أكد معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، والمبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، أن دولة الإمارات، وتماشياً مع رؤية القيادة، لديها قناعة راسخة بأهمية احتواء الجميع في العمل المناخي لتسريع النمو الاقتصادي لكافة الدول. وقال معاليه: «إن العمل المناخي فرصة لتنويع كل من الاقتصاد ومزيج الطاقة، بما يسهم في تسريع قطاعات النمو الجديدة في مجال الطاقة النظيفة وإتاحة فرص عمل إضافية للأجيال القادمة». جاء ذلك في حديث لمعاليه قبيل مشاركة دولة الإمارات في الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP27 الذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ المصرية من 6 إلى 18 نوفمبر الجاري. ولفت معاليه إلى أنه في ضوء الشراكة الوثيقة مع جمهورية مصر العربية الشقيقة، وبالتزامن مع الذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الثنائية، فإن دولة الإمارات تدعم الرئاسة المصرية لمؤتمر الأطراف (COP27)، وتركز على ربط النتائج والمخرجات مع مؤتمر الأطراف COP28 الذي تستضيفه الإمارات في عام 2023. وقال معاليه: «إن أولويات دولة الإمارات في COP27 هي التواصل والحوار مع الدول المشاركة في الحدث والبالغ عددها نحو 190 دولة، واستيعاب تطلعاتها، والمساهمة في الحوار العالمي للتوصل إلى حلول فعالة لمعالجة تداعيات تغير المناخ وتنفيذها بالشكل الأمثل». - ما هي الأهداف الرئيسة لدولة الإمارات في مؤتمر الأطراف COP27؟ هدفنا الأساسي المساهمة في التوصل إلى حلول عملية للتخفيف من تداعيات تغير المناخ والتكيف معها، وتأكيد التزامنا ببناء اقتصادٍ منخفض الانبعاثات، لإيجاد فرص تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة للجميع، خاصةً في دول الجنوب. ونسعى إلى إلقاء الضوء على سجل دولة الإمارات الحافل الممتد منذ عقود في مجال دبلوماسية المناخ، والعمل المناخي، وتقديم حلول مناخية عملية، وخاصة في الدول النامية والأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ. كما نسعى إلى بناء القدرات وتعزيز التعاون قبل انعقاد مؤتمر الأطراف COP28 في الإمارات، وذلك بهدف تحديد مسارات للعمل المناخي تتميز بالطابع العملي والطُموح العالي واحتواء الجميع، بحيث يستفيد منها مليارات البشر في جميع أنحاء العالم. ويأتي هذا انطلاقاً من تأكيد سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على أنه لا يمكننا تجاهل الحقائق، بل يجب أن نواجهها بثبات، وأن لا نتجاهل التحديات، بل نتعامل معها بذهنية إيجابية وبالعمل على إيجاد حلول مناسبة بالتعاون مع شركاء يتبنون نفس الرؤى والأفكار والتوجهات، كما يحرص سموه على تذكيرنا دوماً بأن السعي الدائم لتحقيق التقدم هو في صلب وجوهر نهج دولة الإمارات. خفض الانبعاثات - هلّا أوضحت لنا المزيد عن سجل دولة الإمارات الحافل في مجال العمل المناخي، وكيف يمكن أن تفيد العالم عبر تبنّي نهج يحرص على مشاركة واحتواء الجميع؟ التزامنا بخفض الانبعاثات وتعزيز العمل المناخي ليس جديداً، فمنذ عدة عقود، وضع الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، أسس الاستدامة للحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وصونها. ونحن أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توقع اتفاق باريس وتصدّق عليه، والأولى في المنطقة التي تلتزم بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050. وتحتضن الدولة اليوم ثلاثاً من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم وأقلها تكلفة، وهي أول دولة في المنطقة تطبق تقنية التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه