«مكعبات ملونة» تزين حياة الأطفال ذوي الإعاقة بالأمل

  • 1/15/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لا إعاقة مع إرادة، توحد حلم طفل، تكلل بمتابعة أهل، وتشجيع مجتمع يدفعه بشتى أنواع إعاقته، نحو حفر اسمه بحروف من نور على سلم التميز، خاصة عندما يكون هناك لبنة في بناء المجتمع اسمها مركز التدخل المبكر، كتلك التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، تسهل تقديم هذه التسهيلات وتحف هذه الجهود بإشراف منقطع النظير، من أجل التخصص في قضايا الطفل من ذوي الإعاقة، والأخذ على أيديهم، بُغية معالجة إعاقتهم بإشراف ومتابعة لا يتوانى أصحابها على تقديمها للحظة واحدة لدمج المعاق مجتمعياً مع كل طفل في نفس مرحلته العمرية، من دون أن يشعر بأدنى نقص، حيث أقام المركز مؤتمراً للتدخل المبكر على اسمه، وتحت شعار مكعبات ملونة، على مدار يومين لتمهد له في مرحلة ما قبل الافتتاح ورش عمل اكتظت بالأفكار الداعمة والمُحفزة على أيدي متخصصين أكفاء، لم يترددوا في الاغتراف من بحر خبراتهم الزاخر، وإعطائها للحضور، سواء كانوا أولياء أمور أو معلمين أو اختصاصيين، لتأهيل الطفل المعاق وتحفيز مهاراته وتطويرها في مراحله النمائية الأولى، تصديقاً منهم لمقولة التعليم في الصغر كالنقش على الحجر. حضرت الخليج أيام المؤتمر، ورصدت أهم أفكار ورق العمل التي تداولها المحاضرون، الذين قدموا من مختلف الدول، لمشاركة نتائج دراستهم والمُناداة بتوصيات من أجلها أن تتوحد؛ لتصدر صوتاً أقوى وأعمق في تأثيره، يسمعه أصحاب القرار، علهم يستجيبون له، كما رصدت أبرز الحقائب والبرامج التدريبية التي طُورِّت في مجالات متباينة تخدم الأطفال ذوي الإعاقة في مرحلة طفولتهم المبكرة، علاوةً على تسليطها الضوء على قصص نجاح يُشار إليها بالبَنان لأولياء أمور، لم توقف صدمة الإعاقة شموخ إرادتهم البالغ عَنان السماء. بدأت فعاليات وأنشطة المؤتمر بورش عمل تمحورت في جل أهدافها إلى ترسيخ مهارات الروتين اليومي في التربية الخاصة في مرحلة الطفولة المبكرة، إضافة إلى التعريف بمعضلة التأخر اللغوي لدى الأطفال من ذوي الإعاقة الذهنية، واضطراب التوحد، ومن غير ذوي الإعاقة، التي قدم في عرضها د. عماد عبد المقصود محجوب (من جمهورية مصر العربية)، منحى السلوك اللفظي عبر شرحه نظريتين: السلوكية لسكينر، والسلوك التطبيقي للوفاس، حيث قال: أسباب التأخر اللفظي أو اللغوي يعود إلى عدة أسباب أولها الحرمان البيئي، أو عدم التسلسل في مراحل نطق الطفل، التي تتقاطع فيها المراحل الأربع، وتشتمل: المناغاة، والصورة الذهنية، والفهم، والتعبير، إذ ينتقل بعض أولياء الأمور إلى مرحلة التعبير، متغافلاً أهمية المناغاة، وتكوين الصور الذهنية، مؤكداً أهمية المناغاة في نطق الطفل للغة واكتسابه للمفردات، التي من شأن الأجهزة الحديثة أن تؤدي إلى القصور في إجادتها. وأشار محجوب إلى طرق تشكيل الصور الذهنية، التي يكون لها مفعول سحري على الطفل، عبر تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية، ولفظها مع النطق الصحيح للكلمة، ووصف الأفعال التي يقوم بها الطفل أو ينجزها أولياء الأمر من أجل تكوين صور ذهنية، والتكلم عن صور كتاب أو فيلم كرتوني معين، لخلق جو من التلقائية، منوهاً بأهمية البدء بكلمات مفردة في الأعمار الأولية للطفل، وإطالة الجمل تدريجياً بإدخال المفردة في سياقية الأفعال والتصرفات الحياتية عند بلوغ الطفل عمراً أكبر. حقيبة تدريبية عرضت د. شادن خليل عليوات (من السعودية)، حقيبة تدريبية أعدتها لتهيئة الطفل الكفيف للكتابة بطريقة برايل، قبل دخول الطفل ذي الإعاقة البصرية المدرسة في الصف الأول الابتدائي، حيث قالت: من المتعارف عليه