بعد معاناته من سكتة قلبية كادت تودي بحياته خلال كأس أوروبا صيف عام 2021، سيكون صانع ألعاب مانشستر يونايتد الإنجليزي كريستيان إريكسن، القلب النابض لمنتخب الدنمارك خلال خوضه غمار نهائيات كأس العالم في قطر. غاب إريكسن عن الملاعب إثر تلك الحادثة لفترة 8 أشهر وسط تعاطف منقطع النظير من مختلف أنحاء العالم تجاهه، وتحديداً من 12 يونيو (حزيران) 2021 تاريخ تعرضه للحادثة الأليمة، وحتى 26 فبراير (شباط) لدى عودته إلى الملاعب في صفوف برنتفورد في دوري الدرجة الإنجليزية الممتازة. بعدها بأسابيع قليلة، انضم مجدداً إلى صفوف منتخب بلاده لخوض المباراة ضد هولندا. إريكسن صانع ألعاب من الطراز الرفيع، يملك عيناً ثاقبة داخل الملعب تخوّله تموين زملائه بكرات متقنة غالباً ما يتابعونها داخل الشباك. يُعدّ ركيزة أساسية في صفوف المنتخب الدنماركي الذي أبلى بلاء حسناً رغم غيابه، من خلال بلوغه نصف نهائي كأس أوروبا الأخيرة، والتأهل إلى «مونديال قطر». ويقول معلق شبكة «دي آر» الألمانية، أندرياس كرول: «عودته إلى الملاعب بعد أقل من سنة (على الحادثة) هي من نسج الخيال. وفي اللحظة التي عاد فيها أحدث الفارق». في كل مقابلة صحافية لمدرب منتخب الدنمارك كاسبر هيولماند، يقوم الأخير بتحية الخدمات التي يقدّمها إريكسن بكل تواضع، وقال في هذا الصدد: «منتخب الدنمارك أفضل مع إريكسن؛ لأنه ينقل عدوى هدوئه إلى زملائه فيتخذون القرارات الصحيحة دائماً». هذا الأمر يسعد هذه الدولة الاسكندنافية البالغ عدد سكانها 5.9 مليون نسمة، فيتفاعلون بصورة رائعة مع منتخب بلادهم. يقول أحد أنصار الفريق، ويُدعى كاسبر تومسن: «منتخب الدنمارك هو الأفضل في الوقت الحالي. نحن ننتظر هذه اللحظة منذ فترة طويلة». بطبيعة الحال، ثمة ما قبل وما بعد الحادثة التي تعرّض لها إريكسن. يقول أحد أنصار مانشستر يونايتد الذي انضم إليه صانع الألعاب الصيف الماضي في صفقة حرة: «أهميته زادت حالياً، فهو رمز الأمل والفرح، بالإضافة إلى كونه لاعباً رائعاً». وبحسب رأي الجميع، فإن النضوج الجديد لإريكسن يعود إيجاباً على منتخب بلاده؛ إذ يشكّل إلى جانب حارس المرمى كاسبر شمايكل والمدافع سيمون كاير، أحد أقطاب هذا المنتخب. يقول مدرب منتخب الدنمارك: «نرى هدوءاً وسهولة كبيرة في أسلوب لعب كريستيان، إنه رائع. يتمتع بهدوء كبير ورصين، يلعب كثيراً كرات في العمق إلى اليسار واليمين، ويقوم بدفع اللعب إلى الأمام عندما يقرّر ذلك». وأضاف: «من الممتع رؤيته يتمركز على أرضية المستطيل الأخضر». خاض إريكسن 117 مباراة دولية حتى الآن، وسجل 39 هدفاً، ودافع عن ألوان أندية أياكس أمستردام الهولندي، وتوتنهام الإنجليزي، وإنتر ميلان الإيطالي. ويؤكد مدربه السابق في نادي أودنسي الدنماركي أندرس سكويلديموسي، أنه عندما كان في الخامسة عشرة من عمره «هو متواضع وقريب من الجميع؛ لأنه أبقى رجليه على الأرض». وأضاف: «عندما أرسلته في تجربة إلى صفوف ميلان الإيطالي، سألته كيف سارت الأمور، فأجاب ببساطة أن الأمر جيد، في حين كان لاعبون آخرون يعبّرون عن مدى شعورهم بالإثارة جراء الخضوع لفترة تجريبية في ميلان». وبحسب مدربه السابق، بقي «إريكسن هو نفسه على أرضية الملعب، يبذل قصارى جهده. لقد أصبح قائداً، ليس من خلال الصراخ وتوجيه زملائه، بل بفضل أسلوب لعبه، ولهذا فهو محبّب لدى الجميع». خاض أفضل مبارياته في صفوف الدنمارك عندما سجّل ثلاثية في مرمى جمهورية آيرلندا (5 - 1) في الملحق الذي أهّل منتخب بلاده للمشاركة في «مونديال روسيا» عام 2018. وصرّح اللاعب الذي يُعرف عنه تواضعه بعد ذلك الإنجاز بقوله: «ما زلت كريستيان من ميدلفارت (حيث وُلد)، ولست نجماً عالمياً»، في حين علّق اللاعب الدنماركي السابق يان مولبي، قائلاً: «تلك الليلة في دبلن (المباراة ضد آيرلندا)... حتى معظم اللاعبين الكبار لا يحظون بليلة مشابهة».
مشاركة :