أكد فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أنَّ وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية، التي انطلقت من أبوظبي في 2019، أضحت نموذجاً ونهجاً يمثل أساساً للبناء من أجل السلام والوئام، والاحترام المتبادل والتسامح بين الناس. جاء ذلك، خلال لقاء فضيلته أمس، في المنامة، قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في إطار زيارتهما إلى البحرين، والمشاركة في ملتقى المملكة للحوار «الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني». وأعرب فضيلته عن تقديره لأخيه قداسة البابا فرنسيس، واللقاء مجدداً في إطار العلاقات الأخوية بينهما، وسعيهما معاً لإحلال وإرساء قيم السلام والعيش المشترك وقبول الآخر. ورحَّب قداسة البابا فرنسيس، بفضيلة الإمام الأكبر، معرباً عن تقديره لجهود الأزهر الشريف، ومجلس حكماء المسلمين، في دعم وتشجيع الحوار بين أتباع الأديان، ونشر ثقافة الأخوة الإنسانية، وتعزيز السلام العالمي. مؤكداً أهمية تضامن قادة وزعماء الأديان، من أجل خير البشرية، وإعلاء صوت الدين لخدمة الإنسانية، مشدداً قداسته على أهمية الحوار في إنهاء الحروب والصراعات، والحد من انتشار العنصرية والكراهية. استثمار الوثيقة وفي وقت سابق، دعا د. أحمد الطيب إلى استثمار وثيقة الأخوة الإنسانية لتحويل حوار الأديان إلى واقع عملي. وأكد أن الإسلام أوجب الحفاظ على البيئة، محذراً من أن ما نشهده اليوم من فساد وإفساد في الأرض، وطغيان على موارد البيئة المستخلف فيها الإنسان لتعميرها، هو سير في اتجاه معاكس لإرادة الله في كونه الفسيح. كما أن العلماء هم حماة الأمة، وأن المسؤولية على العلماء مضاعفة أمام الله. وعلى علماء المسلمين ألا يملّوا من بيان سماحة الإسلام وقبوله للتعددية الدينية بين البشر، وقال: «لن نستطيع مواجهة التحديات بالتشرذم أو الاختفاء أو التخلف عن هذه المهمة السامية، وقد كانت هناك محاولة لتجار سوق الفتنة أن يحدثوا ذلك في مصر قبل سنوات بين المسلمين والمسيحيين. لكن الأزهر تنبه لهم، فأنشأنا بيت العائلة المصرية مع الكنائس المصرية، وبذلنا كل الجهود لوحدة الصف، وهذا ما ينبغي أن يحدث على مستوى العالم الإسلامي أجمع».جاء ذلك خلال اجتماعه مع أعضاء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، بمقر قصر الصخير في البحرين. وأكد د. محمد قريش شهاب، عضو مجلس حكماء المسلمين، أن استكمال حلقات الحوار الإسلامي المسيحي التي أرساها توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي، قبل ثلاث سنوات، هدف يمكن بلوغه. لافتاً إلى أن الاتفاق على اختيار التحديات الكبرى التي تواجه الإنسانية في القرن الواحد والعشرين موضوعاً لهذا اللقاء، دليل واقعي على بداية تحقق نتائج هذا الحوار بين قادة ديانتين عالميتين كبيرتين، يمثلهما بابا الفاتيكان وقيادات الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين. وأضاف خلال كلمته في الاجتماع الدوري الـ 16 لاجتماع مجلس حكماء المسلمين، تحت عنوان «الحوار بين الأديان وتحديات القرن الواحد والعشرين» ، أبرز التحديات المشتركة تتمثل في حالة رهاب الدين «الدينوفوبيا» التي تترك الإنسان عرضة للجفاف الروحي، وتحيل المجتمعات على الفقر الأخلاقي الذي ترى آثاره في السلوك الفردي. كما في وضعية الأسرة بمحاولات الانحراف بها عن الفطرة السوية، واستغلال عمل الأطفال، وتصاعد معدلات العنف ضد المرأة، وأزمة الغذاء العالمي الناتجة عن غياب العدالة والتضامن، الأمر الذي يهدد حياة ملايين البشر من المستضعفين الذين تعصف بهم الحروب، فضلاً عن التهديد المروع الذي يجسده شبح الأسلحة النووية الذي يلوح في أفق العالم. ولفت د. شهاب إلى أن قضية التغير المناخي تعد واحدة من أبرز التحديات المشتركة، مشيراً إلى كونها شاهداً حياً على عجز الإنسان عن كبح جماح غرائزه الاستهلاكية ونهمه المادي، نحو مسار لم تعرف البشرية في تاريخها مثيلاً، من التدمير الذاتي لموارد الكوكب، الأمر الذي يهدد مستقبلنا، ويزيد من مآسي العالم من الجوع والفقر والتهجير. وأوضح د. شهاب، أن مجلس حكماء المسلمين، منذ تأسيسه واعتباره مؤسسة دولية تجمع ثلة من علماء الأمة الإسلامية بهدف تعزيز قيم التعايش، يرى أن الحوار حول هذه التحديات مع كل شركاء العائلة الإنسانية، وخصوصاً قياداتها الدينية والفكرية الملهمة والمؤثرة، هو قضية تلح في حضورها على راهن عالمنا. مبيناً أن مجلس حكماء المسلمين لا ينظر إلى هذا الحوار باعتباره ضرورة واقعية فحسب، بل من منطلق كونه خياراً أساسياً ممتداً في الزمان والمكان، الأمر الذي يعلي من إنسانية الإنسان بوصفه كائناً مسؤولاً ومكرماً، يواجه تحديات وجودية كبرى لا أمل له في التعامل معها إلا بالتواصل والحوار. ضمانة تأسيس وأوضح د. شهاب أن أهمية الحوار للإنسانية اليوم، تتجلى في أنها ضمانة للتأسيس الواعي لتواصل بناء بين البشر، مضيفاً: «نعتز في حوار اليوم أننا بجانب شخصيتين دينيتين رائدتين، صنعتا تاريخاً جديداً من العلاقة بين دينين عالميين، وألهمتا بالمضي في طريق الأخوة الإنسانية بالحوار المستمر رموز أديان أخرى وأتباعها؛ الكثيرون يسيرون في طريق الحوار تحت قيادتهما، تحقيقاً لغاية الدين الذي أنزله الله لصالح الإنسانية». تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :