مع انطلاق مسيرة عام 2016 يتواصل تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا. وتقدر الأمم المتحدة أن نحو مليون شخص، نصفهم سوريون عبروا البحر متوجهين إلى أوروبا العام الماضي. وبينما يواصل اللاجئون المجيء، يتزايد يأس قادة أوروبا فيما يتعلق بالتوصل إلى طرق للتعامل مع المسـألة، وتخفيف التدفق. وفي الوقت ذاته، شهدت أواخر عام 2015 حديثا متزايدا عن التحالفات ضد داعش. وفي أعقاب هجمات باريس في نوفمبر الماضي، تحدث القادة الأوروبيون عن زيادة الجهود لمواجهة التنظيم. وفي ديسمبر الماضي، أعلنت المملكة العربية السعودية تحالفاً جديداً للدول الإسلامية لقتال المجموعات الإرهابية. وفي الولايات المتحدة، تحدث المرشحون للرئاسة عما يعتزمون فعله كي يواجهوا التنظيم. أولوية دولية قتال داعش يجب أن يكون أولوية دولية. إلا أن التركيز المتزايد على هذه المجموعة الإرهابية يواجه خطر تشتيت القادة السياسيين عن أهم عامل يحرك الصراع السوري ويوجد اللاجئين، وهو نظام بشار الأسد. ومن خلال الاعتراف بدور تنظيم داعش في الصراع، فإن هؤلاء الذين يريدون وقف تدفق اللاجئين يجب أن يفهموا أن نظام الأسد يواصل كونه العامل الأبرز في دفع السوريين لترك منازلهم. أي نهج سياسة لا يأخذ بشكل واقعي هذه الحقيقية في الاعتبار سيفشل في أن يكون له تأثير رئيسي على أزمة اللاجئين. قتال داعش أمر مهم للأمن العالمي والإقليمي، إلا أن التركيز عليه، بينما يتم تجاهل دور قوات الأسد في تأجيج الصراع، لن يقود إلى حلول دائمة بشأن أزمة اللاجئين. القدرات الجوية الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي تعتبر إحدى المنظمات القليلة التي تتبع أخبار الضحايا المدنيين، أعلنت أن نحو 73% من الضحايا المدنيين عام 2015 نسب سقوطهم إلى القوات الحكومية السورية، بينما بلغت نسبة القتلى على يد قوات داعش 8%. أحد الأسباب التي لأجلها يعتبر النظام أكبر مصدر للضحايا المدنيين هو استخدام القدرة الجوية، التي تعززت خلال الأشهر الأخيرة بسبب روسيا. واشتهر النظام بسمعته السيئة لاستخدامه الأسلحة، مثل البراميل المتفجرة التي تسقطها طائرات الهليكوبتر، الذخائر العنقودية وغاز الكلور، الذي يتسبب بسهولة وبشكل عشوائي في العدد الكبير من الضحايا المدنيين. استخدام القوات الحكومية للعنف المنظم، لا سيما في مناطق الحضر، يعد عاملاً أساسياً لحمل السوريين على ترك البلاد. في الواقع، لعب النظام دورا كبيرا في نشر بذور الصراع، وفشل في السيطرة على البلاد، وأدى إلى زيادة الوضع سوءاً من خلال نشر العنف ضد المدنيين. القادة الدوليون الذين يريدون مواجهة المتطرفين وتقليل تدفق اللاجئين يجب أن يدركوا أن الأسد عامل أساسي في المشكلة، بدلاً من كونه طرفا ضروريا في الحل. أزمة اللاجئين لن تنتهي حتى تصبح سوريا آمنة من حكومتها. مسوحات الباحثون من مركز برلين للعلوم الاجتماعية عملوا مع منظمات عديدة للقاء 889 لاجئا سوريا في خمس مدن ألمانية. وكشفت المسوحات عن أن 70% من المستطلعين فروا من سوريا بسبب نظام الأسد، مقارنة بنحو 32% فروا بسبب داعش وعدد أقل من المجموعات المقاتلة الأخرى.
مشاركة :