مريم يوسف العوضي أول أكاديمية إعلامية في دولة الإمارات، التحقت بميدان العمل الصحفي في عام 1979 لغاية 1998، ثم انتقلت إلى تلفزيون الشارقة في عام 2001، حتى 2008، لتشارك في إعداد البرامج التلفزيونية البارزة والمختلفة. وتُؤمن العوضي بأن النجاح لم يأتِ من فراغ ويتطلب تضحيات عدة حتى الوصول إلى القمة، كما ترى أن الريادة لا تأتي إلا بالجهد والاجتهاد والمثابرة وأخذ العبر بمسيرة مهنية طويلة تحفل بالكثير من العطاء والمنجزات، لعشق المهنة وخدمة الوطن. خلال هذا الحوار، نتعرف أكثر الى العوضي التي كرمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أخيراً كأول صحفية إماراتية. وهي حاصلة على بكالوريوس صحافة ونشر من جامعة القاهرة عام 1979. } من أين يبدأ الحديث عن رحلتك؟ بدأت رحلتي بطفولة طموحة، رسمت أحلامي من درب الريادة والتميز والإصرار على بناء الوطن منذ الصغر، ولدت بالشارقة ونشأت فيها وكان مهدي شارقة العطاء المتفردة في كل شيء، ومن ملامح الشارقة وأنفاسها، انطلقت رحلتي، كطالبة للعمل حيث تعلمت حروفي الأولى بين جدران مدارسها، وأنا في السابعة من عمري ختمت القرآن الكريم على يد المطوعة لطيفة، رحمها الله. ودرست المرحلة الابتدائية والإعدادية بمدرسة أسماء الابتدائية بالشارقة، وأكملت المرحلة الثانوية بمدرسة الزهراء الثانوية بالشارقة، وبعد تخرجي من هذه المرحلة الدراسية قررت دراسة الإعلام وخاصة الصحافة، والتحقت في بعثة دراسية لجمهورية مصر العربية، ضمن مجموعة من طالبات الإمارات المبتعثات إلى القاهرة في السبعينات، حيث التحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة قسم صحافة ونشر، وذلك ما بين عام1974- 1979 م، وتخرجت فيها بدرجة بكالوريوس صحافة ونشر عام 1979، وبعد ذلك عدت إلى الوطن وكانت سنوات الدراسة مفعمة بلهيب الأشواق للوطن والعودة إلى الأهل والأحباب، وكانت الذكريات دروساً وعبراً وآمالاً و آلاماً كثيرة، والحمد الله تحقق الحلم وتحول إلى حقيقة، إذ تخرجت وعدت إلى وطني الإمارات للمساهمة في دفع عجلة تقدمه، وكانت بلادي آنذاك حديثة العهد بالاتحاد، وكنت أنا أول خريجة صحفية أكاديمية إماراتية وأول رائدة في مجال الصحافة الإماراتية. } كيف كانت بدايتك في مجال الإعلام؟ بدأت تجربتي العملية في المجال الإعلامي منذ بداية تخرجي عام 1979، حيث التحقت بالعمل في مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر، وعملت بها من 1979 حتى عام 1998 كمحررة أولى، وفي تلك الفترة كانت هذه الميادين الإعلامية والصحفية من الصعب ارتيادها من النساء بشكل عام ومن المواطنات بشكل خاص، إذ إن العمل الإعلامي في حد ذاته لم يكن مألوفاً في المجتمع، فكيف أتحدث عن قبول العمل الإعلامي للمواطنة، فالأمر كان أشد صعوبة وأكبر معاناة في تلك الحقبة الزمنية. وكانت البداية في صحيفة الاتحاد، بخبر صغير يحمل مدلولات كبيرة، مفاده نزول الغيث في أرجاء متفرقة من البلاد، وكان بالفعل أول الغيث قطرة وبشارات بالخبر لاحت في الأفق ليستمر مشوار العطاء من خبر إلى خبر ومن تحقيق إلى آخر ولقاءات صحفية وأعمدة، كلها تنطق بهموم وقضايا المجتمع، وتناولت في كتاباتي العديد من القضايا الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية، حيث كنت أنقب فيها عن مشكلات المرأة ومعاناتها ومشكلات الأطفال ومتاعبهم ولله الحمد، واصلت المسير في هذا العمل الإعلامي، بالرغم من وجود الكثير من الصعوبات والمعوقات التي تواجه أي امرأة في بدايات عملها، ولو سألنا الرائدات في العمل في الإمارات لسمعنا الكثير من المعاناة والتضحيات والصبر في رحلة الريادة هذه، خاصة أن العمل في الصحافة عمل شاق، لأنك تجوب الآفاق سعياً وراء الحقيقة وبحثاً عن المعلومة، ومسؤولية الكلمة أمانة في الأعناق وتتطلب من الإعلامي الأمانة والإخلاص والكلمة النزيهة وما أصعب البدايات كذلك الانتقال من مرحلة الدراسة النظرية بالجامعة إلى العمل التطبيقي الميداني مباشرة، من دون أدنى تدريب أو توجيه، كما يحدث اليوم مع الجيل الجديد الذي يولد وفي فمه ملعقة من الذهب، فالكل يدربه ويحيطه بالرعاية والاهتمام، فضلاً عن وسائل الإعلام والتكنولوجيا المتقدمة التي أصبحت