على نطاق صناعي واسع. كما سجلنا أرقاماً قياسية جديدة لتوليد طاقة الرياح الأكثر تنافسية من حيث التكلفة محلياً ودولياً. ونحن أول دولة في المنطقة تستخدم الطاقة النووية السِلمية. ولدولة الإمارات كذلك دور رائد في استكشاف البدائل النظيفة مثل الهيدروجين. واستطعنا تسجيل أدنى معدلات لكثافة الميثان في قطاع الطاقة قبل عقدين من إبرام التعهد العالمي الذي دعا إلى خفض الميثان تدريجياً. وفي سبتمبر هذا العام، أعلنت الإمارات النسخة المحدثة من الإصدار الثاني من مساهماتها المحددة وطنياً، بهدف خفض انبعاثات الكربون بنسبة 31% بحلول عام 2030. ونتعاون مع كافة الأطراف المعنية في العالم لتعزيز العمل المناخي، انطلاقاً من إيماننا بأن مواجهة تداعيات تغير المناخ تتطلب حلولاً تتسم بالطابع العملي والواقعي وباحتواء الجميع. وحالياً فإن دولة الإمارات من أكثر الدول استثماراً في مشروعات الطاقة المتجددة العالمية؛ إذ استثمرنا 50 مليار دولار في مشروعات للطاقة المتجددة في 70 دولة، منها 31 من الدول الجُزُرية النامية الأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ. وأعلنّا التزامنا باستثمار 50 مليار دولار إضافية أخرى خلال السنوات العشر المقبلة في كثير من البلدان لتسريع مسار الانتقال إلى الطاقة النظيفة. إضافة إلى ذلك، وقّعت الإمارات مع الولايات المتحدة الأميركية مؤخراً شراكة للاستثمار في الطاقة النظيفة، وإزالة الانبعاثات من الطاقة التي يعتمد عليها العالم حالياً، بالتزامن مع زيادة الاستثمار في مصادر الطاقة الخالية من الانبعاثات في البلدين والدول ذات الاقتصادات الناشئة في أنحاء العالم. وهذه الشراكة تهدف إلى تحفيز جمع تمويل ودعم بقيمة 100 مليار دولار، وتنفيذ مشروعات للطاقة النظيفة تبلغ طاقتها الإنتاجية 100 غيغاواط في دولة الإمارات والولايات المتحدة والاقتصادات الناشئة بحلول عام 2035. وأطلقت الدولة هذا العام برنامج «اتحاد 7»، وهو برنامج ابتكاري لتأمين التمويل لمشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا، ويهدف إلى توفير الكهرباء النظيفة لنحو 100 مليون فرد بحلول عام 2035. ونعتقد أن هذا التمويل المناخي المتزايد للمجتمعات الأكثر تعرضاً لأخطار تغير المناخ - خاصةً لدعم القدرة على مواجهة الأزمات وتأمين الإمدادات الغذائية والمائية - هو أيضاً استثمار في تحقيق الاستقرار والسلام. وأسهمنا كذلك في تمكين المجتمعات، من خلال مبادرات مثل جائزة زايد للاستدامة؛ ونشارك اليوم في دعم أجيال المستقبل وإعدادها لوظائف المستقبل، من خلال مؤسسات مثل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. زراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030 ولقد تعهدنا بزراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030، وهو برنامج تقوده هيئة البيئة - أبوظبي بهدف تعزيز الحلول القائمة على الطبيعة للحد من تداعيات تغير المناخ، وحمايةِ التنوع البيولوجي والإسهام في «مخازن الكربون الطبيعية». كما ندعم هدف التنوع البيولوجي «30/30» لحماية 30% من مناطق اليابسة و30% من المناطق البحرية بحلول عام 2030، إضافةً إلى الحلول القائمة على الطبيعة لمعالجة أزمتي المناخ والتنوع البيولوجي المترابطتين. - معاليك، حرصتم مؤخراً على إلقاء الضوء على حاجة العالم إلى مزيد من الطاقة بأقل انبعاثات ممكنة. هلّا شرحتم ذلك بمزيد من التفصيل في سياق استراتيجية دولة الإمارات لتحقيق الانتقال في قطاع الطاقة؟ من المتوقع ارتفاع سكان العالم قريباً إلى 9.7 مليار شخص بحلول عام 2050. ولتلبية احتياجات هذا العدد، سيتعين علينا إنتاج طاقة تزيد بنسبة 30% عما ننتجه اليوم. وفي حال عدم تلبية احتياجات الطاقة الأساسية لمليارات الأشخاص في أنحاء العالم، ستتباطأ الاقتصادات، مما يؤثر بشدة على الموارد اللازمة لدعم العمل المناخي والانتقال في قطاع الطاقة. وإلى جانب سد احتياجات الطاقة من خلال الأصول الرأسمالية والبنية التحتية التي يعتمد عليها العالم حالياً، يجب أن نركز على خفض الانبعاثات وتسريع الاستثمار في الأنظمة الجديدة للطاقة النظيفة. لذا، يحتاج العالم إلى استخدام كل الحلول المتاحة، التي لا تقتصر على النفط، أو الغاز، أو الطاقة الشمسية، أو طاقة الرياح، أو الطاقة النووية، أو الهيدروجين فقط؛ وإنما كل ما سبق، بالإضافة إلى الطاقات النظيفة التي لم يتم اكتشافها أو تسويقها أو نشرها بعد. باختصار، يحتاج العالم إلى «مزيد من الطاقة بأقل انبعاثات». وهذا هو النهج الذي نتبعه في دولة الإمارات. كما أن دولة الإمارات، وبفضل رؤية القيادة، سبّاقة دوماً في إطلاق المبادرات الأولى من نوعها عالمياً لخفض معدلات كثافة غاز الميثان وانبعاثاته. وندرك تماماً أن الانتقال في قطاع الطاقة لن يحدث بلمسة زر، لكنه ممكن إذا اتبعنا نهجاً واقعياً وعملياً ومجدياً اقتصادياً. ويجب أن نراعي أن الحلول التي يحتاجها العالم تفتح بدورها آفاقاً واسعة أمام الاقتصاد العالمي. وفيما نلبي تلك الاحتياجات، سنساعد في توفير الكهرباء لنحو 800 مليون شخص يفتقدونها اليوم. وسنحسن حياة 2.6 مليار شخص لا يتمتعون بإمكانية الوصول إلى الوقود النظيف من أجل الطهي والتدفئة. كما سننقذ الناس من الفقر، ونرتقي بمستويات المعيشة، ونحقق نمواً اقتصادياً مستداماً. أخبار ذات صلة قادة العالم يبدأون التوافد إلى قمة شرم الشيخ عبدالله بن زايد يستقبل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي واليونان والعراق والأردن «مصدر» مكانة رائدة في مجال الانتقال إلى الطاقة النظيفة - بصفتكم رئيس مجلس إدارة «مصدر»، ما رأيكم في دور الشركة في دعم العالم والمبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي في الإمارات بحلول عام 2050 من خلال التقنيات والاستثمارات المثبتة الكفاءة؟ عند إطلاق «مصدر» في عام 2006، قال الكثيرون إنها تسبق عصرها. واليوم، تحظى الشركة بمكانة رائدة في مجال الانتقال إلى الطاقة النظيفة، وتقوم بدور جوهري في تحقيق رؤية الإمارات لتصبح دولة رائدة في مجال الاستدامة والعمل المناخي على مستوى العالم. ونعتقد أنه لا غنى عن الاستفادة من التكنولوجيا النظيفة والحلول المناخية، وأننا نحتاج إلى تطبيقها على نطاق واسع، وهي استراتيجية حرصت دولة الإمارات على تنفيذها لأكثر من عقد من الزمان. وإضافةً إلى الاستثمار بقيمة إجمالية تفوق 20 مليار دولار في أكثر من 40 دولة، تولِّد مشروعات «مصدر» ما يزيد على 15 جيجاواط من الطاقة النظيفة، وتساهم في تفادي إطلاق نحو 19.5 مليون طن من الانبعاثات سنوياً. أما في أفريقيا، فتسهم «مصدر» وشركاؤها في تمكين المجتمعات المحلية، وتطوير مشروعات توفر أكثر من 1 جيجاواط من الطاقة النظيفة القادرة على تأمين الكهرباء لأكثر من 845 ألف منزل في مصر والمغرب وموريتانيا وسيشل. وتتولى «مصدر» إدارة «جائزة زايد للاستدامة»، التي نجحت على مدى 14 عاماً في ترك أثر إيجابي على حياة أكثر من 370 مليون شخص في العالم. وتوفر الشركة، بالإضافة إلى ذلك، منصات لتبادل المعرفة من أجل تحفيز مزيد من التطوير في مجال الطاقة المتجددة عموماً، وقطاع التكنولوجيا النظيفة. وإضافةً إلى ذلك، ندعم مساعي الانتقال إلى الطاقة النظيفة عبر الاستفادة من فرص إنتاج الهيدروجين، وقد توجهت «مصدر» إلى استكشاف هذا المجال منذ أكثر من 10 سنوات، وتسعى إلى تحقيق مكانة