بين هيكل عظمي يرجع لأكثر من 35 ألف عام وقطع أثرية من العصر الإسلامي يعرض المتحف المصري المطل على ميدان التحرير بالقاهرة 226 قطعة أثرية مستردة تعطي ملامح لأكثر من مرحلة تاريخية وتتراوح بين قطع كبيرة وأخرى لا تزيد على بضع سنتيمترات. ففي صدارة المعرض الذي افتتح اليوم الخميس تابوتان خشبيان أكبرهما مستطيل ومزخرف بقلادة عريضة على صدر صاحبته واسمها "شسب آمون تاي اس حرت" وترتدي شعرا مستعارا. ويحمل التابوت زخارف بألوان زاهية ورسوما تمثل آلهة فرعونية لحماية المتوفاة في الحياة الآخرة وفقا لعقيدة قدماء المصريين. وتقول بطاقة سجلت بجوار التابوت الذي يرجع إلى العصر المتأخر الذي انتهت معه آخر أسرة فرعونية (نحو 1085-332 قبل الميلاد) إنه ضبط في مرآب لتصليح السيارات في بروكلين بنيويورك عام 2009 "بعد أن تم تهريبه من مدينة دبي". واستعادت مصر التابوت من الولايات المتحدة عام 2014 ضمن قطع أخرى. وأصغر قطع المعرض أربعة تمائم مصنوعة من الفيانس -وهو مركب من مادة يختلط فيها الفخار والزجاج والسيلكون- لثلاثة آلهة مصرية هي إيزيس وسخمت وبتاح باتيك وبعضها لا يزيد على ثلاثة سنتيمرات واستردت من ألمانيا عام 2015. وقال ممدوح الدماطي وزير الآثار المصري في افتتاح (معرض الآثار المستردة.. 2014-2015) إن أي قطعة أثرية لها قيمتها التاريخية والأثرية والحضارية أيا كان حجمها مشددا على استمرار الجهود القانونية والدبلوماسية لاسترداد الآثار المصرية المهربة باعتبارها "تراثا حضاريا إنسانيا." وأضاف أن المعرض يضم قطعا مستردة من فرنسا وأمريكا وألمانيا والدنمرك وبريطانيا وبلجيكا والنمسا وجنوب افريقيا ويتيح لزائره أن يتعرف "لأول مرة" على قطع أثرية من الحضارة المصرية لم تعرض من قبل وأنه يتزامن مع الاحتفال بالعيد السنوي للأثريين المصريين. وشهد يوم 14 يناير 1953 ما يسميه الأثريون "تمصير مصلحة الآثار" حيث عين مصطفى عامر أول رئيس مصري لمصلحة الآثار. وقال الدماطي إن أقدم قطع المعرض هو "ثاني أقدم هيكل بشري في مصر" ويرجع لأكثر من 35 ألف عام وإنه يعكس تاريخ تطور السلالات البشرية في البلاد وإن بعثة بلجيكية اكتشفته عام 1980 في نزلة خاطر بمحافظة سوهاج الجنوبية في حفرة طولها 160 سنتيمترا وإنه "كان مستلقيا على ظهره" وإن صاحبه توفي بين 17 و20 عاما. وأضاف أن البعثة أخذته إلى جامعة لوفان في بلجيكا للترميم "للدراسة" وإن محاولات جرت منذ عام 2007 مع إدارة الجامعة التي وافقت على إعادته إلى مصر عام 2015. ومن القطع التي ترجع للعصر الروماني عملات معدنية أثرية ضربت في مدينة الإسكندرية الساحلية وبعضها يحمل صورة الإمبراطور تيبريوس الذي حكم بين عامي 14 و37 ميلادية وبعضها يحمل صورة الإمبراطور كلاوديوس الأول الذي حكم بين عامي 41 و54 ميلادية وعلى ظهر العملة صورة زوجته الإمبراطورة ميسالينا وأغلب العملات تحمل صورة الإمبراطور نيرون الذي حكم بين عامي 54 و68 ميلادية مرتديا التاج. ومن أحدث قطع المعرض أجزاء خشبية مطعمة بالعاج والأبنوس انتزعت من منبر مسجد الأمير جانم البهلوان وهو من أمراء المماليك وبعد سرقتها عام 2008 ضبطت في طرد بريدي في كوبنهاجن ثم استعادتها مصر بحكم قضائي عام 2014. وقال خالد العناني المشرف على المتحف المصري لرويترز إن الصعوبة التي تواجه مصر في استعادة آثارها المهربة تتمثل في القطع نتاج الحفر خلسة أو القطع التي خرجت من البلاد قبل صدور قانون عام 1983 الذي منع تداول الآثار وبيعها.
مشاركة :