الأرملة الطروب

  • 1/15/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أشعل مزارع النار في شقيقته وطفلتيها بمساعدة شقيق زوجها المتوفى انتقاماً منها لإصرارها على الزواج من سائق ورفضها الزواج من شقيق زوجها المتوفى، ألقي القبض على المتهمين واعترفا بارتكاب الجريمة دفاعاً عن شرفهما وكرامتهما التي ضيعتها المجني عليها، بحسب قولهما، وأكدا أنهما غير نادمين على قتلها وكانا يتمنيان قتل عشيقها أيضاً. نشأت حسناء وسط أسرة كثيرة العدد، والدها مزارع بسيط يحصل على قوته وقوت أسرته يوماً بيوم من خلال العمل في حقول أثرياء القرية، وكانت حسناء مثل باقي إخوتها ما كادت تشب عن الطوق، حتى دفع بها والدها للعمل كأجيرة في الحقول لتساعده على تكاليف الحياة، وعندما بلغت عامها السابع عشر كانت أنوثتها قد اكتملت وأعلنت عن نفسها، شعرت حسناء بنظرات الإعجاب من جارهم فوزي لكنها لم تكن تجرؤ على مبادلته نظراته، ومع ذلك وصلت إليها رسالته وأنه يكن لها شعوراً جميلاً. كانت تتمنى أن تتاح لها الفرصة للتحدث إليه ولو مرة واحدة، أو حتى تسمع الكلمات التي تتمنى أن تسمعها أي فتاة مثلها، لكن ظروف التربية والتحفظ الشديد منعاها من تحقيق أمانيها. فجأة اكتشفت حسناء أن فوزي تنتظره سيارة لتقله إلى المطار ليغادر البلاد للسفر للعمل بإحدى الدول العربية، وقتها تأكدت أن مشاعرها أصبحت سراباً وأن نظرات الإعجاب كانت زائفة ومرت عليها الشهور وهي تحاول أن تتناسى ما عاشته حتى فوجئت بوالدتها تخبرها بأن عريساً ثرياً من القرية المجاورة تقدم للزواج منها وأن والدها وجده مناسباً ووافق عليه. لم يكن اختيار العريس يتعلق بها، وكان لوالدها الرأي الأول والأخير، ولم يكن لدى حسناء القدرة على الموافقة أو الرفض فاستسلمت لمصيرها. عُقد الزواج من دون سابق معرفة جيدة بين العروسين ومن دون أن تشعر حسناء بأي عاطفة تجاه زوجها وظلت علاقتها معه فاترة، فكان حريصاً إلى درجة البخل، وكما هو حريص في إنفاقه كان حريصاً في مشاعره معها، وسرعان ما كرهته وكرهت حياتها كلها وعاشت معه لا تعرف طعماً ولا معنى للسعادة حتى فقدت رغبتها في الحياة كلها، إلى أن شعرت بأعراض الحمل، وبالفعل أنجبت طفلتها الأولى بعد عام واحد من الزواج، وبعدها بعامين أنجبت طفلتها الثانية، ويبدو أن زوجها كان ينتظر طفلته الثانية حتى يعلن عن عجزه وبدأ يتعرض لحالات إغماء وحاول الاستعانة بالأدوية والمنشطات لكن دون جدوى، خصوصاً أن الطبيب حذره منها لسوء الحالة المرضية لقلبه. لحسن حظها أو سوئه، فوجئت حسناء بجارها القديم فوزي عائداً من الخارج في التوقيت نفسه تقريباً، وكان حقق ثروة معقولة وسرعان ما توطدت علاقتهما خصوصاً أنه لم يكن تزوج بعد، وعندما سألته عن السبب وراء ذلك حتى الآن، صارحها بأنها الفتاة الوحيدة التي تمنى أن يتزوجها وسافر من أجلها، لكن عندما عاد واكتشف أنها تزوجت كتم مشاعره بداخله. مع هذه الكلمات التي تذيب الحجر انهار آخر حصونها وتدرجت العلاقة بينهما سريعاً حتى وصلت إلى الفراش، وأصبح رجلها الذي لا تقدر على فراقه. صباح أحد الأيام سمع الجيران حسناء وهي تصرخ وتولول، وأخبرتهم أنها حاولت إيقاظ زوجها، لكنها اكتشفت وفاته وتطوع الجميع بإنهاء الإجراءات واستخراج تصريح بدفن الجثة، عقب انتهاء مدة الحداد عقد والد زوجها الراحل اجتماعاً بحضور باقي أولاده وشقيق حسناء الوحيد، فكان والدها توفى وأعلن العجوز أنها شابة وليس من المعقول أن تظل بلا زواج ومن أجل رعاية الطفلتين، وحتى لا يربيهما شخص غريب فهو يعرض عليها الزواج من الشقيق الأصغر لزوجها