قادة العالم يواجهون تحديات مصيرية في قمة المناخ بشرم الشيخ

  • 11/8/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شرم الشيخ - تحدث عدد من قادة العالم عن التحديات المناخية والبيئية المصيرية في مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب27" في مصر، فيما يتعرضون لضغوط كبيرة لتعزيز تعهداتهم المناخية إزاء الاحترار الآخذ بالارتفاع، ولتوفير دعم مالي للدول الفقيرة أكثر المتضررين من التغير المناخي. وسيقوم نحو 110 من قادة الدول والحكومات بمداخلات الاثنين والثلاثاء أمام المندوبين المجتمعين في شرم الشيخ في إطار كوب27. وتأتي هذه المداخلات على خلفية أزمات متعددة مترابطة تهز العالم، وهي الغزو الروسي لأوكرانيا والتضخم الجامح وخطر وقوع ركود وأزمة الطاقة مع تجدد الدعم لمصادر الطاقة الأحفورية وأزمة الغذاء، في حين سيتجاوز عدد سكان العالم ثمانية مليارات نسمة. وهذه "الأزمة متعددة الجوانب" قد تدفع بأزمة التغير المناخي إلى المرتبة الثانية في سلم الأولويات، رغم أن تداعياتها المدمرة تجلت كثيرا العام 2022 مع فيضانات قاتلة وموجات قيظ وجفاف عاثت فسادا بالمحاصيل. وافتتح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي فعاليات جلسة الشق الرئاسي من المؤتمر، حيث قال في كلمته إن مؤتمر المناخ سيكون قمة لتنفيذ الالتزامات والتعهدات بشأن مواجهة التغيرات المناخية وإلا سيدفع الجميع "ثمنا باهظا"، داعيا في الوقت ذاته إلى وقف الحرب الروسية - الأوكرانية. وقال السيسي "الملايين تتابع مؤتمرنا وتطرح أسئلة صعبة عن تحقيق أهداف مواجهة التغيرات المناخية وتحمل مسؤوليتنا كقادة للعالم مع أخطار قضايا القرن". وأكد أن "تحقيق تلك الأهداف ليس مستحيلا، لكن لو توفرت الإرادة الحقيقية والنية الصادقة وتجاوز الشعارات والكلمات والتنفيذ العادل والسريع، لتعزيز العمل المناخي المشترك، وترجمة ما يصدر من نتائج لاجتماعاتنا إلى واقع ملموس". وحذر من استمرار "معاناة الملايين من البشر من كوارث مناخية تتسارع وتيرتها وتزداد حدتها على نحو غير مسبوق في شتى أنحاء كوكب الأرض". وأضاف قائلا "قمتنا أسميناها قمة التنفيذ للالتزامات المناخية"، محذرا من "ثمن باهظ سيدفع حال التراجع عن تنفيذ تلك الالتزامات". ودعا إلى التجاوب مع أولويات الدول الأفريقية بشأن المناخ، مشددا على أهمية تقديم رسائل تتضمن خطوات واضحة لتنفيذ الالتزامات والتعهدات واقتراح مساهمات. وقال "أوجه نداء بوقف الحرب الروسية - الأوكرانية نظرا لما يعانيه اقتصادنا واقتصاد العالم من تبعات هذه الحرب، ومستعدون مع القادة للتحرك لإيقافها". وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من الاقتراب من نقطة اللاعودة في ما يتعلق بارتفاع درجات حرارة الأرض، قائلا "نتجه نحو الجحيم المناخي". وقال غوتيريش في كلمته في مؤتمر المناخ إنه يجب تسريع الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، وتضافر الجهود بين الدول المتقدمة والاقتصادات الناشئة في هذا الشأن. وأضاف أنه تنبغي تغطية النظام المبكر للإبلاغ من أجل التصدي للأضرار المترتبة على تغير المناخ، مشيرا إلى أن الحرب الروسية، ونزاعات أخرى تسببت في آثار سلبية حول العالم. ولفت غوتيريش إلى أن من غير المقبول وضع قضايا المناخ في آخر الأولويات، مؤكدا أن العمل البشري يجب أن يكون من أجل تحقيق الطموح ووضع الثقة بين الشمال والجنوب، للحد من ارتفاع الحرارة. ودعا مجموعة العشرين إلى العمل على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، مشيرا إلى أنه يجب الانتقال من استخدام الوقود الأحفوري إلى الوقود الأخضر. وقال رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الاثنين إن تغير المناخ يؤثر على الاستقرار والأمن في العالم. ووجه الشيخ محمد بن زايد خلال كلمته "دعوة مفتوحة لإيجاد حلول عملية تسهم في معالجة الخسائر وخلق نمو اقتصادي مستدام لكل البشرية". وأضاف أن "مخاطر تغير المناخ تستهدف الجميع دون استثناء"، مؤكدا أن "مستقبل أولادنا وأحفادنا يعتمد على الخطوات التي نتخذها اليوم (بقمة المناخ)". وذكر رئيس الإمارات أن "تغير المناخ يؤثر على