بدأت اليوم (الاثنين) فعاليات الدورة الـ 27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ على مستوى القادة في مدينة شرم الشيخ المصرية على ساحل البحر الأحمر وسط دعوات للمساهمة بفعالية في تمويل خطط التكيف مع التغير المناخي. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي تستضيف بلاده المؤتمر في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية "إننا نجتمع معا اليوم للتباحث بشأن إحدى أكثر القضايا العالمية أهمية وإلحاحا وهي مواجهة تغير المناخ" الذي وصفه بأنه "أخطر قضايا القرن وأشدها تأثيرا" والذي "لن يتراجع أو يتوقف دون تدخل منا". وأضاف السيسي أن ما نطمح إلى تحقيقه من أهداف ليس مستحيلا إذا توافرت الإرادة الحقيقية لتعزيز العمل المناخي المشترك وترجمة ما يصدر عن اجتماعاتنا من نتائج إلى واقع ملموس. وأكد أن "ما يحتاجه عالمنا اليوم لتجاوز أزمة المناخ الراهنة وللوصول إلى ما توافقنا عليه كأهداف في اتفاق باريس يتجاوز مجرد الشعارات والكلمات وما تنتظره منا شعوبنا اليوم هو التنفيذ السريع والفعال والعادل وخطوات حقيقية وملموسة نحو خفض الانبعاثات وبناء القدرة على التكيف مع تبعات تغير المناخ وتوفير التمويل اللازم من هذا المنطلق حرصنا على تسمية هذه القمة (قمة التنفيذ)". وتابع أن "قدرتنا كمجتمع دولي على المضي قدماً بشكل موحد ومتسق نحو تنفيذ التزاماتنا وتعهداتنا وفقا لاتفاق باريس رهن بمقدار الثقة التي نتمكن من بنائها فيما بيننا"، داعيا إلى تهيئة مناخ من الثقة المتبادلة يكون محفزا لمزيد من العمل البناء. كما دعا الدول المتقدمة للقيام بخطوات جادة إضافية للوفاء بالتعهدات التي أخذتها على نفسها في تمويل المناخ ودعم جهود التكيف والتعامل مع قضية الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ في الدول النامية والأقل نموا على نحو يضمن صياغة مسارات عملية لتحقيق الانتقال المتوازن نحو الاقتصاد الأخضر. وناشد القادة الحاضرين توجيه رسائل واضحة للعالم تتضمن خطوات محددة لتنفيذ الالتزامات والتعهدات واقترح عليهم الإعلان عن المزيد من المساهمات المحددة وطنيا ورفع طموح استراتيجياتهم لخفض الانبعاثات. بدوره دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وضع خارطة طريق لتسليم مساعدات التكيف مع تغير المناخ التي تعهدت الدول الغنية بتقديمها خلال مؤتمر المناخ بغلاسكو "كوب 26" والبالغ قيمتها 40 مليار دولار سنويا بحلول عام 2025. وأشار غوتيريش في كلمته خلال قمة كوب 27 إلى أن احتياجات التكيف مع التغيرات المناخية سترتفع إلى أكثر من 300 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030. وقال "إننا في حاجة ماسة إلى تحقيق تقدم في عمليات التكيف مع تغيرات المناخ ونصف التمويل المناخي على المستوى الدولي يجب أن يخصص لخطط التكيف"، لافتا إلى أن حوالي ثلاثة مليارات ونصف مليار شخص يعيشون في بلدان شديدة التأثر بالتغير المناخي. ودعا غوتيريش مؤسسات التمويل والبنوك الدولية متعددة الأطراف إلى تعديل خططها للمساهمة بفعالية في تمويل خطط التكيف مع تغيرات المناخ ودعم التمويل الخاص للاستثمار بكثافة في إجراءات مواجهة التغير المناخي الذي وصفه بـ" التحدي الأكبر لكوكبنا في القرن الحالي". وحذر من أن التأثيرات المدمرة للتغير المناخي لا تزال قائمة قبل أن يضيف "أننا سنخسر حال استمرار ارتفاع انبعاثات الغازات ودرجات الحرارة وكوكبنا سيقترب حينها من نقطة اللاعودة". وواصل أنه يجب على دول مجموعة العشرين تسريع عمليات تقليص انبعاثات الغازات بشكل جذري خلال العقد الحالي. كما دعا إلى توفير مساعدات مالية للشعوب التي تعاني من ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة والخسائر الناجمة عن أزمات المناخ، مؤكدا ضرورة إقرار خارطة طريق محددة لمواجهة