الشارقة - خاص أكد عدد من الروائيين خلال جلسة "مستقبل تأليف وقراءة الروايات" التي عقدت ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب الـ 41 ، أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تمثل التحدي الأبرز بالنسبة للرواية، فقد تؤثر سلباً من حيث تراجع مستوى القراءة، لكنها في الوقت ذاته تلعب دوراً إيجابياً في تحرير المواهب الشابة من سلطة النقاد. استضافت الجلسة كلاً من الأديب الروائي د. واسيني الأعرج، والروائية نجوى بن شتوان، والروائي الإماراتي عبدالله النعيمي، وتحدثوا خلالها عن راهن الرواية العربية، وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي على معدلات القراءة، وقدرتها على تحقيق الجماهيرية للأعمال الأدبية والكتاب في المنطقة والعالم. وقال الأديب والروائي د. واسيني الأعرج: "لا أرى أن الرواية تعاني من إنذار مستقبلي، ولا أرى مخاطر على الرواية العربية، لأن هناك فائضاً مُنتجاً كبيراً بالنسبة للكتابة الروائية؛ فيجب أن نتعلم قبول المختلف وأن نكمل عملية الفرز الثقافي باعتبارها طبيعية"، مشيراً إلى أن هناك ظواهر كثيرة مرتبطة بالرواية؛ فمثلاً شكسبير تم إخراجه من مدفنه بعد 200 سنة في الوقت الذي كان غير معترف به في عصره واتهم بأنه يشوه المسرح، لكن قوة وسلطة التاريخ فرضت كل شيء، فنتذكره اليوم ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك. وقال واسيني الأعرج: "الكم ليس دائماً دليلاً سلبياً، فلا يُخاف على الرواية لكن يمكن أن يُخاف على الشعر بصورة أكبر، فاليوم نحن نتحدث عن موت الشعر؛ وفي رأيي فإن نقاد الشعر هم الذين قتلوا الشعر، لأنه يعتبر لغة أرستقراطية منتقاه ونظاماً مركّباً، وهذا النظام جعل الشعر يمثل قيمة خاصة للنخبة، بينما الرواية التي كلما ظن الناس أنها بدأت تنتهي تعود ولديها إمكانية لاستقبال كافة المستجدات، وجنس من هذا النوع لا يُخشى عليه لقدرته على تقبل ذلك". وأوضح أن "مواقع التواصل الاجتماعي" يمكن أن تلعب دوراً مهماً في الرواية بأن تحول إلى أفلام أو مسلسلات، فإذا خرجت مواقع التواصل الاجتماعي من الدائرة الضيقة يمكن أن تجعل من الرواية قيمة ثقافية وحضارية، مشيراً إلى أن علاقة القارئ مع الكتاب الورقي مازالت كبيرة، وقضية حقوق التأليف مقدسة. بدورها، قالت الكاتبة والروائية الليبية نجوى بن شتوان، إن كثرة الكتّاب شيء طبيعي ولا يمثل إشكالية للرواية، لأن الدرة لا تأتي منفردة فلابد أن يأتي كاتب مرموق وسط هذا الزخم؛ فالطبيعة تستقر بعد فترة على كاتب بحجم تولستوي وماركيز وشكسبير، ومن ثم نستطيع القول بأن النخبة تأتي تباعاً. وأضافت: "أكبر ما يواجه الرواية أو الكتابة بصفة عامة هو تشتيت "مواقع التواصل الاجتماعي" التي أخذت انتباه الناس صغاراً وكباراً وكذلك التطبيقات الصوتية والمرئية الاستهلاكية، فلم يعد هناك وقت للقراءة، وأصبحنا نحتاج إلى التحرر وهو أمر صعب لكنه ليس مستحيلاً؛ فنحن ككتاب نعزل أنفسنا إذا كان لدينا عمل أو مشروع ننجزه، لكن الطرف الآخر الذي يكمل عملية الكتابة هو المُشتت، كما أن فوضى الإعلام والدعاية لأشياء غير حقيقية احترافية تأكل من نصيب الآخر". وأشارت إلى أن الرواية تخضع مثل أي شيء للتكنولوجيا والتغير، فهي تكيّف نفسها لتعيش، ولأنها تحتوي على روح القصّ والإنسان يحب القصّ؛ فإن روح القصص لن تموت، وجوهر الرواية قائم على هذا المبدأ، ولأنها تعتمد على الخلق والإبداع وشئ به روح الإنسان، فلا أعتقد أن أي آلة في الكون ستكتب رواية رائعة بنفس القدر الذي يلعب به الحاسوب الشطرنج أمام الناس، مؤكدة أن الرواية تنبع من الإنسان وروح الشخص، لأن الآلة لا تستطيع أن تشعر بنفس ما يشعر به الإنسان. وقال الكاتب والروائي الإماراتي عبدالله النعيمي: "في عام 2014 قرأت مقالاً لأحد الكتاب الإماراتيين بعنوان (موت النص)، وكان يتحدث عن طغيان المقاطع المصورة والتغريدات على النص السردي الطويل، فأتذكر أنني اتصلت بالكاتب وناقشته في هذا المقال، وقلت له: هل تتنبأ أن الرواية تواجه تحدياً وجودياً في السنوات القادمة، فقال لي "نعم"، لكن اختلفت معه وقلت له إن "مواقع التواصل الاجتماعي" ستخدم الرواية على المدى الطويل وتحررها من سطوة الناقد، فستنقل النص الروائي من مجالس النقاد إلى حكم الشارع وتذوق العامة، وهذا أمر له جانب إيجابي وجانب آخر سلبي." وأضاف النعيمي: "هل ماتت الرواية الآن؟ وجهة نظري لا، فمواقع التواصل خدمت الرواية بشكل كبير جداً، واليوم استطاع القارئ الخليجي أن يصل إلى المغرب العربي وأوروبا وكل أرجاء العالم"، لافتاً إلى أن الروائيين الخليجيين كالكاتب الكبير عبد الرحمن غيث أو عبده خان لو عاش شبابهم في عصر مواقع التواصل الاجتماعي لتضاعفت جماهيريتهم؛ فهم حفروا في الصخر ليصلوا إلى الشارع المصري والمغربي لكن حضورهم الأساسي كان في منطقة شبه الجزيرة العربية". وأشار إلى أن الكاتب الذي يظهر حديثا تصل به مواقع التواصل إلى العالمية خلال 3 سنوات، مضيفاً: "حتى الآن أستطيع أن أرى المؤشرات إيجابية وليست سلبية".
مشاركة :