تنير عقول أولادنا وبناتنا منذ نعومة أظفارهم وتدربهم على الكتابة والحوار، وإبداء الرأي رغم عدم تخصصهم الإعلامي، أما جيلنا فكان يعتمد على قدراته الخاصة وبذل المجهود بهدف الوصول إلى ترسيخ قناعات عند المحررين الكبار والصغار ورؤساء التحرير، وحتى المجتمع ليتفهموا طبيعة العمل الصحفي للمرأة. وبعد هذه الرحلة الطويلة في العمل الصحفي في جريدة الاتحاد، انتقلت إلى ميدان آخر من ميادين العمل الإعلامي، ألا وهو الإعلام المرئي، حيث التحقت للعمل في تلفزيون الشارقة عام 2001 وحتى 2008، وتدرجت من قسم أخبار الدار إلى البرامج، حيث شاركت في إعداد وتنسيق العديد من البرامج التلفزيونية التي كانت تبث عبر شاشة قناة الشارقة، وأهمها، يتصل برائدات الوطن وإنجازاتهن ورحلتهن في مجال العمل، حتى وصلن إلى الريادة. } كيف تصفين شعورك وأنت تُكرمين من قِبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله؟ شعور لا أستطيع وصفه، تغمره مشاعر الفخر والاعتزاز بهذا التكريم، فهو وسام على صدري ما حييت، وفخر لي ولوطني ولعائلتي وأسرتي وزوجي وأبنائي، الذين ساندوني ووقفوا معي في رحلتي الإعلامية والمسيرة المهنية. } كيف ترين واقع الصحافة في دولة الإمارات اليوم، كونك بدأت العمل في بداياتها؟ - تشرفت بالعمل الإعلامي في صحافة بلادي، وهذا فخر واعتزاز لي، لأن الصحافة المقروءة لها ارتباط مباشر بهموم المواطن، كما تزامنت ممارستي لهذه المهنة مع بداية السبعينات حيث كنت أول امرأة تعمل بصحيفة الاتحاد بين إخوتي من الرجال في نفس عام تخرجي، ولهم مني التحية والاحترام، حيث تعلمت منهم الكثير من أبجديات الإعلام وحروفي الأولى في دهاليز الصحافة، ولهذا استطعت أن أسهم في مجريات النهضة بصورة مباشرة، كما كتبت العديد من المقالات والتحقيقات الصحفية، التي ناقشت قضايا المرأة والمجتمع من خلالها في وقت مبكر من تأسيس الدولة، مما أسهم في الارتقاء بوعي المرأة وأفراد المجتمع بصورة عامة. ولقد شكلت الصحافة بالدولة مرآة صادقة ورسمت صورة نموذجية لظاهرة التقدم والعمران المدني والاجتماعي، مما ساعد على عكس الوجه المشرق للإمارات في كافة المحافل. } بين مجال الإعلام المرئي بعملك في تلفزيون الشارقة، والإعلام الورقي بعملك في صحيفة الاتحاد، أين وجدت نفسك أكثر، ولماذا؟ وجدت نفسي أكثر في صحيفة الاتحاد، لأن الجريدة عملت فيها منذ بداية حياتي، وأعتبرها بيتي وموطني، التي خطوت فيها خطواتي الأولى، إذ لعب الإعلام الإماراتي دوراً فعالاً في صياغة مفاهيم التطور والازدهار، خاصة، أن القيادات على مستوى الدولة أدركت أهمية تواجد إعلام حر ونزيه منفتح على العالم يوثق لمراحل البناء والتعمير والصحافة، وبدأت بدايات قوية استطاعت أن تواكب النهضة وتكون مرآة عاكسة لكل ما يحدث في الوطن من تطور وازدهار. } أهم المبادئ التي تؤمنين بها وكانت وراء إبداعك وتكريمك؟ المبادئ الإسلامية السمحة، ومنها: الصدق، والإخلاص في العمل والتفاني فيه، واحترام الذات والآخرين، والشفافية في التعامل مع الصغير والكبير. وتعلمت خلال مسيرتي الصحفية الطويلة التعامل مع مختلف شرائح المجتمع، فالدين هو المعاملة، كما تعلمت حب العطاء وسياسة الإقناع، واكتسبت من خلال المهنة صداقات واسعة ودائرة معارف من الصديقات والزميلات والزملاء في الكثير من مؤسسات الدولة، مما يجعلني أفخر بهذا الرصيد الإنساني الكبير الذي مازلت أحتفظ به حتى اليوم. } إلى أين يسير مستقبل الصحافة المكتوبة برأيك، خاصة وأن البعض يتنبأ بانقراضها؟ لابد أن نعترف بأن الصحافة تراجعت عن أدوارها المعهودة بحكم أن هناك وسائل التكنولوجيا الحديثة التي جعلت من كل مواطن صحفي، ولكن تبقى الصحافة المكتوبة والمقروءة لها التزاماتها وضوابطها الأخلاقية والثقة في مصادرها. } هل يلقي هذا التكريم الذي حظيت به مسؤولية عليك؟ بالطبع يلقي مسؤولية كبيرة علي في توجيه أولادي للعمل بإخلاص وتفان في خدمة الوطن وعدم التهاون أو الكسل، لأن من ينشد المعالي لابد من ركوب الصعب، حتى يتبوؤ المكانة المرموقة في المجتمع. وأتمنى أن يوفقني الله في إضافة شيء جديد ومتميز لخدمة وطني، وأن تكون الإمارات مقصد العلم والمتعلمين والمبدعين في الميادين كافة.
مشاركة :