الراحل. رفعت حسناء صوتها وهي تبكي وتنوح وتعتب على الأيام التي وضعتها في هذا الموقف، وأخذت تقسم بأنها لن تتزوج بعد المرحوم وستنذر حياتها لطفلتيها وللوفاء لذكراه فكل رجال الأرض لن يعوضوها عنه وأن أبسط ما تقدمه له أن تعيش على ذكراه وألا ترتدي إلا الملابس السوداء فقط كعلامة على حزنها الدائم على فراقه وأنها في غنى عن الرجال جميعاً، ولا ولن تفكر في أي رجل بعد زوجها أبداً ولهم أن يفعلوا بها ما يشاؤون إذا فكرت في أي رجل. عرض عليها حماها أن تنتقل للإقامة معه في منزله أو في منزل أسرتها كما تقضي التقاليد، لكنها رفضت وأصرت على الإقامة بمنزلها بمفردها تخليداً لذكرى زوجها وحتى لا يغلق منزله. لم تضيع حسناء الوقت، وربما تكون قبل الاجتماع واصلت لقاء حبيبها بالمنزل بعد أن خلا لها الجو تماماً، وبالطبع كانت هناك عيون تحصي خطواتها وتعد عليها أنفاسها، فلم تنجُ من الألسنة التي لاكت سمعتها وانتشرت الفضيحة بين جميع سكان المنطقة، حتى فوجئ شقيقها باتصال تليفوني من شقيق زوجها الأصغر، الذي رفضت الزواج منه، والتقيا معاً وأخبره بما يدور من أحاديث بشأن حسناء، وأن هذه الأقاويل وصلت إلى والديه واقتنعا بأنها كانت تخون زوجها الراحل، وأن الطفلتين ليسا من صلبه وإنما نتيجة علاقتها الآثمة مع عشيقها. سارعا بالذهاب إليها وأخبراها بما يدور من أحاديث حولها، وأن الحل الوحيد لقطع الألسنة هو زواجها من شقيق زوجها لكنها لم تنصت للنصيحة وللمرة الثانية ترفض الزواج من شقيق زوجها الراحل، ونهرتهما وطلبت منهما في لهجة حادة عدم التدخل في شؤونها الخاصة مرة أخرى وأنها حرة تفعل ما تريد وليس لأحد سلطان عليها وستتزوج من السائق الذي يتهمونها بممارسة الرذيلة معه، استفزت بكلماتها شقيقها الذي حاول أن يضربها فصدت الضربة بضربات متتالية، نظر إلى شقيق زوجها الراحل وكانت النظرات كافية لكي يصدرا عليها الحكم بالإعدام لوضع حد لتلك الفضائح، فهوى على مؤخرة رأسها بضربة قوية فاختل توازنها وقبل أن تسقط على الأرض أطبقت أيدي شقيق زوجها على عنقها وضغط عليه بكل قوته حتى توقفت الحياة تماماً في عروقها، سكبا كمية من الكيروسين في جميع أنحاء المنزل وأشعلا النار وأغلقا الباب خلفهما. تجمع الأهالي إثر اندلاع الحريق وبادروا باقتحام المنزل فعثروا على جارتهم جثة هامدة وإلى جوارها جثتا طفلتيها ملك (عامين) وياسمين (3 أعوام)، تلقت الشرطة بلاغاً بالحادث وانتقل رجال المباحث على الفور وبمعاينة الجثث تبين أنها متفحمة تماماً، وشُكّل فريق بحث لكشف غموض الجريمة ودلت التحريات أن المجني عليها أرملة، توفى زوجها في الآونة الأخيرة، وانتشرت الشائعات عن سوء سلوكها، وأشارت التحريات إلى أن الجريمة وقعت دفاعاً عن الشرف. لم يجد رجال الشرطة عناءً كبيراً في تحديد شخصية المتهمين والقبض عليهما، فعلى الرغم من أن كل مجرم يبذل كل جهده للإفلات من جريمته إلا أن هذين المتهمين كانا ينتظران قدوم رجال الشرطة على أحر من الجمر، وكادا يخرجان بمكبرات صوت يعلنان من خلالها للجميع أنهما مرتكبا الجريمة. ألقي القبض عليهما وأمام النيابة وقف كلاهما يشرح أدق التفاصيل عن دوره في ارتكاب الواقعة وكأنه يتفاخر ببطولة خارقة حققها عن جدارة وأكدا أنهما كانا ينويان قتل عشيقها أيضاً لولا القبض عليهما. بعد انتهاء التحقيقات أعاد المتهمان تمثيل كيفية ارتكابهما الجريمة فأمرت النيابة بحبسهما على ذمة التحقيق بتهمة قتل المجني عليها وطفلتيها عمداً مع سبق الإصرار والحريق العمد، وأحالتهما إلى محكمة الجنايات التي أصدرت حكمها بمعاقبتهما بالإعدام.

مشاركة :