الاستقرار والأمن في العالم"، وتابع "مستمرون في نهج التعاون مع المجتمع الدولي لمواجهة تغير المناخ". وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يريد "ممارسة الضغوط" على "الدول الغنية غير الأوروبية"، ولاسيما الولايات المتحدة، لتدفع "حصتها" في مساعدة الدول الفقيرة على مواجهة التغير المناخي. وأوضح ماكرون خلال لقاء مع شباب من أفريقيا وفرنسا، على هامش مؤتمر المناخ في شرم الشيخ، "يجب أن نحمل الولايات المتحدة والصين لتكونا على الموعد فعلا" في مجال خفض انبعاثات غازات الدفيئة والتضامن المالي. ورأى أن فرنسا وأوروبا على الطريق الصحيح على صعيد خفض الانبعاثات. لكن على الدول النامية الكبرى أن "تتخلى سريعا عن الفحم". وأضاف "تجب ممارسة الضغوط على الدول الغنية غير الأوروبية والقول لها: يجب أن تدفعي حصتك". Thumbnail وقال سايمن ستيل، مسؤول المناخ في الأمم المتحدة، لدى الافتتاح الرسمي لكوب27 الاثنين "كل الأزمات مهمة، لكن ما من أزمة لها تداعيات كبيرة" مثل الاحترار المناخي الذي ستواصل عواقبه المدمرة "التفاقم". واستطرد "إلا أن الدول لا تزال متّهمة بالتقصير في ما ينبغي عليها فعله لمكافحة الاحترار". وينبغي أن تنخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45 في المئة بحلول العام 2030، لتكون هناك فرصة لتحقيق أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ المبرم العام 2015 طموحا، ويقضي بحصر الاحترار عند 1.5 درجة مئوية مقارنة بالحقبة ما قبل الصناعية. ويقول مراقبون إن التعهدات الحالية للدول الموقعة حتى لو احترمت في نهاية المطاف، ستؤدي إلى ارتفاع الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 5 و10 في المئة، ما يضع العالم على مسار تصاعدي قدره 2.4 درجة مئوية في أفضل الحالات بحلول نهاية القرن الحالي، غير أنّ مع السياسات المتّبعة راهنا، يُتوقّع أن يبلغ الاحترار 2.8 درجة مئوية وهو أمر كارثي، على ما تفيد الأمم المتحدة. وفي مؤشر على "التراجع" الذي يخشاه كثيرون، وحدها 29 دولة رفعت إلى كوب 2021 خططا بزيادة تعهداتها بخفض الانبعاثات، رغم أنها أقرت "ميثاقا" يدعوها إلى القيام بذلك. وستكون الإعلانات المحتملة حول خفض إضافي للانبعاثات موضع ترقب كبير في شرم الشيخ. كما يترقّب العالم باهتمام الإعلانات المتعلّقة بالمساعدات إلى الدول الفقيرة، وهي عادة أكثر البلدان عرضة لتداعيات الاحترار المناخي، حتى لو أنّ مسؤوليتها فيها محدودة، إذ إنّ انبعاثاتها من غازات الدفيئة قليلة جدا. وفي بادرة يأمل الكثير من الناشطين ألا تكون رمزية فقط، قرر المندوبون إلى كوب27 الأحد للمرة الأولى إدراج مسألة تمويل الأضرار الناجمة عن الاحترار في جدول الأعمال الرسمي للمؤتمر. وتقدّر هذه الأضرار بالعشرات من المليارات منذ الآن، ويُتوقّع أن تستمر بالارتفاع الكبير. فالفيضانات الأخيرة التي غمرت ثلث باكستان تسبّبت وحدها في أضرار قُدّرت بأكثر من 30 مليارا. وتطالب الدول الضعيفة إزاء هذه التداعيات بآليّة تمويل خاصّة، إلّا أنّ الدول الغنية تتحفّظ على ذلك، إذ تخشى أن تحمل المسؤولية رسميا، وتفيد بأنّ نظام تمويل المناخ معقّد كفاية بحالته الراهنة. وسعى عدد من الناشطين في مجال البيئة إلى شرم الشيخ على أمل أن يشاركوا في الحملة من أجل العدالة البيئية، لكنهم لاقوا صعوبات، فيما تبدي منظّمات حقوقيّة قلقها من توقيفات حصلت للجم الاحتجاجات. ويجرى المؤتمر في غياب طرفَين رئيسين، إذ يغيب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن كوب27، في حين سيمرّ نظيره الأميركي جو بادين المنشغل بانتخابات منتصف الولاية الثلاثاء، على شرم الشيخ سريعا في الحادي عشر من نوفمبر. بيد أنّ التعاون حيوي بين البلدين اللذين يصدران أعلى مستوى من انبعاثات غازات الدفيئة وتشهد علاقاتهما توتّرا شديدا. لكن قد يلتقي شي وبايدن في بالي عاصمة إندونيسيا في الأسبوع التالي، على هامش قمّة مجموعة العشرين. في المقابل، يحضر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الداعم الكبير للإنتاج النفطي، ويأتي أيضا رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك.

مشاركة :