يستعد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو لتشكيل حكومة جديدة في الأسابيع المقبلة بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية العامة التي جرت الأسبوع الماضي. وبدأ نتنياهو (73 عاما) يوم أمس (الأحد) مفاوضات ائتلافية غير رسمية مع شركائه المتوقعين لتشكيل الحكومة. ويقود نتنياهو زعيم حزب الليكود كتلة يمينية تمكنت من تأمين أغلبية بواقع 64 مقعدا في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) المكون من 120 مقعدا. ومن المتوقع أن يقود نتنياهو أطول رئيس وزراء حكما في تاريخ إسرائيل، حكومة يمينية ضيقة تتألف من الليكود وشاس ويهودت هتوراة والصهيونية الدينية. ويتزعم حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش وشريكه إيتمار بن غفير وكلاهما لديه آراء معادية للعرب ويعارضان تقديم أي تنازلات للفلسطينيين كما يؤيدان ضم الأراضي في الضفة الغربية التي سيطرت عليها إسرائيل في حرب 1967. في حين يرى الفلسطينيون هذه الأراضي على أنها جزء من دولتهم المستقبلية، بينما يعتبر المجتمع الدولي سيطرة إسرائيل على هذه الأراضي غير قانونية. وأعرب بن غفير عن دعمه لترحيل المواطنين العرب في إسرائيل من البلاد، وغالبا ما أشار إليهم على أنهم "إرهابيون". وخلال الحملة الانتخابية، قال بن غفير إنه سيطالب بوزارة الأمن العام، في حين أشار سموتريتش إلى أنه مهتم بتعيينه وزيرا للدفاع. ويرى مراقبون إسرائيليون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن هذه المواقف قد تضع حكومة إسرائيلية جديدة على خلاف مع العديد من حلفائها في الخارج وستضع نتنياهو أمام اختبار ذاتي. وقال جدعون رهط أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس إن "نتنياهو سيحاول تهدئة هذه القوى ومحاولة احتوائها، لكن سيضع في الحسبان أن هذه القوى الجديدة هي جزء لا يتجزأ من تحالفه". وأضاف رهط "ستكون هناك توترات بين السياسة الخارجية الإسرائيلية والسياسة الداخلية وصراعات التحالف الدولي". وجاء حزب الصهيونية الدينية ثالث أكبر حزب في الكنيست، ويعتقد أن صعوده الحالي يعود لأسباب عديدة أحدها التوترات المتزايدة خلال الأشهر الأخيرة بين الأغلبية اليهودية والأقلية العربية التي تشكل ما يقرب من عشرين بالمائة من سكان إسرائيل. أيضا خلال الأشهر الأخيرة زاد التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين في الضفة الغربية وقد أدى العنف المتزايد إلى مقتل أكثر من مائة فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي، في حين قتل 21 إسرائيليا في هجمات نفذها فلسطينيون منذ مارس الماضي. وخلال هذه الفترة تعهد بن غفير بموقف أكثر صرامة تجاه العنف المتزايد. وقال جوناثان رينهولد الأستاذ في قسم الدراسات السياسية بجامعة بار إيلان "بينما سعت الحكومة السابقة ونتنياهو من قبلها إلى كبح جماح الأمور وإبقاء الأمور هادئة وإدارة الصراع، سيكون هناك صوت عال في الحكومة المقبلة حتى لو لم يكن الصوت المهيمن، الذي سيسعى إلى التصعيد فعليا". ومع استمرار التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين سيكون هناك ضغط على نتنياهو للعمل بشكل حاسم وربما استخدام المزيد من القوة لقمع العنف، ويمكن لحزب الصهيونية الدينية الذي يؤيد ضم الضفة الغربية أن يدافع بقوة عن هذا التوجه. وخلال الحملات الانتخابية السابقة، تعهد نتنياهو بضم أراضي الضفة الغربية إلى إسرائيل لكنه فشل في الوفاء بوعده، ربما كان هذا بسبب الخوف من رد الفعل الدولي المتوقع من مثل هذه الخطوة. في الماضي أيضا كانت أحزاب الوسط داخل تحالفه هي التي منعته من القيام بمثل هذه الخطوة. وقال رهط في حديث مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إن "السؤال الرئيسي هو ماذا سيفعل نتنياهو في الضفة الغربية لأن ضغط ائتلافه قد يلعب دورا مهما في إضعاف السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس بشكل أكبر، إلى الدرجة التي قد تدفع عباس إلى حل السلطة مما يعني عودة إسرائيل لحكم هذه المناطق وهذا هو حلم شركاء نتنياهو في التحالف وهذا من شأنه أن يغير الأمور حقا". وعلى الرغم من ذلك، من المحتمل أن يقوم نتنياهو بأي مجازفات كبيرة في هذا الشأن من أجل ضمان بقائه السياسي. وقال رينهولد لـ ((شينخوا)) "ليس واضحا ما هو موقف نتنياهو، إنه سياسي أكثر حذرا بشكل عام وسينظر إلى عواقب فعل ذلك وأشك في أنه سيفعل ذلك ما لم يعتقد أنه يمكن أن يفلت من العقاب دون دفع ثمن باهظ"، مستدركا "إلا أن هذا لا يعني أنه قد لا يخطئ التقدير". كانت القضية الرئيسية في انتخابات الأسبوع الماضي هو قدرة وأهلية نتنياهو الذي يخضع لمحاكم فساد في قيادة إسرائيل. ووعد نتنياهو شركاءه في الائتلاف بإصلاح النظام القضائي وإجراء تغييرات قد تلغي المحاكمة ضده، ويرى نتنياهو الذي ينفي ارتكاب أي مخالفات، المحاكمة بأنها اضطهاد له ولأنصاره، في حين يعارض خصومه هذه الإصلاحات القضائية.
مشاركة :