رائدة عالمياً في إنتاج الهيدروجين الأخضر ودعم طموحات إمارة أبوظبي في أن تصبح مركزاً عالمياً متميزاً في هذا المجال. وتخطط «مصدر» لرفع قدراتها في مجال الهيدروجين إلى 1 مليون طن بحلول عام 2030، وكانت قد وقعت في وقت سابق من العام الحالي اتفاقية مهمة لتطوير محطات لطاقة الهيدروجين النظيفة في مصر بقدرة تبلغ 4 جيجاواط بحلول عام 2030. مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ - خلال فعاليات مؤتمر الأطراف COP26 في غلاسكو العام الماضي، أطلقت الإمارات والولايات المتحدة مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ بمشاركة الكثير من البلدان، وأُعلِن عن زيادة الاستثمارات بمقدار 4 مليارات دولار لتسريع ابتكار أنظمة غذائية وزراعية ذكية مناخياً، أين وصلت هذه المبادرة اليوم؟ تركز مبادرة «الابتكار الزراعي للمناخ» على تطوير النظم الغذائية، وتعزيز المرونة المناخية في قطاع الزراعة من خلال تحفيز الاستثمارات في الابتكارات التي تسهم في دعم الأمن الغذائي والحد من التغيرات المناخية. وفي الوقت ذاته، تسعى هذه المبادرة العالمية إلى حماية سبل عيش ملايين من المزارعين أصحاب قطع الأرض الصغيرة في العالم وهم من الأكثر تعرضاً لأخطار تغير المناخ. وتمثل زيادة الاستثمارات بمقدار 4 مليارات دولار أميركي التي أعلنتها مبادرة «الابتكار الزراعي للمناخ» في مؤتمر الأطراف COP26 التزام شركاء دولة الإمارات بزيادة الاستثمار في الأعوام 2021 – 2025، وتعهدت الدولة بزيادة الاستثمارات بمقدار مليار دولار لتسريع عمل عدة مؤسسات حكومية على ابتكار أنظمة غذائية وزراعية ذكية مناخياً. وبرغم وجودها في منطقة جافة تتسم بندرة الموارد المائية، تمكنت دولة الإمارات من تحويل الصحاري إلى أراضٍ زراعية خصبة بفضل الابتكار والتكنولوجيا. وخير مثال على ذلك «بستانِكَ»، أكبر مزرعة عمودية في العالم، التي تديرها «مجموعة الإمارات»، وتنتج أكثر من 1.000 طن من الخضراوات الورقية العالية الجودة سنوياً؛ إضافةً إلى مزارع العين التي تنتج الفراولة والتوت البري محلياً. COP28 - ذكرتم سابقاً أن دولة الإمارات تتطلع إلى بناء القدرات وتعزيز التعاون في إطار استعدادها لاستضافة مؤتمر الأطراف COP28 في عام 2023، هلّا أطلعتمونا على مزيد من التفاصيل؟ نسعى دائماً إلى تنفيذ رؤية سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، وتوجيهاته بمواصلة استكشاف فرص جديدة لبناء عالمٍ خالٍ من الانبعاثات، حيث تتبنى دولة الإمارات هذه المنهجية في جميع المجالات والقطاعات. لذا، سنركز في مؤتمر الأطراف COP27 على إيجاد حلول عملية لتغير المناخ عبر التعاون مع الرئاسة المصرية للمؤتمر والدول المشاركة البالغ عددها نحو 190 دولة، وفيما نستعد لاستضافة مؤتمر الأطراف COP28 (مؤتمر الإمارات للمناخ) في عام 2023، من المهم أن نستوعب أولويات جميع الدول، وهذه إحدى مهامنا الرئيسة الآن وفي العام المقبل. وتتمثل الأهمية الخاصة لمؤتمر الأطراف COP28 بأنه سيشهد أول حصيلة عالمية لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، وهو من المخرجات المهمة لمؤتمر COP28، ومحطة بالغة الأهمية، فيما نسعى إلى تحويل الحدث إلى مؤتمر مناخي يحتوي الجميع ومكرس لإيجاد الحلول. وسيركز هذا النهج على تمكين النساء والشباب، وتسريع عملية تمويل المناخ، وتعزيز الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة ونشرها على نطاق واسع، ودعم المجتمعات المحلية والأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ. ونعتقد أنه يمكن للعالم استكشاف فرص هائلة لتحقيق النمو الاقتصادي من خلال التعاون لأجل العمل المناخي.
مشاركة :