استبعد مراقبون فلسطينيون حدوث أي اختراق جدي وحقيقي على صعيد حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد حصول رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو وكتلته اليمينية على أغلبية واضحة في الانتخابات البرلمانية التي جرت قبل أيام. ورأى المراقبون أن فوز اليمين بالانتخابات العامة الإسرائيلية نتيجة طبيعية "لتنامي التطرف"، الأمر الذي سينعكس سلبا على صعيد حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والأوضاع الميدانية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية في بيان أول أمس (الخميس) أن حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو حصل على 32 مقعدا، في حين حصل حزب يوجد مستقبل، الذي يقوده رئيس الوزراء المؤقت يائير لابيد، على 24 مقعدا. وأضاف البيان أن حزب الصهيونية الدينية (هتسيونوت هدتيت) حصل على 14 مقعدا في المركز الثالث، في حين حصل حزب المعسكر الوطني الذي يقوده وزير الدفاع بيني غانتس، على 12 مقعدا. كما حصل حزب شاس على 11 مقعدا، ويهودت هتوراة على سبعة مقاعد، وإسرائيل بيتنا بزعامة وزير المالية أفيغدور ليبرمان، على ستة مقاعد، في حين حصلت القائمة العربية الموحدة والقائمة المشتركة على خمسة مقاعد لكل منها، وحصل حزب العمل اليساري على 4 مقاعد فقط. وبذلك، حصلت كتلة نتنياهو المكونة من الليكود وشاس ويهودت هتوراة والصهيونية الدينية على 64 مقعدا من أصل 120 المكونة للكنيست (البرلمان) في حين حصلت كتلة الحكومة الحالية على 51 مقعدا. خطر تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو وقال مدير مركز (مسارات) للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن نتائج الانتخابات الإسرائيلية وصعود اليمين وعودة نتنياهو للحكم بالشراكة مع رموز اليمين "تشعل كافة الأضواء الحمراء وكانت أسوأ من كافة التوقعات". ورأى المصري أن خطر تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو مشاركة مع أحزاب اليمين الديني سيكون "تهجير الفلسطينيين من داخل إسرائيل إلى الضفة الغربية ومن الضفة إلى الخارج مطروحا ويتم سحب الجنسية الإسرائيلية من العرب بشكل واسع". وأضاف أن "العدوان على الفلسطينيين بكل أشكاله سيكون أكثر من السابق، بما في ذلك المضي في تهويد القدس والأقصى بمعدلات أكبر وأسرع، وفرض القوانين الإسرائيلية على الضفة وصولًا إلى ضم مساحات منها". وأكد على ضرورة تفعيل الدور الفلسطيني ضمن رؤية جديدة للتأثير في سياسة أي حكومة إسرائيلية بغض النظر عمن يحكمها ووقف الرهانات الخاطئة والخاسرة سواء على إحياء عملية السلام أو المتغيرات الإسرائيلية والأمريكية. وشدد المصري على أن الرهان يجب أن يكون على الشعب الفلسطيني الذي أثبت دائما أنه مستعد لمواصلة مسيرته التحررية، وعلى عدالة القضية وتفوقها الأخلاقي، وبعد ذلك يمكن تفعيل واستنهاض العاملين العربي والدولي. وأوعز نتنياهو إلى عضو الكنيست عن الليكود يارليف ليفين، البدء في محادثات أولية مع باقي الأحزاب في كتلة اليمين من أجل البدء بتشكيل الائتلاف الحكومي القادم لحكومته السادسة. وخاضت إسرائيل يوم الثلاثاء الماضي خامس انتخابات برلمانية عامة في غضون أربع سنوات. وبعد تسلم الرئيس يتسحاق هرتسوغ النتائج الرسمية لانتخابات الكنيست الـ 25 من رئيس لجنة الانتخابات المركزية قاضي المحكمة العليا الإسرائيلية القاضي يتسحاق عاميت، ستكون أمامه سبعة أيام لإجراء المشاورات واتخاذ قرار تكليف أحد أعضاء الكنيست بمهمة تشكيل الحكومة، وفقا للقانون الإسرائيلي. وعادة ما يتم تكليف رئيس الحزب الذي يحصل على أعلى عدد من الأصوات. ومن اللحظة التي يكلف فيها الرئيس عضو كنيست بالمهمة، سيكون أمامه 28 يوما لتشكيل حكومة، وفي حالة الحاجة إلى تمديد العملية، يستطيع الرئيس منح تمديد يصل إلى أسبوعين إضافيين. وفي أول تعقيب فلسطيني رسمي على نتائج الانتخابات، اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، أن القيادة والشعب الفلسطيني لم تكن لديهم أية أوهام بإمكانية إفراز صناديق الاقتراع في الانتخابات العامة الإسرائيلية شريكا للسلام. وقال اشتية في بيان صدر عنه إن "النتائج أكدت ما كان يقينا لنا من أنه لا شريك لنا في إسرائيل للسلام وفي ضوء ما يعانيه شعبنا من سياسات وممارسات عدوانية لا تقيم وزنا للقرارات والقوانين الدولية". ودعا اشتية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لتطبيق قرارات الشرعية الدولية وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني من "السياسات العدوانية الإسرائيلية بعد صعود الأحزاب العنصرية لسدة الحكم في إسرائيل". الانتخابات لم تأت بجديد نوعي وقال الكاتب والمحلل السياسي من رام الله صادق الشافعي، لـ((شينخوا)) إن الحكم الجديد سيكون امتدادا وتواصلا مع سابقيه في يمينية مكوناته وفي جوهر وطبيعة علاقاته مع الطرف الفلسطيني بمفاصل تلك العلاقة الأساسية والمتكاملة. ورأى الشافعي أن اختيار الناخب الإسرائيلي لليمين دليل على "رفض أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين أو حتى التفاوض حول قيام كيان وطني فلسطيني على أي جزء والاستمرار في الاستيطان والتوسع فيه والدعوة إلى ضم الضفة الغربية". وتابع أن الحكومة الإسرائيلية القادمة "ستستعمل أقصى درجات العنف المفرط أسلوبا وحيدا في التعامل ومواجهة أي تحرك فلسطيني في تصديه للاحتلال وسياساته التوسعية والعدوانية". ويتفق الشافعي مع سابقه بأن ما ينقص الحالة الوطنية الفلسطينية العامة هو وحدة القيادة السياسية الوطنية ووحدة برنامجها النضالي الوطني ومواقفها وأدواتها الكفاحية لمواجهة المرحلة المقبلة المليئة بالمخاطر. وجاءت الانتخابات الخامسة التي تخوضها إسرائيل في غضون أربعة أعوام، وسط ما تشهده الضفة الغربية من توترات ميدانية مستمرة بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين وتوقف آخر مفاوضات للسلام في نهاية مارس العام 2014. تحول المجتمع الإسرائيلي وقال الكاتب والمحلل عبد المجيد سويلم، من مدينة رام الله إن النتائج لها علاقة بتحول المجتمع في إسرائيل وانتقاله إلى مرحلة جديدة عنوانها "تحكم الفاشية الجديدة بالحكم وليس في الحكومة فقط". واعتبر نتائج الانتخابات الإسرائيلية فرصة للجانب الفلسطيني للتخلص من الاتفاقيات الموقعة باعتبار أن النظام الإسرائيلي القادم "ليس فقط غير شريك بل هو معاد للسلام". ورأى سويلم أن ما أفرزته الانتخابات في إسرائيل فرصة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس) للانتفاض على الواقع في ظل المرحلة الجديدة التي تحتم التوقف عن المناكفات الداخلية.■
مشاركة :