دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كشفت دراسة جديدة عن نقش مكوّن من سبع كلمات ظهر بالصدفة، على مشط مخصص لقمل الرأس يعود إلى 3700 عام، وهو عبارة عن أقدم جملة معروفة مكتوبة بأحرف أبجدية. وكُتب النقش على المشط العاجي باللغة الكنعانية، الأبجدية الأولى ومصدر اللغة اللاتينية المستخدمة اليوم لكتابة الإنجليزية والعديد من اللغات الأوروبية الأخرى. وتمثل الجملة نداءً متواضعًا، ربما يتوافق وأهل الأطفال الصغار اليوم: "على أمل أن يقضي هذا الناب على قمل الشعر واللحية". وتم تحديد مجموعات صغيرة من الحروف الكنعانية على أجزاء من الفخار ورؤوس السهام، لكنّها المرة الأولى التي يجد فيها العلماء جملة كاملة مكتوبة، بحسب ما أوضحه يوسف غارفينكل، أستاذ علم الآثار في الجامعة العبرية بالقدس، الذي أوضح أنها الأبجدية الأولى التي تستند إليها اللغة، ما يجعلها كشفًا بارزًا في تاريخ قدرة الإنسان على الكتابة. وقال غارفينكل، أحد المؤلفين المشاركين في الدراسة المنشورة في مجلة القدس لعلم الآثار إنه "لم يعثر على أمر مماثل من قبل. إنه ليس نقشًا ملكيًا خاصًا بالملك.. هذا أمر إنساني للغاية. فأنت تشعر بصلة مباشرة مع هذا الشخص الذي يملك هذا المشط". وكان أقدم نظام للكتابة نشأ قبل حوالي 5 آلاف عام، واستخدمه السومريون القدماء في بلاد ما بين النهرين (العراق اليوم). وإسوة بالكتابة الهيروغليفية المصرية، اعتمد هذا النظام، المعروف باسم الكتابة المسمارية في مراحلها اللاحقة، على مئات الصور التوضيحية لتمثيل الكلمات، والأفكار، والأصوات. ولفت غارفينكل إلى أنّ الكنعانيين كانوا أول من استخدم الحروف التي تمثّل الأصوات في نظام الكتابة الخاص بهم، التي تطورت لاحقًا إلى الأبجدية الفينيقية واليونانية، وصولًا إلى الأبجدية اللاتينية الأكثر استخدامًا اليوم. وأشار غارفينكل إلى أنّ الكنعانيين اخترعوا الأبجدية.. وراهنًا، مطلق شخص في العالم يقرأ ويكتب مستخدمًا نظام الأبجدية، ما يُعتبر حقًا أحد أهم الإنجازات الفكرية للبشرية. وتابع أنّه "عندما تكتب باللغة الإنجليزية، فأنت عمليًا تستخدم اللغة الكنعانية". Credit: Dafna Gazit/Israel Antiquities Authority اكتشاف بالصدفة واكتُشف المشط عام 2016، في موقع لخيش الأثري في إسرائيل، لكن، لم يظهر النقش عليه حتى عام 2021، عندما لاحظت مادلين مومكوغلو، وهي باحثة مساعدة في الجامعة العبرية بالقدس، النقش لأول مرة بعدما كبّرت لقطة للمشط بتلفونها iPhone بعد الانتهاء من دراستها لبقايا القمل الموجودة على القطعة الأثرية. وقالت: "لقد التقطت للتو صورة بجهازي iPhone. كانت ضبابية، لذا وضعت المشط تحت الضوء القوي والتقطت صورة أخرى". وفوجئت مومكوغلو برؤية الأحرف السطحية على المشط الصغير. بعد دراسة متأنية، وحدد فريق الباحثين 17 حرفًا، تُشكل الكلمات السبع. ولم يتمكن الباحثون من تحديد تاريخ المشط بشكل مباشر رغم إجراء محاولتين لتحديد تاريخه بالكربون المشع. كما لم يتمكنوا من استخراج الحمض النووي من بقايا القمل المغروسة في المشط. ويعتقد فريق الدراسة أنها تعود إلى حوالي عام 1700 قبل الميلاد بناءً على مقارنة الحروف مع تلك الموجودة على الفخار أو الخزف ذات التواريخ المحددة. ورأى كريستوفر رولستون، أستاذ اللغات السامية الشمالية الغربية وآدابها في جامعة جورج واشنطن، غير المشارك في الدراسة، أنّ هناك "هامشًا لمناقشة التاريخ الدقيق" للمشط، لكنّه وافق على أن النقش يعود إلى النصف الأول من الألفية الثانية قبل الميلاد، وقال إن العمل الذي قام به الفريق لفك النقش كان "رائعًا". وتابع أنّ "حقيقة أنّ هذا النقش متّصل بيوميات الحياة لأمر رائع على نحو خاص"، مضيفًا: "لطالما شكّل القمل مسألة مستمرة عبر تاريخ البشرية"، ولافتًا إلى أنه "لا يسعنا إلا أن نأمل أن يكون هذا المشط المنقوش مفيدًا للهدف الذي يفترض أن يحققه، أي اقتلاع بعض هذه الحشرات المزعجة". Credit: Daniel Vainstub ويبدو تصميم المشط شبيهًا بأمشاط القمل المصنوعة حاليًا من البلاستيك أو المعدن. وعلى أحد الجانبين ثمة 14 سنًا ناعمًا لإزالة القمل وبيضه، فيما توجد ستة أسنان متباعدة على الجانب الآخر تستخدم لفك تشابك الشعر المعقود. ولطالما أزعج قمل الرأس البشر. وأقرب دليل مباشر، وجود بيضة قملة سليمة عمرها 10 آلاف سنة على شعر مومياء برازيلية، لكن تحليل الحمض النووي يشير إلى أننا نتعايش مع قمل الرأس لفترة أطول. وتعتقد مومكوغلو أنّ النقش وحقيقة أنّ المشط مصنوع من عاج الفيل، من الدلائل التي تشير إلى أنه ربما كان هدية من شخص مهم، قائلة: "من وجهة نظري، كان منتجًا خاصًا بعلية القوم". وما أثار دهشتها صغر حجم المشط، والذي يبلغ 3.5 سم في 2.5 سم (1.4 بوصة في 1 بوصة). وعلَقت أنّه "ربما احتُفظْ به واستُخدم سرًا. وربما في ذلك الوقت، كان الناس يشعرون أيضًا بالخجل من إصابتهم بقمل الرأس".
مشاركة :