أكد مختصو اقتصاد بارزون أن الاستقرار العالمي يواجه مخاطر لم تحدث منذ وقت طويل مشيرين إلى أن تلك المخاطر تلقي بظلالها على جميع قطاعات الاقتصاد، سواء المتعلق منها بالبيئة أو المجتمع أو الاقتصاد أو السياسة أو التقنية، حيث ارتفعت خلال الأشهر الـ12 الماضية بشكل كبير. وبحسب "الألمانية"، فقد ذكر تقرير عن المخاطر التي يواجهها الاقتصاد العالمي نشره المنتدى الاقتصادي العالمي في لندن أمس أن رؤساء الشركات وعلماء الاقتصاد الذين تم استطلاع آرائهم في إطار الدراسة والبالغ عددهم إجمالا نحو 750 شخصية أكدوا أن استمرار تدفق اللاجئين هو الخطر الأكثر احتمالا على الاقتصاد العالمي يليه خطر الفشل في سياسة المناخ، إضافة إلى القلق إزاء تنامي الفجوة في الدخل، وكذلك الخوف من التعرض لهجمات إلكترونية وهو الذي يمثل خطرا بالنسبة للدول الصناعية بشكل خاص. وجاء في التقرير أنه لم تتوافر أبدا منذ بدء إعداد هذا التقرير السنوي مخاطر بهذا التشعب الواسع وأن المخاطر تزداد تشابكا مع بعضها بعضا، وقالت مارجاريتا درتسنيك، خبيرة الاقتصاد بالمنتدى، معلقة على الدراسة: "نعلم أن التغير المناخي يزيد من حدة مخاطر أخرى مثل الهجرة والأمن ولكن ليست هذه هي العلاقات الوحيدة بين المخاطر التي تواجه الاقتصاد وتتسارع بشكل هائل وغالبا ما يكون لها عواقب صعبة التنبؤ على المجتمعات". وقبل الاجتماع السنوي، الذي يعقده المنتدى في دافوس الأسبوع المقبل وصف تقرير المخاطر العالمية لعام 2016 الذي أصدره المنتدى أزمة المهاجرين بأنها أكبر خطر منفرد من حيث احتمال حدوثه، بينما اعتبر تغير المناخ المشكلة التي تنطوي على أكبر التداعيات المحتملة. وقد تسببت الصراعات المختلفة من سورية إلى جنوب السودان في نزوح نحو 60 مليون شخص عن بيوتهم، الأمر الذي دفع موجات اللاجئين إلى الوصول إلى مستويات قياسية تزيد بنحو 50 في المائة على مستواها خلال الحرب العالمية الثانية. ومن علامات الخطر الأخرى المخاوف الاقتصادية، ولا سيما ما يتعلق منها بالنمو الصيني وأحداث الطقس المتطرف، التي تتكرر بوتيرة متصاعدة، الأمر الذي أدى إلى زيادة كبيرة في المخاطر عن أي وقت مضى في تاريخ هذا الاستطلاع الذي بدأ قبل 11 عاما. وأشار جون درزيك رئيس قسم المخاطر العالمية لدى شركة مارش للوساطة التأمينية الذي أسهم في وضع التقرير إلى أن كل خطر من المخاطر تقريبا زاد الآن عما كان عليه في العامين الأخيرين وهذا يرسم بيئة عامة من الاضطراب، مضيفاً أن المخاطر الاقتصادية عادت بقوة إلى حد ما، حيث تعتبر الصين وأسعار الطاقة وفقاعات الأصول الاستثمارية كلها مشاكل كبيرة في دول عديدة. وفي العام الماضي جاء خطر الصراع بين الدول على رأس قائمة المخاطر للمرة الأولى بعد أن سلط التقريران السابقان الضوء في الأغلب على المخاطر الاقتصادية. وهيأ وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن - أحد المشاركين في اجتماعات المنتدى في منتجع دافوس للتزلج على الجليد في جبال الألب - الأجواء في الأسبوع الماضي عندما حذر من أن عام 2016 بدأ بمزيج خطير من التهديدات الجديدة. وسيجمع لقاء المنتدى من 20 إلى 23 كانون الثاني (يناير) في دافوس بين أطراف من بقاع ساخنة على المستوى الجيوسياسي وسيشارك فيه أكبر وفد أمريكي يشارك في اجتماعات المنتدى على الإطلاق وعلى رأسه نائب الرئيس جو بايدن. ومن المرجح أن تهيمن المشاكل المباشرة من توترات في الشرق الأوسط وأسواق الصين المضطربة وانخفاض أسعار النفط على ما سيدور من محاورات في دهاليز دافوس. غير أن مصادر القلق في الأجل الطويل كما صورها التقرير تتركز أكثر على اتجاهات ملموسة واجتماعية، ولا سيما أثر التغيرات المناخية وما يصاحبها من مخاطر نقص المياه والأغذية. وفي حين أن اتفاق المناخ، الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي في باريس قد يكون بمنزلة إشارة للمستثمرين كي ينفقوا تريليونات الدولارات على إبدال محطات الكهرباء، التي تعمل بالفحم بمحطات تعمل بالطاقة الشمسية وبطاقة الرياح فهو لا يمثل سوى خطوة أولى. ومن الاحتمالات غير المتوقعة أن يحدث هجوم عبر الإنترنت، ويصف قادة الأعمال في دول متقدمة عدة من بينها الولايات المتحدة واليابان وألمانيا هذا الاحتمال بأنه خطر جسيم لعملياتهم رغم أنه ليس على رأس قائمة المخاطر. وحلل التقرير 29 بندا من المخاطر العالمية من حيث احتمال حدوثها ومن حيث أثرها لفترة تمتد عشر سنوات، وذلك من خلال استطلاع آراء ما يقرب من 750 من المختصين وصانعي القرار.
مشاركة :