أن ما يُقارب 80% من المعلومات التي يحصل عليها الإنسان تكون عن طريق حاسة البصر، وعند غياب هذه الحاسة يترتب إيجاد بدائل من شأنها أن تُكسب الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة المفاهيم والمهارات الحياتية، التي تساعده مُستقبلاً في شتى مجالاته الحياتية. وأشارت إلى أن طريقة برايل هي الطريقة المعتمدة عالمياً لتعلم القراءة والكتابة للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، وتحديداً المكفوفين، وتقوم في أساسها على نظام خلية برايل، التي تُستخدم في كل دول العالم، وفي تعليم جميع المواد العلمية، وتشابه حجر النرد في تكونها من ست نقاط، وكل حرف يأخذ خلية كاملة، وهي تحتاج إلى مهارة عالية لإجادتها، حيث يترتب إتقانها معرفة مهارات مبدئية ورئيسية لتعلم هذه اللغة، ومنها: فتح وإغلاق الكتاب، وتقليب صفحاته ، وتمييز خلايا برايل الموجودة تحت اليدين عند الانتقال ما بين السطور، واستخدام كلتا اليدين مع بعضهما، والتمييز اللمسي للأشكال المختلفة، مع المراعاة التامة لعدم حدوث هذه القضايا الثلاث وبشكل قاطع، وهي الضغط بقوة على خلايا برايل، وعدم استخدام كلتا اليدين، ووضع الأصابع بزاوية خاطئة. نظام قياس كشف د. أحمد التميمي (من السعودية)، في ورقة عمله، التي عالجت نظام القياس والتقييم والبرمجة للأطفال دون عمر السادسة، فيما يُعرف ب AEPS، أن النظام يمثل نهجاً متكاملاً وشاملاً يترابط فيه كل من تقييم الأداء الحالي للطفل، واختيار الأهداف الملائمة، وتصميم البرنامج، وتخطيط التدخل، ومتابعة تقدم الطفل، حيث يتمتع النظام بدقة ومصداقية كبيرة أثبتتها البحوث العلمية، وتم استخدامه في الولايات المتحدة الأمريكية، ليتبع ذلك ترجمته إلى لغات عدة، حتى صدرت مُؤخراً ترجمته ولأول مرة في العربية عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، إذ تقوم المدينة بتوفير المنهاج المناسب مع التدريب العملي اللازم للمؤسسات والأفراد، عبر اعتماده على مبادئ حديثة وجوهرية، تتصل في لبها الأول بتخطيط التداخلات عبر الروتين اليومي في البيئة الطبيعية. أداة مسحية من المدينة نفسها كذلك أوضح مدير مركز التدخل المبكر التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية محمد فوزي أن برنامج المسح على الأطفال الرضع تمت بلورة إحداثياته في المدينة، حيث تم الاعتماد فيه على أداة مسحية مُقننة في البيئة الأمريكية، وُصفت فيها عينة الدراسة من الأطفال من أعمار شهر وحتى 66 شهراً، على شكل مجموعة من الاستبيانات، عُبئت حسب الفئة العمرية، وتم قياس مدى التطور في نموهم بناءً على خمسة مجالات مختلفة، منها: التواصل، والمهارات الحركية الكبيرة والدقيقة، والمهارات الشخصية الاجتماعية، وحل المشكلات. وخلصت الدراسة، بِحسب فوزي، التي بُنِيَ عليها البرنامج ككل، إلى الأهمية البالغة لتطبيق مثل هذا الاختبار على نطاق أوسع، نظراً لعدم مقدرة الأهل على تتبع نمو أطفالهم بشكله السليم والكامل، وهذا ما جعل توصيات البرنامج تصب في إجراء مزيد من البحوث حول فاعلية استخدام الأدوات المُخصصة للمسوحات المتعلقة بالكشف المبكر، وتمكين هذه الأدوات لجعلها ملائمة بشكل كامل للبيئة المحليّة العربية للفئة العمرية التي يطبق البرنامج عليها ويعاني أصحابها صعوبات في قدراتهم النمائية، فضلاً عن متابعة الأطفال الذين تم تطبيق البرنامج عليهم، وتحديد نسب الأطفال الذين تخطوا بوادر هذا التأخر مستقبلاً، وتوسيع قاعدة المسح بشكل منتظم للأطفال الرضع، وزيادة الوعي المجتمعي بمدى أهمية إجراء مثل هذه المسوحات على النسيج العائلي والمجتمعي، ومقدار انعكاسها على مستقبل الأطفال، وعمل تدريب لمُقدمي الرعاية الأوليّة لتمكينهم من