ‬15000‭ ‬كيلوغرام‭ ‬من‭ ‬المعدات‭ ‬والأدوات‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬المحطة،‭ ‬فعملية‭ ‬تخزين‭ ‬المعدات‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬المحطة‭ ‬تستنفز‭ ‬من‭ ‬مساحتها‭ ‬المحدودة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعيق‭ ‬حرية‭ ‬حركة‭ ‬رواد‭ ‬الفضاء‭. ‬فهذه‭ ‬التحديات‭ ‬كانت‭ ‬الدافع‭ ‬الأبرز‭ ‬لتطوير‭ ‬وإطلاق‭ ‬الطابعة‭ ‬الثلاثية‭ ‬الأبعاد‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ميد‭ ‬ان‭ ‬سبيس‮»‬‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬ناسا‮»‬‭ ‬للفضاء،‭ ‬لتسهيل‭ ‬عملية‭ ‬توفر‭ ‬المعدات‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬المحطة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬أسرع‭ ‬وبتكاليف‭ ‬أقل‭.‬ تعمل‭ ‬الطابعة‭ ‬الثلاثية‭ ‬الأبعاد‭ ‬بتحميل‭ ‬التصميم‭ ‬المراد‭ ‬طباعته‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬طاقم‭ ‬المحطة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يتم‭ ‬طباعة‭ ‬التصميم‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬طبقات،‭ ‬وذلك‭ ‬بتغذية‭ ‬الطابعة‭ ‬بسلك‭ ‬من‭ ‬البلاستك‭ ‬وباستخدام‭ ‬الحرارة‭ ‬يتم‭ ‬تشكيل‭ ‬السلك‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الطابعة‭ ‬طبقة‭ ‬وراء‭ ‬طبقة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تشكيل‭ ‬التصميم‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأبعاد‭. ‬فأول‭ ‬أداة‭ ‬تم‭ ‬طباعتها‭ ‬في‭ ‬المحطة‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬مفتاح‭ ‬ربط‮»‬،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬بساطة‭ ‬التصميم‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬أثبتت‭ ‬نجاح‭ ‬الطباعة‭ ‬الثلاثية‭ ‬الأبعاد‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬وأسهمت‭ ‬في‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬جودتها‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬الجاذبية‭ ‬الصغرى،‭ ‬وذلك‭ ‬بمقارنة‭ ‬جودة‭ ‬التصميم‭ ‬المطبوع‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬المحطة‭ ‬وعلى‭ ‬الأرض،‭ ‬وأظهرت‭ ‬النتائج‭ ‬فروقات‭ ‬هندسية‭ ‬ضئيلة‭ ‬ما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬اعتماد‭ ‬التصاميم‭ ‬المطبوعة‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬المحطة‭. ‬ومن‭ ‬بعد‭ ‬التجارب‭ ‬الأولية‭ ‬تم‭ ‬طباعة‭ ‬أجزاء‭ ‬ومعدات‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭: ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هوائي‭ ‬الاستقبال،‭ ‬وأجزاء‭ ‬لمنفذ‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬توليد‭ ‬الأكسجين،‭ ‬وروبوتات‭ ‬حرة‭ ‬الطيران‭ ‬مستخدمة‭ ‬للبحث‭ ‬في‭ ‬المحطة‭ ‬الفضائية‭. ‬وبعد‭ ‬نجاح‭ ‬تجربة‭ ‬الطباعة‭ ‬الثلاثية‭ ‬الأبعاد‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬تطلع‭ ‬العلماء‭ ‬لإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬المواد‭ ‬المستخدمة‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬مواد‭ ‬أولية‭ ‬للطابعة‭ ‬الثلاثية‭ ‬الأبعاد،‭ ‬ما‭ ‬سيسهم‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الموارد‭ ‬خصوصا‭ ‬للمهمات‭ ‬المستقبلية‭ ‬لبناء‭ ‬المهمات‭ ‬الاستيطانية‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬القمر‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬كوكب‭ ‬المريخ،‭ ‬وتقليل‭ ‬كلفة‭ ‬نقل‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬اللازمة‭ ‬لإتمام‭ ‬عملية‭ ‬الطباعة‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬بدأت‭ ‬التجارب‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬المحطة‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬وتحويل‭ ‬المواد‭ ‬البلاستيكية‭ ‬والعناصر‭ ‬المطبوعة‭ ‬سابقا‭ ‬إلى‭ ‬مادة‭ ‬أولية‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الطباعة‭.‬ كما‭ ‬تسعى‭ ‬وكالات‭ ‬الفضاء‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬طابعات‭ ‬ثلاثية‭ ‬الأبعاد‭ ‬لتلبي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأخرى‭ ‬للمهمات‭ ‬الفضائية،‭ ‬مثل‭ ‬المعدات‭ ‬أو‭ ‬قطع‭ ‬الغيار‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬المعادن‭ ‬في‭ ‬تصنيعها،‭ ‬حيث‭ ‬المعادن‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الأكثر‭ ‬طلبا‭ ‬وشيوعا‭ ‬في‭ ‬المهمات‭ ‬الفضائية‭ ‬كالألمنيوم‭ ‬والتيتانيوم‭ ‬والفولاذ‭. ‬فوكالة‭ ‬‮«‬ناسا‮»‬‭ ‬للفضاء‭ ‬تعاونت‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والناشئة‭ ‬لتطوير‭ ‬قدرة‭ ‬الطابعات‭ ‬المعدنية‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تقنيات‭ ‬الطباعة‭ ‬المعدنية‭ ‬المستخدمة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬ليست‭ ‬ملائمة‭ ‬لبيئة‭ ‬الفضاء،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬بالمعنيين‭ ‬بالبحث‭ ‬والتطوير‭ ‬العلمي‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬أخرى‭ ‬للتكيف‭ ‬مع‭ ‬الفضاء،‭ ‬مثل‭: ‬تقنيات‭ ‬الموجات‭ ‬فوق‭ ‬الصوتية‭ ‬أو‭ ‬ترسيب‭ ‬المعادن‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الطابعات‭ ‬المعدنية‭ ‬الثلاثية‭ ‬الأبعاد،‭ ‬يتم‭ ‬تطوير‭ ‬طابعات‭ ‬إلكترونية‭ ‬يتم‭ ‬دراستها‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬ليتم‭ ‬لاحقا‭ ‬اختبارها‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬الفضاء،‭ ‬وتمكن‭ ‬هذه‭ ‬الطابعات‭ ‬رواد‭ ‬الفضاء‭ ‬من‭ ‬طباعة‭ ‬اللوحات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬المتعطلة،‭ ‬كون‭ ‬أعطالها‭ ‬الأكثر‭ ‬شيوعا‭ ‬أو‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬استبدال‭ ‬لمواكبة‭ ‬التطويرات‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬محطة‭ ‬الفضاء‭ ‬الدولية‭. ‬ {‭ ‬مهندس‭ ‬فضاء‭ ‬أول ‭- ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬لعلوم‭ ‬الفضاء

مشاركة :