تلك التحديات وإقرار ترتيبات مؤسسية فعالة للتمويل خلال مؤتمر المناخ الحالي بشرم الشيخ. بينما دعا ماكي سال رئيس السنغال والرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي إلى ضرورة تعزيز جميع الالتزامات الخاصة بمواجهة تداعيات تغير المناخ وقال إن "المبلغ المخصص سابقا وهو 100 مليار دولار لم يعد كافيا ولابد أن يرتفع إلى 200 مليار دولار بما يمكنا من تحقيق الأهداف المرجوة". وأضاف سال أن "كل من تسبب في التلوث ينبغي أن يدفع تكلفة مواجهة كوكب الأرض للأخطار الطارئة الناجمة عن ذلك"، وأشار إلى أن مؤتمر المناخ فرصة من أجل إحداث تحول تاريخي في هذه القضية. من جهته قال رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "نجتمع اليوم في وقت حرج لكوكبنا الذي يواجه تحديات معقدة من أهمها تغير المناخ الذي أصبح يؤثر على الاستقرار والأمن في العالم وبما أننا لا نملك إلا أرضا واحدة من الضروري أن نوحد جهودنا لمعالجة هذا التحدي". وأكد الشيخ محمد بن زايد مواصلة الإمارات خفض الانبعاثات التي تؤثر على تغير المناخ قبل أن يضيف "بدأنا منذ عقود العمل على تنويع اقتصادنا وبناء القدرات في الطاقة المتجددة والنظيفة وكانت الإمارات أول دولة في المنطقة تعلن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050"، لافتا إلى توقيع الامارات والولايات المتحدة قبل أيام اتفاقية شراكة لاستثمار 100 مليار دولار لإنتاج 100 جيجاوات من الطاقة النظيفة في مختلف أنحاء العالم. ووجه رئيس الإمارات الذي ستستضيف بلاده النسخة القادمة للمؤتمر "كوب 28" دعوة مفتوحة إلى الجميع للتعاون في إيجاد حلول عملية تسهم في معالجة الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ الذي يستهدف الجميع دون استثناء. فيما قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إن "مخاطر التغير المناخي القاتلة ما زالت بازدياد مطرد تدفع ثمنه جميع الدول خاصة الدول النامية". ودعا إلى "إطلاق جملة من الإجراءات للتعامل مع التغير المناخي على مستوى جديد لتكون قادرة على إحداث التغيير الملموس وتحقيق النتائج بسرعة وفاعلية كبيرتين". وأشار إلى التهديدات المناخية التي يواجهها الأردن حيث تراجع متوسط هطول الأمطار إلى النصف وتراجع نصيب الفرد من المياه بنسبة 80% كما تراجع منسوب مياه البحر الميت بمعدل ثلاثة أقدام سنويا فيما تتدفق في نهر الأردن 7% فقط من المياه بالمقارنة مع معدلها التاريخي. ووجه دعوة ملحة لإنقاذ مواقع التراث العالمي المهددة بفعل التغير المناخي في بلاده مشيرا إلى أن "البحر الميت ونهر الأردن كنوز من الماضي وموروث للمستقبل ويتحتم علينا ألا نكون الحلقة التي تكسر هذا الرابط". وتابع أن "الأمم المتحدة تقر بأن اللاجئين حول العالم والدول المستضيفة الأكثر عرضة لآثار التغير المناخي ولمعالجة هذه الأزمة تقدم الأردن بمبادرة تحت مسمى (مترابطة المناخ - اللاجئين) بهدف إعطاء أولوية الدعم للدول المستضيفة التي تتحمل عبء التغير المناخي لذا ندعوكم للانضمام إلينا في المصادقة على هذه المبادرة". وعلى هامش المؤتمر، عقدت اليوم مائدة مستديرة للتمويل المبتكر للمناخ والتنمية برئاسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبحضور رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي. وأكد مدبولي "أهمية إنشاء آليات مبتكرة لتمويل المناخ من أجل تنفيذ سياسات التكيف وكذا تعويض الخسائر والأضرار"، مشددا على أن "الاستجابة العالمية السريعة أمر لا مفر منه" من أجل معالجة قضايا المناخ الملحة. وأشار إلى أنه "في إطار جهود الحكومة المصرية لمواجهة تغير المناخ وآثاره، فإن مصر ستطلق مبادرة (العمل من أجل التكيف مع المياه والصمود)"، داعياً جميع الأطراف لدعمها من خلال الاستثمار فيها ووضعها موضع التنفيذ.
مشاركة :