استخدام مقاييس المسح النمائية. فهم القضايا معضلة القرن الحادي والعشرين، تحدث عنها د. أحمد محمد جلال الفواعير (من سلطنة عمان)، الذي تطرق في محاضرته إلى مدى امتلاك العاملين في برامج التدخل المبكر في الحيز المكاني المتمثل في عُمان لمهارات ومعارف القرن، للتغلب على التحديات التي تواجه قطاع التدخل المبكر، مشيراً إلى أنه يتحتم على أولياء الأمور، إلى جانب العاملين، تعلّم هذه المهارات لترسيخها في أولادهم، مُركزاً على أهمية المشاركة الوالدية في التغلب على أنواع الإعاقة كافة، وإيصال من يعانيها إلى بر الأمان، وذكر من هذه المهارات العامة: الاطلاع على العالم من خلال فهم القضايا العالمية، ومواكبة كل ما هو جديد في هذا الجانب، عبرَ تكوين ثقافة بيئية وصحية واقتصادية وتجارية والتعمق في مجال ريادة الأعمال، فضلاً عن ثقافة المواطنة، ومهارات التعلم والابتكار، المُقسمة إلى التفكير الناقد وحل المشكلات، ومهارات التواصل والتعاون، ومهارة تكنولوجيا المعلومات والإعلام، والمهارات الوظيفية الحياتية، التي ينضوي تحتها عدد من المهارات الثانوية، بما فيها: المرونة والتكيف، والمبادرة وتوجيه الذات، والقيادة، والمسؤولية، والإنتاجية، والمُساءلة، والمهارات الاجتماعية والثقافية. واعتبر الفواعير أن التدخل المبكر لا يقتصر على عمر الست السنوات أو أقل، بل يلزم اللجوء إليه متى ما تم اكتشاف طبيعة الإعاقة في سلوك الطفل وتصرفاته، كونه يمثل خط الدفاع الأول في مواجهة التحديات الاجتماعية أو الاقتصادية أو حتى الأكاديمية، مؤكداً أن مرحلة ما قبل المدرسة، المتمثلة في السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل، حرجة بطبيعتها، حيث تعتبر أهم مرحلة عمرية تمر في حياة الإنسان، لذا يلزمها أن تشهد اهتماماً منقطع النظير، علاوةً على أن العمل مع الأطفال ذوي الإعاقة، والأطفال العاديين بشكل عام يتطلب كادراً مؤهلاً يمتلك عدداً من المهارات التأهيلية بهدف تطويرهم وتحسينهم. قصص نجاح شاركت د. أمل حمزة، طبيبة أسنان، قصة نجاحها في التغلب على مرض طفلتها آية متلازمة داون، منذ لحظة ولادتها الأولى لها، إذ تعاملت معها بشكل سوي وكأنها طفلة سليمة، ودعت الحياة تسير بكل صعوباتها وعثراتها، ثم ألحقتها في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية - مركز التدخل المبكر، في عمر ال 6 أشهر، وإلى حين بلوغها هذا العمر دأبت حمزة على توفير الأساتذة الخصوصيين لها في المنزل، الذين عملوا على تنمية مهاراتها والإشراف على أدق تصرفاتها، وبخاصة في مجال النطق واللغة، الذي يُعتبر عصب الحياة بالنسبة لهؤلاء الأطفال، واسترسلت: الإرادة وقوة الإيمان برب العالمين، من أهم المفاتيح التي يجب امتلاكها لتقبل فكرة أن تُرزق بطفل يعاني متلازمة داون، فهي أولاً وأخيراً نعمة من الله، تجلب معها كل خير، إضافة إلى ضرورة الإرشاد الأسري والتدريب المنزلي البالغة من قِبل كل فرد من أفراد العائلة، بحيث يتوزع المهام على الجميع، ويكمل كل منهم الآخر، عوضاً عن تفهم المحيط الخارجي وتوفيره الدعم الكافي من أجل التعامل بكل أريحية وصدر رحب. وأشارت حمزة إلى أهمية وجود ثقافة التدخل المبكر، في العائلة التي ترزق بطفل معاق، حيث إنها سمعت بالكثير من الحالات التي تعزل أولادها داخل نطاق المنزل، بمجرد علمها بإعاقته، خوفاً عليه من التعامل في المجتمع الخارجي، لافتةً إلى أنها دائماً ما تسعى إلى إبصار الأمهات اللواتي رزقن بأطفال يعانون متلازمة داون، بإرشادهم إلى التعامل الصحيح مع المرض، ولا تبخل عليهن أيضاً بنقل تجربتها لهن للتعلم منها، والاستفادة من الدروس التي وقعت فيها، مُعتبرةً أن ما تقوم به رسالة يلزمها أن تؤديها مجتمعياً.

مشاركة :