توقع محللون نفطيون استمرار ارتفاع أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري، بعد صعودها بنحو 3 في المائة نهاية الأسبوع الماضي، بسبب تراجع الدولار وتخفيف قيود الإغلاق في الصين، إلى جانب قرب تطبيق حظر الاتحاد الأوروبي على النفط الخام الروسي بدءا من 5 ديسمبر المقبل وعلى المنتجات النفطية في فبراير 2023. وأكدوا أن مشتريات أوروبا من وقود الطائرات من منطقة الخليج آخذة في الازدياد مع تحسن الطلب على السفر الجوي واستبدال القارة البراميل الروسية بأصول أخرى قبل الموعد النهائي للحد الأقصى للأسعار في فبراير، وهو ما يعزز الفارق النقدي في أسعار البراميل الفورية. وتوقع المحللون أن يضع الاتحاد الأوروبي حدا أقصى لسعر المنتجات النفطية الروسية في 5 فبراير 2023، لافتين إلى أن تقديرات صناعة الشحن تشير إلى أن إجمالي شحنات وقود الطائرات المتجهة إلى أوروبا من منطقة الخليج في نوفمبر من المتوقع أن تراوح بين 1.6 مليون و1.7 مليون طن متري. وأشاروا إلى أن عديدا من الموانئ في البحر الأبيض المتوسط التي كانت تتلقى سابقا شحنات زيت الغاز ووقود الطائرات من روسيا على ناقلات متوسطة المدى قد استبدلت الأحجام بأصول شرق أوسطية، مشيرين إلى أن ما يقرب من 12 شركة طيران أوروبية كانت تشتري بانتظام وقود الطائرات الروسي. وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش إيه" لخدمات الطاقة لـ"الاقتصادية"، "إن أسعار النفط الخام شهدت قفزات قياسية منذ بداية الحرب الروسية - الأوكرانية، فيما تعاني السوق حاليا حالة عدم اليقين الناجمة عن الافتقار إلى الشفافية بشأن برنامج التصدير الصيني وعمليات الإغلاق والقيود المفروضة على التنقل بسبب فيروس كورونا". وتوقع اتجاه السوق إلى الارتفاع مع بقاء حالة التقلبات السعرية متوقعة خلال الأسبوع الجاري، مشيرا إلى أن الصين تبقى عامل عدم يقين رئيسا للسوق في الوقت الراهن، منوها بحالة عدم الوضوح بشأن القيود الخاصة بجائحة كورونا وحصص تصدير المنتجات المكررة. ويرى دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية أن أسعار النفط الخام أقرب إلى مواصلة حصد المكاسب، وينطبق الشيء نفسه على المنتجات النفطية حيث يرتفع الطلب على نواتج التقطير في هذا الوقت من العام. وأشار إلى أن تقلص المعروض من المنتجات يعود إلى قيام المصافي بالصيانة حيث تنخفض طاقة المصفاة في هذا الوقت من العام، مشيرا إلى تراجع طاقة التكرير الأمريكية في الأعوام القليلة الماضية مع إغلاق عديد من المصافي غير المربحة، وهو من أبرز العوامل الجديدة التي ظهرت في العامين الماضيين. أما بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة فيشير إلى أن السوق الأمريكية تأثرت كثيرا بقطع الواردات الروسية، وقبل الحرب في أوكرانيا كانت الولايات المتحدة تستورد ما يقرب من 700 ألف برميل يوميا من النفط والمنتجات البترولية الروسية، وكانت معظم هذه الواردات عبارة عن منتجات نهائية ومدخلات مصفاة عززت إمدادات نواتج التقطير في الولايات المتحدة. وأشار إلى أن فقدان تلك الواردات الروسية تسبب في مشكلات للمصافي، حيث تكافح المصافي الأمريكية حاليا لسد الثغرات في قوائم منتجاتها، لافتا إلى تقارير دولية تشير إلى تمتع المصافي بقدر ضئيل من المرونة في تحويل إنتاج البنزين إلى إنتاج الديزل. وتقول لـ"الاقتصادية" أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة أفريكان ليدرشيب الدولية، "إن انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة قد تسفر عن سيطرة الجمهوريين، ولهم توجه واضح في ملف الطاقة، حيث سيزيدون الإنتاج المحلي من خلال توسيع إنتاج النفط والغاز ودعم تطوير الطاقة التقليدية على الأراضي الفيدرالية". ولفتت إلى تأكيد مسؤولين أمريكيين أن حلول الطاقة في البلاد هي حلول مناخية، حيث يمكن لأمريكا ويجب لها أن تقود العالم في الحد من الانبعاثات دون التفريط في أمن الطاقة التقليدية والتعامل أيضا بمرونة مع قرارات "أوبك +"، مؤكدة أن الجمهوريين يرون أن مزيدا من التنقيب المحلي مفيد للمناخ. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط الجمعة بأكثر من 3 في المائة مع هبوط الدولار وقرب سريان حظر من الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي، بينما ينتظر المستثمرون احتمالات تخفيف الصين قيود مكافحة كوفيد. وعلى الرغم من أن مخاوف الركود العالمي حدت من المكاسب، صعدت العقود الآجلة لخام برنت 3.81 دولار، أي 4.02 في المائة، إلى 98.48 دولار للبرميل الجمعة، وسجل العقد ارتفاعا أسبوعيا بأكثر من 3 في المائة. كما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 4.14 دولار، أي 4.7 في المائة، إلى 92.31 دولار للبرميل، وحققت مكاسب أسبوعية قدرها 5 في المائة، ويأتي ارتفاع العقدين في ظل تراجع الدولار ويعزز ضعف الدولار الطلب على النفط، لأنه يصبح أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى. وبينما تؤثر مخاوف الطلب في السوق، فمن المتوقع أيضا أن تتراجع الإمدادات مع بدء الحظر الأوروبي المرتقب على النفط الروسي وتراجع مخزونات الخام الأمريكية. من جانب آخر، ارتفع إجمالي عدد أجهزة الحفر النشطة في الولايات المتحدة بمقدار اثنين هذا الأسبوع، حيث ارتفع إجمالي عدد الحفارات إلى 770 هذا الأسبوع، 220 منصة أعلى من عدد الحفارات هذه المرة في 2021 و305 منصات أقل من عدد الحفارات في بداية 2019 قبل انتشار الوباء. وقال تقرير شركة بيكر هيوز الأمريكية لأنشطة الحفر "إن الحفارات النفطية ارتفعت في الولايات المتحدة بمقدار ثلاثة حفارات هذا الأسبوع إلى 613 وانخفضت منصات الغاز من 1 إلى 155، وبقيت الحفارات المتنوعة على حالها عند اثنين". وأشار إلى بقاء عدد الحفارات في حوض بيرميان ثابتا مرة أخرى هذا الأسبوع عند 346، كما ظلت الحفارات في "إيجل فورد" دون تغيير عند 70. ولفت التقرير إلى انخفاض إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة في الأسبوع المنتهي في 28 أكتوبر، إلى 11.9 مليون برميل يوميا - ذلك وفقا لآخر تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأسبوعية - كما ارتفعت مستويات الإنتاج في الولايات المتحدة 200 ألف برميل يوميا فقط حتى الآن هذا العام و400 ألف برميل يوميا فقط مقارنة بالعام الماضي.
مشاركة :